أزمة حزب العمال تطرح في العمق مسألة ُبُعد الأحزاب السياسية في بلادنا عن مفهوم الحزب السياسي بتعريفه السياسي الحديث. وتثبت حكاية أن الأحزاب السياسية في بلادنا يمكن أن نطلق عليها أي وصف عدا وصف الحزب السياسي! فهي تجمعات بشرية بلا معنى سياسي أكثر منها أحزاب سياسية.الذين ثاروا على لويزة حنون في قيادة حزبها.. لا يفرقون بين “الثكنة” والحزب السياسي... فلعباطشة الذي ثار على لويزة حنون، قال إنه أصدر بيانا رقم 1، وهي صيغة تستخدم عادة في الانقلابات العسكرية، وليس في العمليات الديمقراطية داخل الأحزاب لتغيير قياداتها... فمنذ 10 سنوات قال المنقلبون على مهري إنهم أنجزوا “مؤامرة علمية”! وها هم المنقلبون على حنون ينجزون انقلابا بالبيان رقم واحد! أليس من حق حنون أن تطلق اتهامات بالتخلاط داخل حزبها؟! مادام خصومها يستخدمون حتى المصطلحات العسكرية في إصدار البلاغات؟!ما قيمة هذا الحزب من الوجهة السياسية والتنظيمية والديمقراطية، إذا كان يُسمح لرئيسه أو رئيسته بأن تستبد به 25 سنة كاملة، ثم يتحركون عندما لا ترضى عنه بعض الدوائر؟!وإذا كانت لويزة قد قامت بما قامت به من فساد باسم الحزب، كما يقول خصومها، فلماذا لم تكتشف قيادة هذا الحزب انحراف رئيسته طوال هذه المدة؟! أليس الأنسب هو تغيير كل قيادة هذا الحزب المقصّرة والفاسدة عوض تغيير الرئيسة وحدها؟!الطريف في الأمر أن الطريقة التي تعالج بها حنون مسألة “عسكرة” حزبها، لا تختلف من حيث الهزال عن الطريقة التي يمارس بها هؤلاء الانقلاب على حنون؟!هل يعقل أن يكون كلام حنون عن خصومها كلاما جديا ومقبولا عقلا ونقلا، حين تقول عن جماعة لعباطشة: إنه من “النواب المرتزقة”، دون أن تحس بالذنب كزعيمة حزب قدمت للشعب الجزائري نائبا مرتزقا ليمثل حزبها في البرلمان! أليس التساؤل يطرح على الحزب الذي رشحه أولا قبل أن يطرح على النائب المرتزق؟! ثم هل يعقل لزعيمة حزب أن تطلب من الرئيس ومن مسؤول المخابرات حماية حزبها من المؤامرات؟! هل هؤلاء هم قادة هذا الحزب الفعليون أم ماذا؟إذا كانت السلطة متهمة بأنها لا تسمح للأحزاب بأن تنظم نفسها وتمارس التنظيم الديمقراطي الذي يؤطر الشعب والمناضلين بصورة جيدة وجدية موصلة للسلطة، فإن قابلية مثل هذه الأحزاب أيضا للمركوبية السياسية وغير السياسية والقابلية للاستبداد النضالي، هي أيضا أحد المبررات لإنهاء هذه الأحزاب، التي هي تجمعات مصالح وليس تجمعات سياسية.هل يعقل أن تقول حنون عن الذين ثاروا ضدها، بحق أو بباطل، هؤلاء مرتزقة وخونة وطردوا من الحزب؟! هل من يخالف زعيم الحزب يصبح خائنا ومرتزقا ولا يمثل الحزب؟!أين هي الديمقراطية داخل هذه الأحزاب في مثل هذه الحالات؟! وما الفرق إذن بين ممارسة السلطة للديكتاتورية وممارسة الأحزاب لهذه الديكتاتورية بهذه الطريقة... الصورة التي تم بها إخراج الصراع داخل حزب العمال تدل على أن الخصمين لا يستحقان صفة الممارسة الحزبية، وإنما هما مجرد توابع لجهات اختلفت بهما داخل الحزب؟[email protected]
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات