+ -

أزمة الجزائر لا تحل بتغيير الرئيس أو تغيير الحكومة أو تغيير البرلمان أو حتى تغيير هذه المؤسسات مجتمعة... إنما الحل يكمن في إحداث القطيعة مع الفساد والرداءة والاستبداد.لا يمكن أن يكون هناك أي حل لا يعتمد على القطيعة مع الفساد، والقطيعة مع الفساد تبدأ أولا من إبعاد كل المفسدين من دواليب الدولة، ثم القيام بفتح كل ملفات الفساد وتقديم أصحابها إلى العدالة.. أي حكومة جدية يمكن أن يستمع إليها الشعب لابد أن تبني سياستها على تقديم المفسدين إلى العدالة واسترجاع الأموال المنهوبة... لابد من حكومة تبني سياستها الداخلية والخارجية على فكرة استرجاع ما نهب من أموال... فهذا هو المجال المتاح لحل الأزمة في المنظور القريب.صحيح أن الأموال المنهوبة كثيرة وطرق النهب متعددة والحيل التي استخدمت في نهبها متنوعة... ومجال الوصول إلى هذه الأموال صعب جدا، ولكن إذا وجدت الإرادة في الوصول إلى الناهبين للمال العام وربط مستقبل علاقة الجزائر بالدول التي هربت إليها هذه الأموال بإعادة هذه الأموال، فإن أشياء عديدة يمكن أن تتحقق.. هذا الأمر يحقق هدفين اثنين:الأول هو وقف نزيف النهب من أساسه، والثاني هو إيجاد مصدر للمال حتى ولو كان قليلا لتمويل المرحلة الحاسمة والخطيرة التي تمر بها البلاد.لابد أن يعرف الحكم والشعب والمعارضة أن بناء أي شعبية لحكم مقبول شعبيا في المنظور القريب، لابد أن يمر حتما على أشلاء المفسدين والسرّاق.. لا يمكن أن يحظى أي حكم بشعبية ومصداقية دون أن يبني شعبيته على تصفية الحساب مع المفسدين والسرّاق وناهبي المال العام.. أي نظام لا يضع في برنامجه هذه القضية كأولوية وبجدية لا يمكن أن تكون له شعبية... لهذا، فإن النظام الحالي لا يمكن أن ينجز هذه المهمة، لأنه هو صانع هذا الفساد، وتعامله مع الدول الأجنبية التي هربت الأموال إليها لن يكون ذا مصداقية بطبيعة الحال. مثل هذا المشروع، لا يمكن أن تنجزه حكومة رداءة، بل تنجزه حكومة كفاءات عالمة بحيثيات ودهاليز استرجاع المال العام... ولا تنجزه حكومة استبداد، بل تنجزه حكومة تحظى بثقة ودعم الشعب.هل فهمتم الآن لماذا لا يمكن للنظام الحالي أن ينجز مهمات وطنية تحل الأزمة...؟! لأنه ببساطة لا يملك الشرعية ولا الكفاءة ولا النظافة المطلوبة لإنجاز مثل هذا المشروع الوطني. وهذا هو السبب الذي جعل هذا النظام يقوم بعمليات تخويف السرّاق بطرق استعراضية وعلى استحياء، ولا يقوم بأعمال جذرية تعيد ما نُهب إلى الخزينة، أو يقتل جذور الفساد من الأساس... لأن النظام بنى أسسه على الفساد بمختلف أنواعه، من الفساد السياسي إلى الفساد الأمني إلى الفساد الاقتصادي، مرورا بالفساد الإداري.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات