38serv

+ -

أثارت دسترة حظر المناصب السامية والحرمان من تولي المسؤوليات العليا في الدولة على الجزائريين مزدوجي الجنسية، جدلا حادا داخل المؤسسات الرسمية والصالونات الحزبية والسياسية، واستقر عند قطبي الموالاة، الأرندي والأفالان. تنص المادة 51، كما جاءت في المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، أنه “يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون، التمتع بالجنسية الجزائرية دون سواها شرط لتولي المسؤوليات العليا في الدولة والوظائف السياسية”، أضيفت إليها فقرة تخول البرلمان مسؤولية وضع قانون يحدد الوظائف والمناصب المسموح توليها من طرف أبناء الجالية.في هذا الصدد، قال الصديق شهاب، الناطق باسم الأرندي، لـ«الخبر”، إن “أطرافا تستغل غموض المادة وراحت تستثمرها وهي تعلم أنها قضية تخص قلة قليلة جدا من المغتربين”.وبالنسبة إليه “يوجد خلط حول المهاجرين مزدوجي الجنسية، ونرى أنه من الضروري التفريق بين الذين هاجروا أثناء الثورة أو بعيد الاستقلال لظروف اجتماعية، فوجد أبناؤهم وأحفادهم أنفسهم يحملون جنسية ثانية بفضل الحق في الأرض، وبين أولئك الذين هاجروا بسبب الأوضاع الأمنية واختاروا التجنس عن طواعية”.ويرفع حزب أويحيى سقف تحفظه بإشارته إلى “أطراف يريدون جدلا عقيما لأسباب نجهلها، باعتبار أن المادة التي حظيت بها الجالية هي 24 مكرر التي تنص على إرادة الدولة للتكفل بهذه الفئة وتحدد حقوقها وواجباتها”، وهو ما يعني، حسب صديق، أن “الباب مفتوح أمام كل الطاقات الوطنية المهاجرة التي تجد نفسها في المادة المذكورة” والتي جاء فيها: “تعمل الدولة على حماية حقوق المواطنين في الخارج ومصالحهم، في ظل احترام القانون الدولي والاتفاقيات المبرمة مع البلدان المضيفة والتشريع الوطني وتشريع بلدان الإقامة، وتسهر الدولة على الحفاظ على هوية المواطنين المقيمين في الخارج وتعزيز روابطهم مع الأمة وتعبئة مساهمتهم في تنمية بلدهم الأصلي”.بالنسبة للأرندي، فإن “الجدل الدائر والذي تروج له بعض الأطراف، ما هو إلا خلط، الهدف منه الإبقاء على الغموض حول هذه القضية واستغلالها سياسويا بالحديث عن حرمان الكفاءات الوطنية المتجنسين من المساهمة في تنمية وطنهم”.وبرأي شهاب الصديق، فإن فئة مزدوجي الجنسية الذين يقصدون تولي مناصب عليا في الدولة قلة قليلة جدا، مستغربا “إثارة هذا الجدل من طرف جمعيات مقيمة في فرنسا تحديدا”، مشددا على أن المادة لم تعدل وإنما تمت إحالة الفصل في طبيعة المناصب على البرلمان ليسن قانونا خاصا بذلك.بالمقابل، يقرأ الأفالان إحالة الفصل في المناصب على أنه استجابة لالتماس تقدم به أمينه العام، عمار سعداني، لرئيس الجمهورية، لإسقاط المنع. موقف عبر عنه المكلف بالإعلام، حسين خلدون، لـ«الخبر”، إذ يشير إلى أن الأفالان تحفظ على المادة 51، لأنها  “تقصي شريحة من المجتمع وتناقض بوضوح مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات المنصوص عليه في المادة 24 مكرر”.وأوضح خلدون أن الأفالان “استند في التماسه على الجانب القانوني لهذه الفئة، التي يعتبر أعضاؤها مواطنين جزائريين بكامل الحقوق”، لافتا: “لما قرر الأفالان نقل الثورة إلى فرنسا، لم يجد إلا أفراد الجالية لتسند إليهم المهمة، نظرا لإتقان اللغة وجنسيتهم الفرنسية”.وفي اتصال مع “الخبر”، بارك النائب نور الدين بلمداح، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الشعبي الوطني، “المادة 51 التي كانت مبهمة وتسببت في إحداث قلق وسط الجالية”، منتقدا المعارضة على استغلالها الصيغة الأولية للمادة لاتهام الدستور بالتشكيك في وطنية المهاجرين”. وبالنسبة إليه، “نحن الجالية كنا بحاجة إلى أن تفتح الأبواب أمامنا، ورفع اللبس عن هذه المادة بتحديد قائمة المناصب والمسؤوليات المعنية بها، يشجع الكفاءات على العودة لأرض الوطن والإسهام في تنميته”. وحسب ذات المسؤول البرلماني: “الأمر ينسحب على المغتربين الذين يتنازلون طواعية عن الجنسية الأجنبية من أجل الترشح لتولي المسؤولية”.يشار إلى أن الرئيس بوتفليقة اعتمد، منذ مجيئه إلى قصر المرادية، على إطارات أقاموا في الخارج، واستوزر بعضهم وأسند مهام لآخرين بمناصب حساسة في وزارات ومؤسسات استراتيجية، لكن مع مرور الوقت تبين أن المشكلات التي تعاني منها البلاد كان سببها هؤلاء. وتفاديا لتكرار ذلك مستقبلا، جنح بوتفليقة، وفقا لتجربته الشخصية مع بعضهم، إلى سن هذه المادة. وسبق لبوتفليقة أن هاجم مزدوجي الجنسية (الندوة الوطنية لإطارات الدولة في قصر الأمم، في 26 ديسمبر 2006) من دون أن يتخذ أي إجراء ضدهم، قائلا: “إننا لم نعد نعرف الجزائري من غير الجزائري، يستفيدون من رعاية الدولة من حيث الصحة والتعليم، ثم يسافرون إلى بلدان أجنبية، أوروبية بالأساس، لغرض الشغل، فيأخذون جنسية البلد الذي يقيمون فيه”، ثم أردف: “إنه لعيب وعار أن تتنكر للبلد.. عار ما بعده عار أن تتنكر للبلد الذي رباك وأنفق عليك”، واصفا مزدوج الجنسية  “بالابن العاق لوالديه”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات