+ -

ما حكم صنع الحلوى بمناسبة الاحتفال بعيد المولد النّبويّ؟ إنّ الفرحة بمولد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم تتجلّى في محبّته وطاعته والاستقامة على أمره واتّباع هديه والتأسّي به، قال تعالى: {قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، وقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا}.أمّا تخصيص اليوم الثاني عشر من ربيع الأوّل بأنواع من مظاهر الاحتفال كفرقعة المفرقعات وإيقاد الشّموع والمبالغة في إطراء النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقد يبلغ الحدّ عند بعضهم إلى الاستغاثة به، فهذا كلّه غير مشروع، ويشبه أعمال النّصارى في احتفالاتهم بعيد ميلاد المسيح عليه السّلام.قال الشّيخ محمّد البشير الإبراهيمي رحمه الله “الحُبّ الصّحيح لمحمّد صلّى الله عليه وسلّم هو الّذي يَدَعُ صاحبَه عن البدع، ويحملُه على الاقتداء الصّحيح، كما كان السّلف يحبُّونه، فيحبُّون سُنّته، ويذودون عن شريعته ودينه، من غير أن يقيموا له الموالد، وينفقوا فيها الأموال الطّائلة الّتي تفتقر المصالحُ العامّةُ إلى القليل منها فلا تَجِده”.وقد يؤجر إنسان مقلِّد على حُسن قصده وفرحته بمولد النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بمظاهرَ هي علامة وتعبير منه على شدّة فرحه بتلك المناسبة، حيث قال ابن تيمية رحمه الله “فتعظيم المولد واتّخاذه موسمًا قد يفعله بعض النّاس ويكون له فيه أجر عظيم لحُسن قصده، وتعظيمه لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كما قدّمتُه لك أنّه يَحسُن من بعض النّاس ما يستقبح من المؤمن المسدّد”.وقد قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قال “هذه الآية الكريمة حاكمة على كلّ مَن ادّعى محبَّة الله، وليس هو على الطّريقة المحمّدية، فإنّه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتّى يتّبع الشّرع المحمّدي والدِّين النّبويّ في جميع أقواله وأفعاله وأحواله”.وفعل الحلوى بمناسبة المولد إن كان للتّعبير عن حبّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وتعظيمه فأرجوا أن يكون في ذلك متّسع، وألاّ يكون فيه تشبّه بالنّصارى في عيدهم بعيسى عليه السّلام، لأنّ حبّ المسلمين لرسولنا الكريم حبّ اقتداء واتّباع في السّلوك والأخلاق، وعقد لحلقات التّعريف بالشّمائل المحمّدية الّتي كان المفروض أن تكون على مدار السنة وليس في المولد فقط، ونعمل على تحبيب النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى أبنائنا وبناتنا بدعوتهم إلى التّحلّي والتخلّق بأخلاقه صلّى الله عليه وسلّم، وإحياء المولد لتحقيق هذا قد يبقى في مستوى الجواز بل قد يرقى إلى الوجوب. والله أعلم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات