10 حقائق "مؤلمة" عن حياة الفنان الجزائري

+ -

عندما تقول لك إحدى فنانات الجزائر إن الوضع لم يعد يطاق، فالمعاناة نالت من الجميع في الحقل الفني ممن يمتلكون سنوات من الخبرة، ومن الجيل الجديد من المبدعين الذين رغم تميزهم فإن المنتجين والمخرجين وشركات الإنتاج تصر على وصفهم بالمبتدئين، من أجل أن لا تمنح لك عقدا بمبلغ كبير.. عندما تقول لك إحدى الممثلات بأن أسعار جواري الملاهي الليلية أعلى من أجور الفنانين، ستفهم حال الفنان. نحاول في هذه الورقة تسليط الضوء على كواليس “مؤلمة” في حياة الفنان الجزائري، وربما العربي أيضا.1. حقوق مادية مهضومة وعقود “تحت رحمة” المنتج المنفذلم يعد هناك مجال للشك بأن المشهد الفني يعرف قلة فرص التمثيل وشح الأعمال السينمائية التي تنتج في معظمها في إطار التظاهرات الثقافية فقط، أما خارج ذلك فالمحظوظ هو من تتاح له فرصة المشاركة في مسلسل رمضاني أو “سيت كوم”. قد لا يهم حجم الدور بقدر المشاركة التي تجعل الممثل يتحدث في المقاهي والجلسات الحميمة بأنه “مشغول بعمل جديد”، دون الحديث عن المبلغ الذي تقاضاه، إلا أنه يستطيع أن يفك كلمة “مبروك” من شفاه أحد الجالسين، ولكن الحقيقة المرة أن الفنان الجزائري الذي يؤدى دورا في مسلسل أو فيلم قد لا يتقاضى في ذلك العمل ثمن وجبة الغداء والعشاء التي تجمعه برفاقه، فالأجور قد تصل إلى مليون أو 3 ملايين سنتيم، ومن يرفض فالأمر ليس مشكلة بالنسبة للمنتج المنفذ الذي لا يزعزعه أبدا أن يقوم بالدور أحد العابرين في الشارع..2.الجزائر في المرتبة الثانيةاليوم والساحة الفنية لا تعرف معنى النجم ولا تعرف معنى البطل على خلاف ما هو متعارف عليا عربيا وعالميا، فالبساط الأحمر للمهرجانات السينمائية لا يصنعها حضور الممثلين الجزائريين، في العادة لن تتزين الصورة إلا بابتسامة نجم عربي أو أوروبي. لهذا هناك ضرورة كبيرة لأن تتحرك وزارة الثقافة لتنظيم عملية عقود عمل الفنانين ومشاركتهم في الأعمال السينمائية أو التلفزيونية.3. نظرة المجتمع لا ترحم والعائلة أيضابالإجماع، يعتبر التحاق أي فنان في الجزائر بعالم التمثيل أو عالم الموسيقى خطوة تزعج العائلة، خصوصا لو تعلق الأمر بموهبة شابة تكون في مواجهة مع ترك مقاعد الدراسة من أجل أن ينتقل ابنها ليكون ممثلا، وفي ظل غياب ثقافة الفن والإبداع لدى معظم الأسر الجزائرية يكون التحاق أي موهبة باستوديو التصوير معبدا بالمشاكل والصراعات والرفض، فنظرة المجتمع لا ترحم، والفنان مهما علا شأنه وارتفع نجمه لن يكون في مرتبة “الطبيب” أو “المهندس”.4. بطاقة “لمن هب ودب”لا يزال مجلس الآداب والفنون الذي يشرف عليه الفنان عبد القادر بن دعماش يغرد خارج السرب، فلا يزال الكثير من الفنانين يشتكون الغموض والضبابية حول كيفية الحصول على هذه البطاقة التي قيل عنها الكثير، بل وصلت الوزارة إلى وصفها “طوق نجاح” الساحة الفنية الجزائرية الغارقة بالدخلاء، ولكن الغريب أن من يشهد لهم الجمهور والتاريخ الفني بأنهم أهل الفن الجزائري بلا منازع، دائما ما تجدهم لا يكترثون ببطاقات “تمنح لكل من هب ودب”.5. ضعف التكوين وقلة الفرصبالكاد يحظى بعض الممثلين بفرصة في التكوين ضمن دورات قصيرة المدى تكون معظمها في إطار الأيام التكوينية التي يقوم بها المسرح الوطني ضمن برامج المهرجانات، وذلك لتزكية البرنامج، هل تكفي تلك الدورات لتصنع ممثلا؟ طبعا لا، ليبقى الخلل قائما في ساحة التكوين المسرحي والتمثيل، بعد أن تراجع دور معهد برج الكيفان الذي بات في مرمى الاتهام وقاب قوسين أو أدنى من أن يصبح معهدا بلا روح حقيقية للإبداع والفن، بعد أن كان له دور في تخريج النخبة الفنية لأجيال السبعينات والثمانينات. ويحتاج موضوع التكوين مراجعة حقيقية اليوم.6. الفنانات بين “الكاستينغ” والمساومة على كل شيءحكايات الممثلين مع عالم الفن السابع وحتى المسرح والغناء هي الأكثر تعقيدا والأكثر حزنا. الممثلة في الجزائر بقدر ما تدفع الثمن غاليا أحيانا كثيرة من أجل نظرة المجتمع الذي لا يقبل أن يرى ابنة الحي أو العمارة أو الجارة ممثلة، بقدر ما يكون الثمن غاليا أحيانا أخرى أيضا أمام جلسات “الكاستينغ” التي قد تتحول إلى جلسة للمساومة، فخلف الرداء الأسود تدور حوارات خارج النص وخارج السيناريو، فعندما غنى لطفي دوبل كانون أغنية “أنا منتج” في بداية القرن 21، اختزل معاناة الممثلة والمغنية، وأمورا تجعل الكثير من الأدوار تذهب إلى غير أصحابها، لا لشيء فقط لأن الممثلة رفضت أن تلعب دور “العاهرة” خارج السيناريو وخارج الكاميرا.7.  في مواجهة النقد الذاتيتتحمل الصحافة جزءا كبيرا من معاناة الفنان، ففي كثير من الأحيان يتوقف انتقاد فنان في مقابل مدح آخر عند العلاقات الخاصة، لهذا فعناوين النقد قد لا تكون موضوعية في كثير من الأحيان إذا ما نظرنا إلى الحسابات الشخصية والخاصة التي وقفت خلف أنامل الصحفي أو النقاد وهم يكتبون عن العمل الفلاني، ولنا أن نتخيل معاناة الفنان الحقيقي والساحة الفنية أيضا وهي تعلي من شأن أحدهم وتنزل من شأن آخر بسبب مواقف شخصية..!8. عاش مهمشا ومات في صمتغالبا ما تضع الصحافة الوطنية عناوين كهذه “رحل في صمت”، “وفاة الفنان .. بعد سنوات من التهميش”، وغيرها من العناوين التي تقشعر لها الأبدان وتجعل المعزّين يشعرون بالحسرة والحزن على الفنان الفقيد، فهو بين مصيرين كلاهما مر، بعد مسار دام سنوات من الإبداع في التمثيل والموسيقى، فقد يرفض الكثير من المتشددين دينيا السير في جنازته..هكذا هي خلاصة الفنان الجزائري، مجرد خبر في الجرائد، وفي أحسن الأحوال تأبينية رسمية يستغلها المسئولون للبروز والظهور أمام الكاميرات، أما ميراث الفنان وإبداعه وأعماله فسيكون مصيرها التهميش والإهمال.9. القرصنة والسوق الموازية مقابل غياب القاعاتبلا شك تبقى مسألة حقوق المؤلف هي أكبر الأمور التي تزعج الفنان الجزائري، مع استفحال ظاهرة القرصنة وغياب الرقبة، حيث تضيع حقوق الفنان في الرصيف على طاولات من احترفوا بيع الأقراص المضغوطة دون اعتبار لجهود الموسيقيين والممثلين الذين تعبوا وسهروا من أجل إنجاز العمل.10. الشرعية الخارجيةهل تريد أن تكون فنانا معترفا بك؟ كاتبا محترما؟ أو شاعر الجزائر؟ حاول أن تبحث عن فيزا أو جائزة تمنح لك من أي دولة، لا يهم من تكون الدولة، المهم أن لا تكون الجائزة جزائرية، لهذا يتعب الكثير من المبدعين الجزائريين في الحصول على الحق المعنوي أو الاعتراف المعنوي من المحيطين بهم في حال أمضوا حياتهم في خدمة الفن والإبداع في الجزائر، ولسان حال المشهد “لا شرعية إلا من الخارج”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات