"النص المسرحي بين روح اللغة الأمازيغية وحاجة الاقتباس"

+ -

شدّد المشاركون في ندوة ”الخبر”، حول مستقبل المسرح الأمازيغي، على ضرورة النهوض به، ورغم تقارب وجهات النظر، إلا أن الطرق المطروحة اختلفت. وحبذ جميع المتدخلين إطلاق مصطلح ”المسرح الناطق بالأمازيغية”، بدلا من ”المسرح الأمازيغي” ذلك رغم اختلاف آرائهم وتوجّهاتهم حول المحاور الكبرى التي ينطلق منها لرسم معالم مستقبل هذا النوع من المسرح، خاصة من ناحية كتابة النصوص واللغة المستخدمة فيه، وهل هو مكمّل أم منافس للمسرح الناطق بالعربية، وهل هناك دراسات في المجال لتطويره؟الناقد المسرحي والأستاذ الجامعي مفتاح خلوف“أدعو المخرجين لمواصلة تجربة المرحوم علولة في مسرح الحلقة” قال الناقد المسرحي مفتاح خلوف ”عندما ننظر إلى المسرح الجزائري عموما، فإن إشكالية مستقبل المسرح لا تطرح من حيث اللغة المستعملة، سواء كانت أمازيغية أو عربية أو فرنسية، إن دور العرض واحدة والتمويلات واحدة وأﻷشخاص أنفسهم، إلا أن الاختلاف يكمن في المقدرة على توصيل الرسالة، وباعتباري ناقد وباحث في المجال، فالدراسات في هذا الموضوع موجودة، فقد قدمت على سبيل المثال فصل في رسالة الدكتوراه حول النص المسرحي الأمازيغي والمعنونة  بـ ”شعرية الحوار في الخطاب المسرحي الجزائري بين 1962 و2014، درست فيها المسرح الناطق باللغات، العربية الفصحى، الأمازيغية، الفرنسية، العامية، واللغة الوسطى بين العامية والفصحى، اعتمدت على أزيد من 50 مسرحية جزائرية، حتى بعض المسرحيات الجزائرية التي أنتجت في فرنسا لكتّاب جزائريين يعيشون في فرنسا، على غرار ”صوفيا عميروش”، توصلت أن الخطاب المسرحي الجزائري، يمتلك ثراء اللغة وتعدد الوسائط اللغوية لتبليغ الرسالة، مثلا مسرحية ”زيدني نزيدلك”، التي نالت جائزة أحسن عرض متكامل في المهرجان اﻷمازيغي في الطبعة السابقة، ونفسها أعيدت بالعربية وشورك بها في المسرح الوطني ونالت عدة جوائز، إذن العمل المسرحي الناجح لا تعيقه اللغة، والمسرح الجزائري يمتلك أدوات لغوية لتبليغ الرسالة المسرحية.يرى الناقد المسرحي مفتاح خلوف، من جانب آخر، أن النص المسرحي الأمازيغي يمر بنفس المراحل التي مر بها سابقا المسرح الناطق بالعربية، وأنه مثلما هناك مسرحيين قاموا إما بإعادة أعمال عالمية أو بإعادة صياغتها عن طريق الاقتباس أو بإبداعها، فمثلما نعثر على نصوص محاكاة لنصوص عالمية، نعثر كذلك على نصوص مقتبسة من نصوص عالمية، كما توجد نصوص مبدعة تجديدية، مثلما هو الشأن عند المخرج عمر فطموش، الذي اقتبس من روائع ”ابسن” و”تشيكوف” وروايات ”ارنست همنغواي”..  كما اعتبر أن التمويل في المسرح الجزائري ثنائي، ﻷإن أعمال المقدمة بلسان عربي، هي نفسها يعاد تقديمها بلسان أمازيغي، والعكس بالعكس، شأن ذلك شأن الإخراج المسرحي، فالأمازيغي لا يختلف عن الإخراج الناطق باللغة العربية، إﻷن المخرجين أنفسهم من يخرجون أﻷعمال، مضيفا أنه لا يوجد في الجزائر مخرجين متمرسين على المدارس الإخراجية العالمية، بل يلجأون إلى المزج بين المدارس، فلا يكاد المتلقي أن يصنّف العمل إلى مدرسة دون أخرى، داعيا في نهاية حديثه المخرجين إلى مواصلة تجربة المرحوم عبد القادر علولة الذي اقترح إنتاج طريقة إخراج جديدة تنبع من تراثنا الثقافي ”مسرح الحلقة”.الباحث في التراث الأمازيغي وثقافة الطوارڤ مولود فرتوني”علينا إدخال متغيرات جديدة بالمسرح الأﻷمازيغي”قال الباحث في التراث الأﻷمازيغي وفي ثقافة الطوارڤ، الروائي والكاتب صاحب رائعة رواية ”سرهو” مولود فرتوني لـ”الخبر”، إنه لا نزال في الجزائر بحاجة إلى إرساء النص المسرحي والبناء الدرامي للنص المسرحي لننطلق منه، وننتقل بعدها للحديث عن النص الدرامي المسرحي اﻷمازيغي، فنحن لا نستفيد من التراث وننطلق منه، فبدون أن نخضعه لمخابر البحث بمساعدة الأساتذة والباحثين والمدققين في المجال، لن نصل إلى أي نص مهما كانت التسمية التي يريدون أن تطلق عليه، لكن إذا انطلقنا من الأشكال شبه المسرحية الموجودة في التراث الأمازيغي، نستطيع أن نقدم نصا أمازيغيا، لأنه يوجد نصوص فقط علينا أن نتوقف عن ما يسمى بالترجمة والإقتباس، إنه نقل من لغة عربية إلى لغة أمازيغية وليس ترجمة بمعناها الحرفي، لأﻷننا دخلنا في هذه الإشكالية. على سبيل المثال نحضّر نصا عالميا وأنا مع إعادة كتابة النصوص، ليس مع نقل النص للمتغيرة أو اﻷمازيغية وإخضاعه لورشة كتابة، ويمكن بذلك فتحها على مستوى المسارح الجهوية والجامعات في حلقات البحث، وباستطاعة النقاد المهتمين بالكتابة هنا أن يفتحوا المجال ويعيدوا كتابته وفق الرؤية والتصور الأمازيغي، أي أن ندخل في النص الروح الأﻷمازيغية لنستطيع كتابته، وليس أن نأتي بنص نترجمه كما هو، ثم نجسده على خشبة المسرح، ونصطدم بعدها بصعوبات نحن في غنى عنها. مذكرا بما جاء به المرحوم محمد بن ڤطاف، وهو فكرة ورشات التكوين على مستوى المسرح الوطني بالعاصمة، وكان انطلق فيها على مستوى ولايات الجنوب، وقال إنها فكرة من شأنها تطوير ما يعرف بالمسرح الأمازيغي. وأضاف المتحدث أن في الجزائر 17 متغيرا علينا تشجيعهم كالورڤلية، نسبة إلى ولاية ورڤلة، وهي المتغيرة اﻷمازيغية الوحيدة التي تفهم جميع المتغيرات اﻷخرى، ولكن لا تفهمها المتغيرات اﻷخرى. واقترح في السياق ذاته، أن يكون دائما بالمسارح الجهوية عمل بالأمازيغية، فلا يوجد شيء اسمه الخوف من اللغة اﻷمازيغية، ﻷنه على المستوى الوطني يوجد الناطقين بالأمازيغية، بقوله ”أنا زرت جميع ولايات الوطن، ولا يوجد شخص يقول إن هناك ولاية تنطق بالعربية فقط، فالأمازيغ مثلما هم في بشار، هم كذلك في البيض ووهران، ووجدت أناسا لهم القدرة على نطقها، وأنا أدعو من هنا إلى تشجيع المتغيرات اﻷخرى للنهوض بالمسرح اﻷمازيغي”.عضو لجنة تحكيم المسرح   الأمازيغي صالح بوبير”فتح المجال أمام الشباب المبدع ضرورة حتمية”ليس لدينا مسرح عربي أو مسرح أمازيغي، لدينا مسرح ناطق باللغة العربية ومسرح ناطق بالأﻷمازيغية، وجد قديما عند الإغريق، ونحن نحاول أن نقوم بمسرح ينطق بالأمازيغية، وعليه أن ينطلق من الأمازيغ أنفسهم كتابة ونصا وإخراجا، لنستطيع أن نقول أن هناك مسرح ناطق بالأمازيغية، ويكون له مستقبل. مضيفا أن الاقتباس طغى على النصوص المسرحية الأمازيغية، ودعا إلى إعطاء فرصة للشباب المبدع، خاصة عندما يقدم هؤلاء الكتّاب أعمالا مسرحية على الناقدين والمختصين أن يأخذونها بعين الاعتبار، لا أن يهملونها ويتركونها جانبا، بل يجب مساعدة كتّاب النصوص على خلق مواضيع أمازيغية خالية من أي لغة أجنبية. وقال الممثل الحاصل على عدة جوائز داخل وخارج الوطن، وعضو لجنة التحكيم للمهرجان الثقافي الوطني للمسرح اﻷمازيغي، في طبعته السابعة المنظم مؤخرا، بالمسرح الجهوي بباتنة، إنه لم يلاحظ أي ألبسة أمازيغية عبر مختلف مسرحيات المهرجان، سواء من ألبسة أو الأدوات، وهي مكونات قال عنها إنها تدخل في بناء المسرح الناطق باﻷمازيغية، مضيفا في ختام حديثه، أن المسرح الناطق بالأمازيغية، ما هو إلا مكمل للمسرح الناطق بالعربية، وليس منافس له.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات