الرأي العام الوطني والدولي يستغرب الهزال الذي يمارس به رجالات الحكم السياسة في الجزائر..1 - هل الخلاف المعلن بين سعداني وأويحيى هو خلاف بين حزبين متحالفين في الحكم، أم خلاف بين رجلين، ولا علاقة لخلافهما الشخصي هذا بالخلاف بين الحزبين؟! هل الأمر يتعلق بخلاف شخصي بين الرجلين على حب الرئيس وحب برنامج الرئيس، أم هو “غيرة” نساء في عصمة رجل واحد، ويتصارعان على “الحظوة” السياسية!من حق الرئيس بوتفليقة أن يخرق الدستور الذي دعا البرلمان للتصويت عليه، قبل أن يُعتمد، من خلال ممارسة التعدد بالحريم السياسي الذي يقيّده القانون والدستور.لكن الغريب فعلا هو ترك الرئيس هذا الحريم السياسي يشد بعضه بعضا من الشعر، في عركة فيها مواصفات عركة الحريم أكثر من عركة الغيرة السياسية!في سنة 1974 سافرت إلى كوناكري بجمهورية غينيا، رفقة الرائد مصطفى بلوصيف، مدير الموظفين في وزارة الدفاع، وجلول ملائكة، مسؤول حركات التحرير في جبهة التحرير، وعبد المجيد بوزبيد، مدير الإدارة في الأمن الوطني، وحسن الطيبي، أمين عام وزارة الداخلية.. أسكننا الغينيون في نزل يسمى نزل الثورة في كوناكري.. وفي أول يوم كنا نطل من شرفات الغرف على مجموعة فيلات محيطة بالفندق، وكانت من بين تلك الفيلات واحدة تسكن فيها عائلة الوزير الأول الغيني.. وشاهدنا معركة بين امرأتين في حديقة الفيلا، وعرفنا فيما بعد أنها بين زوجتين من أزواج رئيس الحكومة في عهد سيكوتوري.. كانت المعركة والشعر يتطاير.. تماما مثل معركة سعداني وأويحيى الآن! وكانت المعركة بين المرأتين تدور حول من منهما لها حق الانفراد برئيس الحكومة عندما يعود إلى البيت؟! تماما مثلما يتصارع سعداني وأويحيى حول موضوع من ينفرد ببوتفليقة بعد التصديق على الدستور؟!2 - كنا نعتقد أن مستوى أويحيى السياسي أكبر من هذا الذي ظهر به.. فقد وجه إلى الجنرال خالد نزار نقدا موفقا حين قال له: إن قولك أنك كتبت الاستقالة للشاذلي معناه أنك تؤكد حكاية الانقلاب عليه وليس الاستقالة.. وهو ما يهدّ من الأساس مسألة تبرير وقف المسار الانتخابي، ويقيم حجة الانقلاب على الشرعية التي يطرحها الفيس..لكن أويحيى وسعداني وولد خليفة وبن صالح، وربما معهم حتى الرئيس، يقولون إن تعديل الدستور المقترح لا يمس بالتوازنات الكبرى للنظام التأسيسي القائم، ولذلك يصح تمريره عبر البرلمان فقط.. ولكن من جهة أخرى، يقولون إن الدستور الجديد يؤسس لميلاد جمهورية ثانية فيها الدولة المدنية قائمة.. فكيف يتم الانتقال من الدولة (العسكرية) الحالية، إلى الدولة المدنية بعد تعديل الدستور دون المساس بالتوازنات الدستورية؟ إما أن الانتقال أكذوبة سياسية، وإما القول بعدم مساس التعديلات بالأسس الدستورية هو الأكذوبة!ولكن المستوى السياسي والقانوني لهؤلاء هو الذي جعلهم يقولون الشيء وضده، دون الشعور بالخجل السياسي مما يقولون. الواقع أن المنطق الذي يسير به الرئيس ورجال الرئيس، في موضوع التعامل مع الرأي العام، لا يدل على أن هؤلاء يقيمون وزنا للشعب وللمؤسسات، ولا حتى للرأي العام الدولي.. وهو يضحك على هذا الهزال الذي تمارَس به السياسة في بلادنا[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات