+ -

حالنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي الحالي يشبه حالنا الذي كان سنة 1988، قبل انفجار بركان 5 أكتوبر.* في 1988 رئيس غير مرغوب فيه شعبيا يتمسك بالكرسي ويريد ترشيح نفسه لعهدة رئاسية ثالثة، بحجة ضمان الاستقرار السياسي ومواصلة المسيرة، تماما مثلما يطرح اليوم، بحجة أنه لا يوجد بديل جاهز للشاذلي يحقق الإجماع في سرايا الحكم ويضمن سلامة البلاد، تماما مثلما يطرح اليوم في موضوع عدم جاهزية البلاد للتغيير، لعدم وجود بديل ناضج لبوتفليقة، يضمن عدم نشوب حروب سياسية بين الجهات والزمر السياسية. واليوم أصبح تغيير الحكومة والوزراء أو حتى تغيير الرئيس ليس بالحل.* الوضع الاقتصادي الذي نعيشه اليوم أسوأ من الوضع الذي كنا نعيشه في 1988، من حيث تدهور أسعار النفط وعجز البلاد عن الوفاء بالتزاماتها نحو الشعب، لأن وضعنا الحالي من الناحية الاقتصادية أشد سوءا من وضعنا في 1988، بسبب كثرة الفساد وتنامي إحساس الشعب به، وبسبب تعاظم الاستبداد وارتفاع منسوب التذمر منه.* في 1988 كنا نعيش إرهاصات عمل مسلح من خلال بقايا تمرد عملية بويعلي، وهي الحالة التي نعيشها الآن من خلال بقايا الإرهاب، التي يقال إنها فعلا حالة مقلقة، وليست سهلة كما يتصورها المتصورون، بدليل أن عمليات مواجهة هذه الحالة المسلحة تبتلع مبالغ مهولة في اليوم، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تبقى الدولة في حالة قدرة على دفع هذه الأموال.* الوضع السياسي المهترئ والوضع الإداري الخرب، وحالة الحكومة البائسة اليوم، لا تترك مجالا للنظام لأن يقوم بأي مناورة مقبولة تضمن الحد الأدنى للاستقرار، لأن كل قنوات الاتصال بين السلطة والشعب أصبحت إما مقطوعة تماما أو يعتريها الانسداد، ولا يوجد في السلطة من باستطاعته مخاطبة الشعب.. لا في الرئاسة ولا في الحكومة، ولا حتى في أحزاب الحكم أو النقابات والمنظمات الجماهيرية، وحتى وسائل الإعلام الحكومية لم تعد لها أي قيمة حتى يمكن استخدامها في الحوار مع الشعب إذا غضب.* لهذا نلاحظ اليوم ظهور بوادر اهتزازات اجتماعية حادة تشبه تلك التي كانت تحدث في سنوات 87 و88، قبل حدوث الزلزال الأعظم الذي حدث في 5 أكتوبر 88. والمصيبة أن هناك تطورات نوعية في هذه الاضطرابات، فقبل اليوم كانت الاضطرابات تخص الاحتجاج على توزيع السكن أو إيصال الماء والكهرباء أو تعبيد الطرق أو حتى المطالبة بالتشغيل، لكن اليوم أصبحت الاحتجاجات تخص غلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية، وهي تطورات نوعية في الأزمة، ولا يمكن الاستجابة لها في الظرف الراهن بسبب الأزمة المالية.. وفي نفس الوقت لا يمكن للسكان تأجيلها لحيويتها في الحياة اليومية.. وفي نفس الوقت، أيضا، لا توجد لدى السلطة أي حيلة يمكن أن تستخدمها لإخماد هذه الاحتجاجات حتى لا تعم البلاد.. إنه الانسداد الأعظم.

[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات