+ -

 ستمثل تطورات أسعار النفط، خلال السنة الحالية، رهانا وتحديا كبيرين، وتساهم في مضاعفة متاعب حكومة عجزت عن تسيير الاقتصاد في زمن الرخاء، وتحاول تدارك الوضع بسياسات تقشفية، مستنسخة من التجارب السابقة والتي تعطي الأولوية لإلغاء المشاريع وتقليص النفقات التي تصنفها كهامشية، في وقت تبقي على جوهر المشكل قائما، ألا وهو طبيعة الاقتصاد المختل الذي يبقى رهين إيرادات المحروقات بنسبة 96 في المائة في المجال التجاري، وأكثر من 60 في المائة من ناحية الجباية. وفقا لأول المعطيات التي كشف عنها شهر جانفي الجاري، وبعد بلوغ تسليمات شهر مارس، معدل سعر نفط يقدر بأقل من 35 دولارا للبرميل، فإن حكومة سلال ستواجه لا محالة معضلة حقيقية،ب حيث يرتقب أن يعرف متوسط سعر النفط الجزائري، خلال السنة الحالية، معدلا أقل بكثير من المتوسط المتدني المسجل في سنة 2015، والذي قدرته منظمة الدول المصدرة للنفط في آخر تقرير لها بـ 52,79 دولارا للبرميل، وهو أدنى مستوى يسجله البرميل الجزائري “صحاري بلند”، منذ 15 سنة، حيث سبق لبرميل البترول الجزائري أن بلغ في 2005 معدل 54,64 دولارا للبرميل.وقد بلغ متوسط سعر البترول الجزائري، خلال الشهر الأول من السنة الحالية، حوالي 32,3 دولارا للبرميل، مقابل معدل سعر برنت بحر الشمال ب 31,98 دولار للبرميل، رغم تسجيل تحسن خلال اليومين الأخيرين، حيث بلغ متوسط سعر النفط 34,78 دولارا إلى 34,9 دولارا للبرميل بالنسبة لسعر البترول الجزائري. ومع ذلك، تعاني الحكومة من ضيق هوامش حركتها خلال السنة الحالية، مع توقع تجاوز سقف العجز 60 مليار دولار، مع تسجيل معدل سعر نفط تحت مستوى سعر التوازن للميزانية المقدرة بـ45 دولارا للبرميل، في وقت يتوقع بقاء مستوى التقلبات في سعر النفط، دون أن تسجل الأسعار مستويات عالية، أي أنها تظل، حسب الخبراء، في معدلات تتراوح ما بين 35 و40 دولارا للبرميل، وهو مستوى سيجبر الحكومة على ضبط نفقاتها خشية اللجوء أكثر إلى استنزاف الموارد المتاحة، مع توقع بلوغ ناتج صندوق ضبط الموارد 17 مليار دولار مع نهاية السنة الحالية، بل أقل من ذلك بمعدل سعر نفط يقل عن 37 دولارا للبرميل.وتتجه الحكومة إلى اعتماد تدابير احترازية، من بينها اللجوء إلى الاستدانة غير المباشرة، للتخفيف من أعباء النفقات في الهياكل القاعدية والمنشآت وتحميل جزء من المديونية على حساب المؤسسات، على غرار ما تم في مشاريع مطار الجزائر الدولي، أو من خلال حث المؤسسات على التمويل عن طريق الإقراض الداخلي البنكي، وإطلاق القروض السندية، ولكن أيضا اعتماد صيغ تمويل المشاريع “بروجكت فاينانسينغ” الذي تساهم فيه دول تتولى تمويل المشروع بمواردها وبقروض ميسرة، نظير الاستفادة من حق التسيير واختيار شركات الإنجاز، كما حدث بالنسبة لميناء الجزائر الجديد الذي تتكفل الصين بإنجازه مقابل توفير موارد مالية، تعتبر أول خطوة نحو الاستدانة غير المباشرة التي تبقى محسوبة في ميزان المدفوعات، وهي بدائل ارتأتها الحكومة للتخفيف من وطأة الأزمة التي تحولت إلى صداع حقيقي لحكومة سلال.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات