نعم، الدستور سيمر حتى لو أدى الأمر إلى تزوير التصويت! أي أن السلطة لن تتورع عن تزوير أصوات النواب.. أي تزوير التزوير هذه المرة.. نعم هناك مؤشرات عديدة تدل على أن السلطة أصبحت لا تتحكم كما يجب في أصوات النواب الذين ينتمون لأحزاب الموالاة، بسبب الشطط الذي مارسته السلطة في إنهاء دور النواب حتى من الناحية الشكلية.أولا: رأينا كيف مُرر قانون المالية بواسطة تزوير التزوير، لأن بعض نواب الموالاة هالتهم التجاوزات التي أحدثتها الحكومة في قانون المالية ضد مصلحة الشعب، وأدى الأمر إلى أن أحزاب الموالاة لم تعد تتحكم في أصوات نوابها، فاضطرت لتمرير قانون المالية بواسطة الترابندو المضحك الذي لاحظناه عند جلسة التصويت.ثانيا: السلطة والأحزاب لم تعد تتحكم في ملفات النواب كما يجب لدفعهم بالسير في الاتجاه الذي تريده، لأن حل حزب الأحزاب الذي يسمى (D.R.S) قد حرّر هؤلاء النواب من الضغوط الهائلة التي كان الجهاز يمارسها عليهم، فقد كان حزب الأحزاب هذا يسيّر هؤلاء النواب لملفات خفية.. فمن يباع بالمال تتم عملية شرائه، ومن “يخشِّن” رأسه يُهدد بالملفات.. وقد يصل الأمر حتى إلى الملفات الشخصية والأخلاقية. لهذا فإن هؤلاء النواب الذين عُينوا بالتزوير تتم عملية تسييرهم وفق الملفات التي عينوا على أساسها، وهي ملفات عادة ما تكون حالكة السواد. فالعلبة السوداء التي تستخدمها الرئاسة الآن ليست بمستوى علبة (D.R.S) سابقا.اليوم لا يوجد من باستطاعته أن يهدد هؤلاء بأمور جدية تحملهم على التصويت وفق ما يريده الرئيس ومحيط الرئيس. وهنا تكمن الصعوبة.ثالثا: الجهة أو الجهات التي أسندت لها مهمة الإشراف على تمرير الدستور عبر البرلمان، هذه الجهات لا تملك القدرة الكافية لإقناع الناس، ولا تملك الاحترام الكافي لها من طرف النواب أو حتى شبه النواب، ويستوي في ذلك الوزير الأول الذي يقدم المشروع أو رئيس مجلس الأمة أو رئيس الفرقة السفلى، وهذا ما يفسر التخبط الذي رأيناه في تحديد موعد التصويت وطرائف عرض القانون على الغرفتين! ولهذا سيمرر المشروع بمهزلة أسوأ من مهزلة قانون المالية، خاصة أن المعارضة ستتغيب عن الجلسة ولن تخسر شيئا، بل وتشوش بجدية على العملية بهذا الغياب السياسي المدروس.رابعا: الطريقة التي اختارها البرلمانيون بالعرض والمناقشة والموافقة على المشروع تزيد في تعقيد القضية، فإعطاء الكلمة لرؤساء الكتل البرلمانية معناه إعطاء الكلمة لأمثال طليبة وجميعي لتوجيه النواب للتصويت.. مثل هؤلاء إذا ظهروا في العملية فسيزيدون النواب النزهاء والشعب حنقا على هذا المشروع وعلى من صوت عليه، وبالتالي سيزيد من مضحكات تمريره! فهل هذه العملية كانت مقصودة أم هو مجرد أخطاء من لا يعرف السياسة؟!خامسا: النظام الآن في أسوأ حالته اقتصاديا وتنظيميا.. ولهذا فإن النواب الانتهازيين قد لا يحسبون حسابات صحيحة مع هذا النظام، وبالتالي لا يتورعون في “الحلب خارج طاسه” وهم لا يخسرون شيئا!لهذه الأسباب وغيرها فإن مرور المشروع سيكون مهزلة تزيد من متاعب النظام وتعزز قلة شرعيته[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات