38serv
قدم المخرج عبد الرحيم العلوي، أمس، العرض الأول المخصص للصحافة لفيلمه الجديد “ذاكرة الأحداث”، من إنتاج الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي وبدعم من وزارة الثقافة. وشارك في أداء بطولة العمل الذي كتبه المخرج رفقة أحمد بن كاملة، كل من الفنانة أمل وهبي التي أدت دور “يسرى”، والفنان عبد الله عڤون في شخصية “عز الدين”، والممثلة فريدة صابونجي في دور “الأم”، ومحمد ورداش “كريم”، وفوزي صايشي “نبيل”، وزهرة حركات “قائدة الطائرة”، كما عرف الفيلم مشاركة الممثلة القديرة شافية بوذراع. ينطلق الفيلم من حكاية الفنان والإبداع والموسيقى في الجزائر أثناء العشرية السوداء، من خلال معالجة تلك المرحلة التي عاشتها الجزائر في أوائل التسعينيات، ويسرد قصة الصحفي والمخرج المسرحي عز الدين، الذي يحمل مشروعا فنيا ويرفض الاستسلام لأوامر رئيس البلدية، الذي ينتمي إلى “المتشددين الإسلاميين” ويريد غلق المسرح، كما يريد توقيف نشاطات الفرقة الموسيقية، ولكن عز الدين رفقة فريقه يستمر في التحضير لعرض مسرحيته المقتبسة من “تارتوف المحتال” لموليير ويصر على عرضها بالمسرح البلدي.سرعان ما يغرق الفيلم الذي مدته ساعة وأربعين دقيقة، في العرض المسرحي، حيث أخذت القصة الثانوية التي قدمها أبطال الفيلم على خشبة المسرح، الحيز الأبرز. ولكي يتجاوز الخلل في النص، ركز المخرج على تقديم صور من أرشيف التلفزيوني الجزائري، حيث حضرت مقدمة الأخبار زهية بن عروس، وحضرت صور تقديم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد لاستقالة، كما حضرت أيضا شوارع الجزائر العاصمة الملتهبة خلال العشرية السوداء فقط عبر الشاشة الفضية، لتظهر من خلال التلفزيون، وغابت عن الفيلم حكاية العشرية السواء الأقرب للحقيقة. غير أن المخرج قدم فلسفة في شخصيات الفيلم، حيث أن العديد من الأدوار التي تناولها كانت تحمل في خلفيتها شخصية جزائرية حقيقية من ضحايا الإرهاب، فقد قدم شخصية الكاتب والصحفي طاهر جاووت وتحدث عن عملية اغتياله، وصحح مصدر الجملة الشهيرة “أكتب ثم مت”، من خلال الإشارة إلى صاحبها الأصلي الشاعر الفلسطيني معين بسيسو.عادة ما يقع المخرجون في فخ السرد التاريخي غير المنطقي عند معالجة فترة العشرية السوداء، كيف لا والكثير من الفاعلين في تلك المرحلة الأمنية والسياسية الحساسة للجزائر يتراشقون اليوم الاتهامات ويميطون اللثام عن كثير من الحقائق الشائكة عبر صفحات الجرائد، لهذا قرّر المخرج الاختباء وراء شعار “تكفير الديمقراطية” في العديد من المشاهد، رغم أن حقيقة الأوضاع الأمنية في الثمانيات كانت عكس ذلك تماما، فلم يملك المخرج الجرأة لرفع شعارات ضد النظام وضد الجيش والحكومة، عكس الحقيقة التي رفعتها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بعد إلغاء المسار الانتخابي.لا يزال موضوع التطرف والإرهاب يشكّل حيزا كبيرا من اهتمامات السينمائيين الجزائريين، وينافس في الوقت ذاته قصص حرب التحرير والأفلام الثورية، فالعمل جاء قريبا نوعا ما من حكاية الفيلم الروائي الطويل “ميستا” للمخرج كمال يعيش، وهو من إنتاج الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي سنة 2014، غير أن المخرجين الجزائريين كثيرا ما يتحججون بضيق الوقت وقلة الميزانية، فهذه العبارة “الوقت الضيق”، لم تغب أيضا عن لسان المخرج عبد الرحيم العلوي، الذي كشف خلال النقاش الذي دار بعد العرض مباشرة، أن الفيلم تعثر سنة قبل أن يخرج إلى الشاشة بهذه الطريقة.رغم أن الفيلم ظل يدور في حلقة مفرغة لإدانة التطرف الديني، إلا أنه قدم أيضا في الخلفية حكاية الجزائري المسامح، الذي لا يفارق بيته المصحف، وبالمقابل فالجزائري الحقيقي حسب فيلم “ذاكرة الأحداث” لا يمنع أبناءه من تعلم الموسيقى أو الغناء لساعات متأخرة من الليل. كما أن المخرج رحيم العلوي ظهر ممثلا في الفيلم على طريقة المخرجين الكبار، مثل لخضر حامينا ويوسف شاهين، وخصوصا المخرج العالمي “هتشكوك” الذي يمر ممثلا أمام أحد مشاهد أفلامه دائما.الفيلم رشح له أولا الممثلة السورية سوسن نجم الدين، غير أنه بسبب ارتباطات هذه الأخيرة بأعمال أخرى استقر المخرج رحيم العلوي في رحلة البحث عن جمال المرأة الجزائرية عند الفنانة أمل وهبي، وذلك بعد تردد كبير منها، لأنها لم تقم بأدوار سينمائية في مسارها الفني، رغم العروض المتعددة، كما قالت: “لم أقتنع بالنصوص التي كانت تقدم لي في السابق”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات