+ -

 سطّرت الحكومة أكثر من برنامج لإنعاش التنمية المحلية، منها إشراك البلديات في خلق الثروة، واستحداث نصوص تشريعية جديدة لإشراك المواطنين في البرامج الاقتصادية والاجتماعية، وذلك في إحدى محاولات إيجاد موارد جديدة للتمويل، غير أن هذا المسعى قد يصطدم بواقع الانسداد الذي تعرفه المجالس الشعبية البلدية، خاصة وأن آخر الإحصائيات تشير إلى أكثر من 800 بلدية من بين 1541 على المستوى الوطني مجمّدة، مُنتخبوها منشغلون بالصراعات السياسية أكثر من خدمة الشعب.الداخلية في مهمة “إنعاش” البلدياتالانسدادات تؤثر في التنمية المحلية قدّر رئيس الاتحادية الوطنية لموظفي قطاع البلديات، عز الدين حلاسة، عدد المجالس الشعبية المجمّدة على المستوى الوطني بأكثر من 800، مرجعا الأمر إلى الصراعات بين مختلف الأحزاب التي تعطل المداولات والسير العادي للمجالس، فيما اعترف مستشار وزارة الداخلية والجماعات المحلية بدوره بتأثير هذه الانسدادات في التنمية المحلية، مشيرا إلى أن مصالح القطاع تتدخل بشكل دوري من أجل ضمان تطبيق السياسات العمومية محليا.وأوضح ممثل العمال في قطاع الداخلية، عز الدين حلاسة، في تصريح خص به “الخبر” بأن الخلافات السياسية والصراعات بين المنتخبين رفعت من عدد المجالس الشعبية المجمدة إلى 800 من بين 1541 بلدية موجودة على المستوى الوطني، وأضاف نفس المتحدث، عبر اتصال هاتفي، بأن هذه الصراعات تؤثر في السير الحسن لهذه المؤسسة، خاصة وأن المداولات مجمّدة، مفيدا بأن العمال البسطاء وحدهم الذين يعملون على مستوى نفس المصالح، في حين تفرغ الكثير من المنتخبين إلى البحث عن مصالح سياسية وشخصية فقط.من جهته قال مستشار وزارة الداخلية والجماعات المحلية، عبد الرحمن صنداي، لدى مشاركته، أمس، في ملتقى تحت عنوان “تحسين النظرة التشاركية في تسيير القضايا المحلية ”بفندق “المركير: “إن العديد من الأهداف سطرت على المستوى المحلي من بينها دفع البلديات إلى خلق الثروة، في إطار إيجاد بدائل لتطوير الدور الاقتصادي في التنمية”، وقال نفس المسؤول إن المجلس الشعبي البلدي يملك صلاحيات ولكنها “غير مستغلة بصورة جيدة سواء بالنسبة للبلدية أو الولاية”. ومن بين المهام الموكلة على عاتق البلدية، أوضح المتحدث أنها تتمثل أساسا في تحسين تحصيل الجباية المحلية أو تطوير الدور الاقتصادي لبعض المرافق العمومية لتصبح ذات مردودية أفضل.وفي رده عن سؤال حول الانسداد الذي تعرفه البلديات، قال ممثل قطاع الداخلية “نعم يوجد انسدادات، وأن تسيير المجالس المنتخبة بشكل عادي وحده الذي يشجع البلديات على تطبيق السياسات التنموية أو تطوير المقاربة التشاركية وحتى السياسة التنموية للبلدية”، لكنه هوّن من هذه الانسدادات بالقول إنها “لا تعني أن المجالس البلدية مجمدة بشكل كلي”، وشرح محدثنا الأمر بالقول: “قانون البلدية وضع آليات لتجاوز هذه الصعوبة والسماح باستمرارية الخدمات الإدارية المقدمة للمواطن في كل الظروف، حيث يواصل المرفق العام مهامه في كل الأحوال”.من جهته قال مدير تسيير الموارد البشرية على مستوى وزارة الداخلية والجماعات المحلية، عبد الحليم مرابطي، إن التنمية المحلية والاستثمار المحلي ليسا مرتبطين بالمداولات وسير المجالس، وإنما بنصوص واتصالات بالمستثمرين بوجود عدة ميكانيزمات أخرى.منتخبون كمّموا أفواههم بأشرطة لاصقة داخل قاعة المداولاتبلدية مزاورو.. مثال حي عن الانسداد بسيدي بلعباستعد بلدية مزاورو(51 كم جنوبي عاصمة الولاية سيدي بلعباس) مثالا حيا للانسداد التام بداخل المجالس الشعبية البلدية بالولاية، حيث بات التيار لا يمر تماما بين رئيس المجلس الشعبي البلدي ومجموعة من المنتخبين، منذ شهر ماي من السنة المنصرمة، بسبب ما اصطلح عليه آنذاك باتخاذ “المير” قرارات انفرادية، مقابل اتهام هذا الأخير للبقية برفض العمل وباستعمال النفوذ وبالتربع على مقاعد المجلس لقضاء حاجاتهم ومآربهم ليس إلا.وكانت قاعة المداولات التابعة للمجلس الشعبي البلدي لمزاورو شاهدة يوم الـ23 نوفمبر 2015 على سابقة تاريخية شهدها المجلس، حين أقدم تسعة منتخبين على الالتحاق بالقاعة المذكورة، وهم مكمّمو الأفواه باستعمال الأشرطة اللاصقة، في إشارة ضمنية منهم إلى رفضهم التام التعامل مع الرئيس و”تسريح” أشغال المجلس، وهي الحادثة التي سبق أن غذت الشارع المحلي وحتى الولائي قياسا بجسامة ما وقع بداخل مبنى هيئة منتخبة سبق للمواطنين أن دعموها حتى تسهر على تسيير شؤونهم اليومية.وقد انعكس الوضع السائد حتى الآن ببلدية مزاورو بشكل مباشر على يوميات مواطني المنطقة، الذين سئموا من الوضع الراهن.بلديات تشكو الانسداد ببسكرةرؤساء الدوائر لتعويض “الأميار” سجلت ولاية بسكرة، خلال العهدة الحالية للمجالس البلدية، حدوث ست حالات انسداد، ويتعلق الأمر ببلدية سيدي عقبة التي عرف مجلسها سوء تفاهم وتشنجا لأزيد من سنتين، الأمر الذي أثر سلبا في يوميات المواطن، الذي طالما اشتكى من غياب التكفل بأبسط الانشغالات كنظافة المحيط.وبفشل مساعي الصلح التي باشرتها عدة أطراف، لجأ الوالي السابق إلى إعادة انتخاب رئيس بلدية جديد من مجموع الأعضاء المشكلين للمجلس. نفس الصورة عرفتها بلدية ليوة، بعد توقيف رئيسها بسبب إدانته بالحبس النافذ على خلفية المتابعة القضائية، ليتم تعويضه عن طريق انتخاب الأعضاء.وضعية الانسداد وسحب الثقة عاشتها كذلك بلديات الفيض، الدوسن، لغروس وبرج بن عزوز، التي لم تستطع المصادقة على جدول الأعمال في عدة جلسات، واستمرت حالة اللاتفاهم والخلافات والأجواء المشحونة التي حالت دون انطلاق العديد من المشاريع التنموية، كالمؤسسات التربوية، وأخرى تتعلق بشبكات الصرف والماء الشروب، فضلا على تعطيل قفة رمضان وعدم المصادقة على الميزانية.الجلفةالإدارة تحمّل مسؤولية سوء اختيار المرشحين للأحزاب مازال عشرات الآلاف من مواطني عدد من بلديات الجلفة يدفعون فاتورة المشاكل والصراعات والانسدادات الحاصلة بين منتخبيهم، منها ما تجاوزت الأزمة بها لأكثر من 3 سنوات، ولم تجد الحل رغم كل المساعي التي بادرت بها العديد من الأطراف.وتعتبر بلدية حاسي بحبح، التي يقطنها ما يقارب 120 ألف نسمة، من بين أهم وأكبر البلديات التي تعيش أزمة حقيقية تسببت في رهن العشرات من المداولات والمصالح المتعلقة بالمواطنين، بما في ذلك الخدمات الضرورية، ما اضطر المواطنين في أكثر من مرة لتنظيم وقفات احتجاجية من أجل المطالبة بالمشاريع.ونفس الوضعية تعرفها بلدية مسعد، التي تم تجميد مجلسها بسبب الانسداد الطويل الذي رهن الكثير من المشاريع والبرامج التي استفادت منها البلدية، وتحول أكثر من 140 ألف نسمة إلى ضحايا، وبلغ التعفن أن دخلت المدينة في فوضى، ما جعل وزارة الداخلية تتدخل ويتم تنصيب رئيس الدائرة كمسير للبلدية، كما تعرف بلديات أخرى مشاكل وصراعات ورفضا لتداول قضايا المواطنين، من مشاريع وملفات أخرى مرتبطة أساسا بالمواطن، كبلديات سد رحال، عين وسارة، قطارة، هذه الصراعات والمشاكل التي وصفها والي الجلفة، في تصريح سابق لـ«الخبر”: “بأنها واقع جاء نتيجة سوء اختيار بعض الأحزاب لمرشحيها، إضافة إلى الصراع حول المصالح الشخصية التي يدفع اليوم المواطن فاتورتها”.تيمڤاد وعين ياقوتحرب المصالح تقضي على أقدم بلديتين في باتنة تعطلت عجلة التنمية ببلديتي تيمڤاد وعين ياقوت بولاية باتنة، من ضمن 61 بلدية التي تضمها، بعد صراع مصالح كان قائما بين أعضاء المجلس البلدي ورؤسائهم، ما تسبب في تحول البلديتين إلى ما يشبه قريتين، رغم أنهما من بين أهم وأقدم البلديات المعروفة على المستوى الوطني.فقد عرفت بلدية تيمڤاد، التي تقع على مسافة 35 كلم شرقي الولاية، حالة انسداد واختلاف بين رئيس البلدية الثاني وأعضاء مجلسه، بعد أن تم توقيف “المير” الأول عن مهامه بسبب حكم قضائي كان متابعا فيه، وهو نفس الإجراء الذي صدر من طرف الوالي السابق في حق الرئيس الثاني المنتخب، بعد متابعته هو الآخر قضائيا في قضية تزوير واستعمال المزور في مسابقة توظيف، ليتحصل بعدها هذا “المير” على قرار يقضي بإعادته إلى منصبه من طرف هيئة المحكمة، لكن الوضع استمر بعد ذلك، وبرزت حالة الاحتقان من جديد بعد فترة وجيزة، حيث رفض معارضوه الاستمرار في العمل معه، ما اضطر الوالي الحالي بتكليف رئيس الدائرة بتسيير شؤونها في نوفمبر من السنة الماضية، إلى غاية أن انتخب رئيس بلدية جديد قبل نهاية السنة المنقضية. وتسببت حالة الاختلاف بين الطرفين في تعطل المصادقة على مداولات أجور العمال وتأخر صبها، كما اكتسحت القمامة شوارع وأزقة البلدية، وسجلت تأخرا في الانطلاق في مشاريع تنموية كانت مجمّدة من سنة 2009، رغم تخصيص أغلفة مالية تفوق عشرة ملايير سنتيم.أما بلدية عين ياقوت، الواقعة هي الأخرى على مسافة 35 كلم شمالي الولاية، فقد عرفت هي كذلك حالة لا استقرار بسبب صراعات حدثت بين رئيس البلدية وأعضائه، وصلت إلى حد أن هؤلاء كانوا يبيتون داخل مكتبه لمنعه من دخوله، ما أرغم هذا “المير” على ممارسة مهامه بملحقة ذراع بولطيف، بعد أن فصلت المحكمة، هو الآخر، لصالحه في القضية التي رفعت ضده، مفادها خرقه قانون الترشح للانتخابات المحلية، وانتهت أطوار “المواجهة” بتقديم “المير” استقالته، وانتخب رئيس بلدية جديد في بداية شهر ديسمبر الماضي.بلديات تيبازةحروب داخل المجالس المنتخبة تعيش عدة مجالس بلدية بولاية تيبازة أجواء مشحونة، قد تعصف باستقرارها وتؤدي إلى حالة انسداد تنتهي بإهمال مصلحة المواطن الذي يبقى الضحية الأولى.   ففي بلدية شرشال خرج عشرة أعضاء من المجلس البلدي عن صمتهم، واتهموا رئيس المجلس ومكتبه التنفيذي بسوء التسيير وارتكاب خروقات قانونية، وعجزهم عن مواكبة البرامج التنموية وافتقارهم إلى نظرة استراتيجية لخدمة مصالح المواطنين والتكفل بانشغالاتهم، كما راسلوا الوالي “للتنديد بالوضع المتفاقم بالبلدية”، حسبهم، وهو ما كذبه الرئيس الذي اتهم الأعضاء العشرة بالتحرك وفق ما تمليه عليهم المصلحة الشخصية، متحديا إياهم بتقديم دليل واحد يثبت سوء التسيير. وباحمر العين تحدثت مصادر محلية عن محاولة بعض الأعضاء الإطاحة بـ«المير” الحالي المنتمي للأرندي وتغييره بآخر، ما أحدث أجواء مكهربة داخل المجلس، غير أن رئيس البلدية قال لـ«الخبر” إن أمور المجلس عادية، محمّلا عضوا واحدا بالبلدية مسؤولية “التخلاط”، وأضاف أن ذلك لن يؤثر في السير الحسن لشؤون البلدية.أما ببلدية حجوط، فقد خرج بعضهم بالمجلس البلدي واتهموا “المير” بالانفرادية في التسيير، غير أن هذا الأخير نفى وجود انسداد بالبلدية، وصرح لـ«الخبر” بأن 18 عضوا من ضمن 19 سيخرجون ببيان تبرئة من اتهامهم للمير. وببلدية بواسماعيل لا يزال المجلس البلدي لم يحقق توافقا بين أعضائه بعد، خاصة وأن بعض الأعضاء كثيرا ما يرفضون التوقيع على محاضر المداولة، في خطوة للتعبير عن رفضهم لطريقة تسيير شؤون البلدية، فيما يواجه رئيس بلدية سيدي اعمر هو الآخر متاعب مع بعض الأعضاء.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات