+ -

 ليس من عادتي التعليق على “أعمدتك” التي غالبا ما تتقاطع وأفكاري ومواقفي، لكني أستسمحك هذه المرة بالتدخل قليلا في محتوى العمود الأخير المعنون “سبع سنوات بركات”؟!ما كان عليك أن تذكر ذلك الشخص الذي سب دين أمهات وجدات الجزائريات والجزائريين أمام الملأ وبحضور ثلاثة أشخاص آخرين يقال عنهم وزراء. لقد “طهرته” قليلا من “نجاسة ما قال”، بل وأعطيته أهمية وشرعية لا يستحقهما. شخصيا لا يعنيني اعتقاده أيا كان لأنه في كل الأحوال عار على الأديان جميعا وعار حتى على الإلحاد نفسه. لو وضعته في الصنف الأخير للطخت صورة وذاكرة واحد كجان بول سارتر مؤلف “الأيادي القذرة” و“الغثيان”. وهما عنوانان ينطبقان على ذلك الشخص.أما من أسميته وزير الدين فلم يعد إلا مريدا حائرا بين تدين زائف وخدمة ولي أمره. والكل يسب الدين بالتعبير الشعبي بطريقته.دعني أرجع للأهم الذي ورد في عمودك، وهو الأمر المخزي الذي يمس الأستاذ الجامعي سابقا ورئيس حزب سياسي سابقا أيضا الدكتور أحمد بن محمد. وإذ أحييك على التفاتتك الطيبة أيها “التراس” في فضح مثل تلك المظالم التي حلت بالرجل، اسمح لي أن أزيد بعض النقاط لما ذكرته عن أحمد بن محمد مرتين في عمودين مختلفين.1- الرجل لم يسب أحدا ولم يمس أيا كان لا في عرضه ولا في شرفه. تلقى أمرا بالحضور من الشرطة بالجزائر العاصمة أسبوعا بعد المسيرة التي نظمت مطلع 2009 تضامنا مع فلسطين وغزة. تم استنطاقه ساعات وساعات على مدار أيام من دون أن يعرف طبيعة الدعوى ولا شخصية الشاكي، إلى أن أحيل على وكيل الجمهورية ثم قاضي التحقيق، ليُتهم بالمساس بشخص رئيس الجمهورية، لا لشيء إلا لأنه ساءله على الملأ عن سر سكوته أمام مجازر غزة. إذن موقفه كان سياسيا لا أكثر ولا أقل. ولو كان الأمر غير ذلك لكان من المفروض اعتقال بوتفليقة المترشح وهو يهاجم الجيش ويتعاطف مع الإرهاب، بل وسب الشعب برمته كم من مرة. فالمسألة متعلقة بغزة وليس بأمر داخلي يخص الجزائر.2- وضع الرجل دون أي محاكمة (لا قبل ولا بعد إلى اليوم) تحت الرقابة القضائية، وهو مضطر للتوقيع كل 15 يوما بمحكمة عبان رمضان منذ 7 سنوات كما ذكرت.3- صودر منه جواز سفره، وبالتأكيد هو ممنوع من مغادرة التراب الوطني ظلما، في الوقت الذي تصالحت فيه السلطة مع القتلة من الإسلاميين وحمت قتلة آخرين.4- مورست على الرجل شتى أساليب التجويع وهو الأستاذ الكفء، يقيم بالعاصمة مجبرا ويضطر أن يظل في ذهاب وإياب لجامعة باتنة ليلقي دروسه، ولما حاول الالتحاق بجامعة الجزائر رُفض طلبه، ما أرغمه على اللجوء للتقاعد المسبق، الأمر الذي أفقده كثيرا من حقوقه، وصار يعيش على “مصروف جيب”، في وقت تُنهب فيه أموال الجزائر بملايير الدولارات وتُهرب للخارج.عشت ذلك ولا أزال يا سعد.. وأنا ضحية هذا النظام وجهاز التوفيق مدين منذ مطلع 2000. ولذلك رأيتني أتصل بالأخ أحمد بن محمد، ولم نلتق منذ 1993، لأسمع منه ونتبادل آلامنا التي لم تزدنا إلا أنفة وشموخا، ولنفكر مع جزائريين آخرين في كيفيات الخروج بالجزائر من محنتها.يمكن أن أختلف مع الدكتور أحمد في مسائل ومناهج وأولويات، لكن الحق عندي حق يجب الدفاع عنه، والظلم ظلم تجب مقاومته.الدكتور أحمد حالة أخرى من حالات الدفاع عن حقوق الإنسان. وحقوق الإنسان عندي كل متكامل لا يتجزأ بدعوى الدين أو العرق أو الجنس أو اللغة. الكل حر في معتقداته، لكننا جميعا مشتركون في “إنسانية الإنسان”.. ولن أسكت يوما عن النظام في الجزائر، ولن أكل أبدا عن مناهضته حتى يسقط وتتحرر الجزائر من قيوده.أخي سعد.. لك مني كل التقدير، ولكن رجاء لا تتعب الآن، وأرجو إن متَّ، والموتُ حق، ألا توصيَ بدفنك في العالية، لأن بها بعضا أو كثيرا ممن خانوا دم الشهداء واغتصبوا الوطن. أشد على يدك بحرارة، والله أسأل أن يرفع الظلم عن أخينا الدكتور أحمد بن محمد وكل الجزائريين المكروبين.فضيــل بومالة ملاحظة: أوصيت بأن أدفن في مقبرة سيدي فرج لتكون رفاتي حارسة للمكان الذي جاءتنا منه المصائب قبل 200 سنة، ولا أقبل أن أدفن في مقبرة العالية التي وُضعت فيها رفات الرؤساء والزعماء الذين حرروا الجزائر في السجن بالأصفاد أكثر من سركاجي، حماية لهم من غضب الشباب عنهم وهم أمواتا.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات