+ -

 لا أعرف حقًّا التبس بباطل، ولا مفاهيم زُوِّرَت عناوينها، مثل ما أعرف في أزمة الخليج الّتي يواجهها العرب الآن.من أجل ذلك أتحدث بحذر، وأستبين بصعوبة موضع قدمي، فأنا رجل أعمل للإسلام وحده، غير مرتبط بسلطة أو جانح لغرض، أو ناس لرسالتي! وأعرف أنّ العالم الإسلامي يعاني من أمراض موروثة، وأخرى مجلوبة، بيد أنّ سفاءه لن يكون على أيدي عداته، ولستُ أنتظر من تباع الملل الأخرى أن يعالجوا أسقامنا! وإذا لم نؤد نحن واجبنا نحو ربّنا وأنفسنا، فللقدر أسلوبه في تأديبنا، وهو أسلوب تحار فيه العقول، وقد تتناثر من حوله الأشلاء، وتصفّر ربوع كانت غناء، وأسرع شيء لاستنزال الرّحمة العليا أن نحسن الإسلام لله وتنفيذ أحكامه ورعاية حدوده.إنّني أرفض كلّ الرّفض أن يقول لي قادم من أوروبا أو أمريكا: اعلموا أنّ الشّورى حقّ والعدل الاجتماعي حقّ، وتكافؤ الفرص حقّ، وإشاعة الحريات حقّ، ونشر الإسلام في الدّنيا حقّ.. إلخ، ويسترسل في نصحه كأنّه يعلّمني ما أجهل أو يبصّرني بما لا أحسن رؤيته فكلّ هذا الّذي يقوله، عندنا صدر، ومنّا أخذ ولكنّنا ما أحسنا التّطبيق، ولا ابتعدنا عن التهم! وشيء آخر ألمحه وراء قوله! هو إحراج ديننا وتنفيذ حكم الموت فيه، هذا الحكم الّذي أصدرته الصهيونية والصليبية معًا ضدّه، وكانت الخطوة الأولى فيه إقامة إسرائيل، ودعمها وتقويتها حتّى غلب العرب جميعًا لو اتّحدوا! فكيف إذا تفرّقوا؟!وكانت الخطوة التالية سلخ العروبة عن الإسلام وصبّها في قالب اشتراكي علماني؟ وابتداع صيحات القومية العربية لتكون بديلاً عن الإسلام ذاته! ثمّ جاءت الخطوة الأخيرة ليضرب العرب بعضهم بعضًا في صراع فناء المستفيد منه معروف، فلو أنّ أذكى بني إسرائيل وضع خطّة لنصرة قومه، وسحق خصومه، ما فعل غير الّذي يفعله العرب بأنفسهم الآن في أزمة الخليج. إنّني أنصح العرب بأمور تظهر فيها توبتهم إلى الله، وبصرهم بالحقّ: أولاً ألاّ يأذنوا لأحد في الشرق أو الغرب بإقامة قواعد عسكرية له، لا برًا ولا بحرًا ولا جوًا، في أيّ شبر من دار الإسلام. ثانيًا أن يخرسوا كلّ صوت يسلخ العروبة عن الإسلام أو يجعل منها بديلاً عنه. ثالثًا أن يقاوموا كلّ دحرجة للقضية الفلسطينية، فإنّ الصليبية قديمًا قرّرت تنصير فلسطين، تمهيدًا لارتداد كامل. وهي في العصر الحاضر قرّرت تهويد فلسطين تمهيدًا لشيء آخر ينتهي بإبادة المسلمين جميعًا. وأشعر بالخزي وأنا أكتب هذه السّطور، لأنّ أدوات التنفيذ لتلك المخطّطات الرهيبة، ناس من جلدتنا، يتكلّمون بألسنتنا ولا يعرفون كتاب ربّنا ولا سُنّة نبيّنا.لكن القدر يتحرّك، والغالب على أمره لا يهزم، وأشعر اليوم بأنّني أمام عمل إلهي أرحم وأحكم “سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ، وَأُمْلِي لَهُمْ إنَّ كَيْدِي مَتِينٌ”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات