إنّ المتتبِّع لنصوص القرآن الكريم والسنّة النّبويّة المطهّرة يجد أنّ الإسلام دينًا شاملاً، ينظّم علاقة الإنسان بربّه جلّ وعلا، وعلاقة الإنسان بأخيه الإنسان، وعلاقة الإنسان بالكون كلّه باعتباره مستخلفًا فيه من قبل مالكه جلّ علاه.ولمّا كان الإسلام دينًا عمليًا ينظّم مقتضيات الحياة ويَجمع بين متطلّبات الروح والجسد بميزان العدل والاستقامة وقد رسم للروح طريق سعادتها، كان من الضروري أن يرسم أيضًا للمادة طريق سعادتها ويأمر بتحصيل ما فيه خيرها ونفعها.ولمّا كان المال عصب الحياة وبه ترقى الأمم، وتحقّق ما تصبو إليه من رفعة وعلم وصحة وعمران، فقد أولاه الإسلام عنايته الفائقة بالتّوجيه والتّنظيم، وحثّ على تحصيله من الطرق المشروعة كالتجارة والزراعة والصناعة واعتبر تحصيله من هذه الطرق ابتغاء من فضل الله تعالى ويجب السّعي إليه بمجرد الانتهاء من صلاة فريضة الجمعةقال جلّ ذِكرُه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلُّكُمْ تُفْلِحُونَ} الجمعة:9-10، وهذا هو التّوازن الّذي يتسم به المنهج الإسلامي، بين مقتضيات الحياة في الأرض من عمل وكِد ونشاط وكسب، وبين عزلة الروح فترة عن هذا الجو وانقطاع القلب وتجرّده للذّكر، وهي ضرورة لحياة القلب لا يصلح من دونها للاتصال والتلقي والنهوض بتكاليف الأمانة الكبرى.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات