بعض الرضاض الذي وصلنا من زيارة سلال لألمانيا يدل على أن الحكومة الجزائرية لم تعد حكومة، بل أصبحت متعهدا تجاريا لأصحاب المال والأعمال، وبالتحديد لمجموعة محددة من أصحاب المال الذين لهم علاقة بدوائر نافذة في الرئاسة، وليس كل رجال المال والأعمال.الحكومة الجزائرية أصبحت تأخذ معها في الزيارات للدول بعض رجال المال والأعمال، الذين هم في الحكم، بل وتلعب لصالحهم دور المتعهد التجاري والمالي في الصفقات مع الخارج، ولا تأخذ الحكومة معها نوعا من رجال المال والأعمال الذين تعتبرهم في المعارضة الاقتصادية! وهذا يعني أن رجال المال، مثلما هم في الأحزاب السياسية والحكومة التي تحكم، هم أيضا في المعارضة السياسية، والأمر نفسه بالنسبة لرجال المال والأعمال، فجزء منهم في المعارضة وجزء آخر في السلطة مع الحكومة ومع المعارضة!؟اللافت للانتباه هو ذلك التنافر الذي أصبح بين وزراء الحكومة، فبوشوارب أصبح واضحا أنه يتناغم مع حدّاد أكثر مما يتناغم مع رئيس الحكومة، حتى باتت الصور تفضح هذه التصرفات. ولا نتحدث عن الحرب الساكتة والباردة بين وزير الصناعة ووزير التجارة، والتي لا يحتاج المرء إلى كبير عناء لمعرفتها.حكومة لا ينسجم وزراؤها مع بعضهم البعض، هل يمكن أن يطمع الشعب الجزائري في أن ينجزوا تنمية منسجمة!؟المصيبة أن التصحّر السياسي والفني الذي أحدثه الرئيس بوتفليقة في دواليب الحكم، من خلال تعميم الرداءة، هذا التصحّر أصبح لا يسمح للرئيس بأن يحدث التغييرات التي يتطلبها الموقف الجديد في الساحة الاقتصادية، لأن مجالات الخيارات أمام الرئيس أصبحت ضيقة جدا.. فلا يوجد من يحترم نفسه يمكن أن يقبل بالتعامل مع هذا الحكم؟ ولهذا يعاني الرئيس وأجهزة الحكم من حكاية وجود البديل المطلوب لهذه الرداءة التي بات الجميع يتبرّم منها، ولكنه لا يستطيع تجاوزها، ولذلك أصبحنا نقبل بهذه الرداءة لتديرنا وتدير شؤوننا بما يعمّق الأزمة أكثر، ونقبل ذلك كقضاء وقدر لا مردّ له، مثله مثل الزلزال والفيضانات والكوارث الأخرى كالجفاف.الحكومة دعت وزارة الدين إلى أداء صلاة الاستسقاء، لأن المطر لم ينزل، فلماذا لا تدعو الحكومة أيضا إلى أداء صلاة ارتفاع أسعار البترول أيضا؟ أليس موضوع أسعار البترول مثله مثل حالة الفلاحة مربوط بالسماء وبظروف غير مستقرة يتحكم فيها خالق السماوات وليس البشر؟ اقتصادنا بالكامل مربوط بالسماء.. فلاحة وبترولا، ودور الحكومة هو استدرار السماء بالصلاة، والصلاة وحدها هي المنقذ من الكارثة.. هل هناك بؤس أكثر من هذا؟
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات