38serv

+ -

تتواصل فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ47 بمشاركة 850 ناشر من 34 دولة عربية وأجنبية، تحت شعار “الثقافة في المواجهة”، وتحل مملكة البحرين ضيف شرف على المعرض، واختير الكاتب والروائي المصري جمال الغيطاني الذي رحل العام الماضي  عن عمر ناهز الـ70 عاما شخصية المعرض. وتشارك الجزائر بنحو 4 آلاف مؤلف و20 ناشرا، بينما تتعالى أصوات الناشرين المطالبة بضرورة إصدار قانون جديد ينظم حركة النشر في الجزائر، وإخراج الكتاب الجزائري من السوق المحلية. كانت زيارة معرض القاهرة الدولي للكتاب هذه المرة حافلة بالمغامرات والصدمات، بينما تسلل الخوف إلينا بمجرد وصولنا إلى البوابة الرئيسية للمعرض، حيث قابلتنا مجموعة من رجال الشرطة الذين طالبونا بالسير إلى جانب الحائط، فسألنا عن السبب، فأجابنا الشرطي بأن هناك اشتباها في وجود قنبلة، حيث إن أحدهم وضع حقيبة على بعد 200 متر عن البوابة الرئيسية وفر هاربا، وأنهم في انتظار وصول خبير مفرقعات وتفكيك القنابل، وبينما نحن نهم بالجري خوفا بقيت أعيننا معلقة تراقب الحقيبة.ولم يخف بعض العارضين الذي التقينا بهم امتعاضهم واستياءهم من الإجراءات الأمنية المشددة التي وصفها البعض بـ”المبالغة”، حيث تأخر دخول كتب عدد من دور النشر إلى قاعات العرض بسبب عملية التفتيش ومراجعة جميع الكتب واحدا واحدا، وهو الإجراء الذي يقول المتضررون منه إنه شكل خسائر مالية هم في غنى عنها، بالنظر لغلاء سعر إيجار الجناح والإجراءات الجمركية المعقدة.روايات واسيني الأعرج وكتب التاريخ تتصدر مبيعات جناح الجزائربمجرد دخول طاقم “الخبر” المعرض توجه مباشرة إلى المبنى الرئيسي، حيث يوجد جناح الجزائر بين الأجنحة الرسمية للدول المشاركة في المعرض، بعد غياب سنتين عن الجناح الرسمي، ولفت انتباهنا حضور الكتاب الجزائري، وإن جاء هزيلا مقارنة بدول أخرى، حيث شاركت دور النشر السنة الماضية بنحو 1200 كتاب فقط، أما هذا العام فقد وصل عدد الكتب المعروضة ما يقارب من 4 آلاف كتاب.وكشف يحياوي كمال، مدير مركزي للنشر والتوزيع بالمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، أن هناك إقبالا متزايدا على الكتاب الجزائري، وأن المؤسسة تشارك بـ500 عنوان، وإجمالي عدد الكتب 3500 و19 دار نشر من بينها الخلدونية، دار هومة، الأمة، القصبة، بلقيس والتنوير، مضيفا أن هناك إقبالا متزايدا على الكتاب الجزائري، خاصة كتب التاريخ والدراسات والقانون واللسانيات للدكتور عبد الرحمان حاج صالح، وبلغت نسبة المبيعات خلال أسبوع 60%، وكان لرواية واسيني الأعرج الأخيرة “حكايات العربي الأخير” نصيب الأسد ولقيت اهتمام رواد المعرض الذين مسحوها من على رفوف الجناح. ومن بين المؤلفات المعروضة أيضا “عبان رمضان - مرافعة من أجل الحقيقة” لحميد عبدالقادر، “فارس” لفريدة سلال، الاستعلام ـ رهان حرب صامتة لمحمد خلفاوي، إضافة إلى سلسلة من الروايات للراحل الطاهر وطار وواسيني الأعرج.الكتاب الجزائري.. المفقود المطلوب في المعرضصادفنا في تجوالنا بين أروقة المعرض عددا من الزائرين استوقفونا بسبب لهجتنا، وسألونا إن كنا جزائريين، وعندما أجبناهم اشتكوا لنا شح الكتاب الجزائري الذي يعتبرونه من أهم الكتب في دراستهم، ورافدا مهما من روافد المعرفة والبحوث والدراسات، الأمر الذي أكده الدكتور قاسم أحمد قاسم، عميد كلية القانون والعلوم السياسية بجامعة “دهوك” بالعراق، الذي يرى أن الكتاب الجزائري مرتب ومنسق، وقال لـ”الخبر”: “يهمني جدا باعتباري عميد كلية أن يطلع الباحث في جامعاتنا على جميع الاتجاهات والأفكار المأخوذة من مدارس مختلفة، ومن المعروف أن الجزائريين لديهم معرفة جيدة باللغة الفرنسية وخبرة التحدث والقراءة ومراجعة المصادر باللغة الفرنسية، وهذا أكيد له أثر إيجابي على تخصص القانون في الجزائر في الغالب، ومن المعروف أن القانوني لا يمكن أن يستغني عن المصادر القانونية الفرنسية، ومصادرهم باللغة الفرنسية لا تترجم جميعا للغة العربية وإذا ترجمت من قبل أشخاص ليس لهم إلمام بالفرنسية فلن تكون بالمستوى والدقة المطلوبة”.وعلى الجانب الآخر، التقينا بمجموعة من الناشرين الجزائريين الذين يزورون معرض الكتاب دون عرض كتبهم، واشتكوا لـ”الخبر” الإجراءات المتبعة في الجزائر في مجال الكتاب، وانتقدوا الطريقة المعتمدة في إخراج الكتاب وصناعته في الجزائر، والتي يرون بأنها “جد متخلفة”، وأكدوا أن صناعة الكتاب تتطلب الدقة والعمل الجاد وبعد نظر ودرجة وعي وعلم، كما شدّدوا على ضرورة وضع قانون من شأنه أن يضبط الشروط التي يجب توفرها لإنشاء دار نشر وإزالة العراقيل من أجل التعريف بالمكتبة الجزائرية وسهولة المشاركة في المحافل الثقافية العربية والدولية.وفي السياق، كشف حمزة زموري، المسؤول التجاري بالمركز الجزائري للتوثيق لـ”الخبر”، أنهم يشاركون في المعرض بـ300 مؤلف لثماني دور نشر، يؤكد دائما حرص المركز على المشاركة في معرض القاهرة للكتاب دوريا، رغم الظروف الصعبة التي تواجهه وكذا غلاء الأسعار، حيث بلغ سعر 9 أمتار في المعرض 1600 دولار.الغيطاني.. الذاكرة التي لا تموتجمهور وقراء الكاتب المصري المعروف الراحل جمال الغيطاني على مواعيد مهمة جدا بندوات ومحاضرات تتحدث عن مسيرة هذا الكاتب المبدع، الذي كرس قلمه للدفاع عن وطنه والقومية العربية، وكانت له وقفات ومواقف عديدة مع الجزائر، أبرزها أيام الأزمة الكروية الشهيرة مع مصر، حيث كان الغيطاني من الأصوات العاقلة المصرية التي كانت تدرك جيدا أسباب الأزمة، ودعت في مناسبات عدة ومن خلاله كتاباته والعديد من المنابر الإعلامية إلى عدم الانسياق وراء ما كان يروّج له وقتها الإعلام المصري، وظل حال لسانه يدافع عن الجزائر والجزائريين، لمعرفته واحتكاكه بهم. ولأن الغيطاني شخصية محبوبة لدى الكبير والصغير، ارتأت إدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب وضع دمية كبيرة على شكل الغيطاني تتجول بين أروقة المعرض، فتجد العشرات مصطفين أمام هذه الدمية التي تداعب الأطفال، ما صنع حالة من البهجة لدى رواد المعرض الذين شعروا بنوع من الحنين والاشتياق لصوت هذا الرجل الذي اخترق جدار الصمت برفضه لكل أشكال الاستبداد والقهر ومحاولات تكميم الأفواه. وأعرب عدد من محبي أدب وكتابات الغيطاني ممن التقت بهم “الخبر” عن سعادتهم باهتمام معرض القاهرة بشخصية الغيطاني، وقالوا إنه أسعدهم في حياته وأمتعهم أيضا حتى بعد مماته بكل ما جادت به أنامله ومكتبته التي تركها للأجيال المتلاحقة ككاتب وصحفي ومراسل حربي، وكتاباته عن دور الأزهر الشريف في مواجهة الفكر المتطرف والإسلام المعتدل، وغيرها من الكتابات التي جعلت من الغيطاني أيقونة من أيقونات الأدب العربي، وكيف لا يشعر محبوه بالغبطة والسعادة والرضا، وهو الذي أشهر قلمه وارتدى رغبات حداثة وأمنيات استنارة، وفخخ الجهل والتخلف والتطرف، لمواجهة زمن أدمن رائحة التعفن.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات