63 في المائة من صفقات وزارة الثقافة تمـت "خـارج القانــون"

+ -

وجّه تقرير حديث لمجلس المحاسبة، انتقادات لطريقة تسيير وزارة الثقافة للصفقات المالية المبرمة خلال الفترة ما بين 2006 إلى 2013، فقد أكد التقرير الذي تحصلت “الخبر” على نسخة منه، في الباب المخصص للحديث عن طريقة التسيير، أن “63 في المائة من صفقات وزارة الثقافة خلال تلك الفترة، لم تحرص على تطبيق القانون”، وذلك بعد أن راجع المجلس “265 صفقة خلال تلك الفترة التي أبرمت بها 41 في المائة من الصفقات بالتراضي، و21 في المائة بالتسوية، و37 في المائة فقط عن طريق المناقصة”، وهو ما “ينافي القانون”، بحسب التقرير الذي ورد فيه: “إن تنفيذ الصفقات باعتماد عقلية التراضي، يعكس عدم احترام وزارة الثقافة للقانون”. بدأ تقرير المحاسبة الجديد في فصل حديثه عن قطاع وزارة الثقافة بعبارة “باختصار”، ولسان حاله يقول إن ما حدث في كواليس تسيير مكاتب “أعلى هضبة العناصر”، يستحق الكثير من المراجعة، فقد استهجن طريقة عقد وزارة الثقافة الصفقات المالية، وجاء فيه إن “الصفقات التي عقدتها وزارة الثقافة من غير المناقصة، يعد مخالفا لفحوى تنظيم الصفقات العمومية، كما تصرح به المادة 25 من المرسوم الرئاسي المتعلق بكيفية إبرام الصفقات العمومية”.مئات “المناصب الشاغرة” و”غياب منظومة الرقابة الداخلية”انتقد تقرير مجلس المحاسبة: “غياب الشفافية في الصفقات المبرمة بعقلية لم يضمن الاستعمال الناجع والفعال، ولم يحقق الأغراض التي منحت من أجلها”، وذلك في ظل “غياب منظومة الرقابة الداخلية” التي كان بإمكانها تحقق “الاستعمال العقلاني للأموال الممنوحة ومطابق للنصوص المنظمة لها”، وأوضح التقرير ذاته أن ذلك “أثر بشكل كبير على نتائج تسيير تظاهرة الذكرى الخمسين للاستقلال، التي عرفت نقائص كبيرة من خلال سوء تسيير الاعتماد المالي المخصص للتظاهرة”.وأوضح التقرير في الصفحة 157 أن ميزانية تظاهرة خمسينية الاستقلال، بلغت “ما قيمته 752 مليار دينار جزائري، تم تحويلها إلى سبع مؤسسات فقط لإنتاج أفلام، وتنظيم معارض، وأيام وأسابيع ثقافية، وأيضا إنتاج مسرحيات وتنظيم ملتقيات، وطبع كتبت تخلد الذكرى الخمسين للاستقلال”. وأشار إلى أن “بعض التظاهرات والنشاطات أخذت أكثر مما يجب أن يصرف عليها، حيث أن 25 في المائة من مجموع التخصيصات اتجهت إلى رصيد واحد”.في مقابل ذلك، كشف تقرير مجلس المحاسبة عن وجود العديد من “المناصب الشاغرة على مستوى الإدارة المركزية والمؤسسات تحت الوصاية، ويتجاوز الرقم المقدم من طرف المجلس حدود الـ5 آلاف منصب”. زيادة على ذلك، أكد التقرير أن هناك “27 في المائة من المناصب العليا، منها رئيس مكتب ورئيس مصلحة، المنصوص عليها في مختلف النصوص التنظيمية، كانت غير مشغولة”، مشيرا إلى أن وزارة الثقافة تتحجج “بعدم توفر شروط الالتحاق بالمناصب”. وحسب تقرير مجلس المحاسبة، فإن السؤال المطروح هنا: “كيف تعمل وزارة الثقافة على تنفيذ برنامجها وأهدافها دون كفاءات؟”، وذلك في ظل “وجود 192 منصب رئيس مصلحة شاغر و576 منصب رئيس مكتب بمديريات الثقافة”، بالإضافة إلى “حاجة الوزارة إلى 31 مستشارا ثقافيا رئيسيا، و120 مستشار ثقافي و14 محافظ مكتبات ووثائق و12 محافظا للتراث الثقافي، و66 مهندس دولة يشرف على تسيير ميزانية وبرنامج وزارة الثقافة”.63 في المائة من صفقات وزارة الثقافة “خارج القانون”وفي السياق نفسه، جاء في التقرير المقدم من طرف مجلس المحاسبة، أن قطاع وزارة الثقافة “كرس عقلية التراضي” في تنفيذ الصفقات، وهو ما يعكس “عدم احترام القانون”. كما أشار في باب التسيير الذي راجع 265 صفقة من عام 2006 إلى 2013، إلى “أن 41 في المائة من الصفقات أبرمت بالتراضي، 21 في المائة بالتسوية، و37 في المائة فقط عن طريق المناقصة”، مؤكدا أن “الصفقات من غير المناقصة يعد مخالفا لفحوى تنظيم الصفقات العمومية، كما تصرح به المادة 25 من المرسوم الرئاسي المتعلق بكيفية إبرام الصفقات العمومية”.ولم يذكر التقرير تفاصيل أكثر حول المستفيدين “كما لم يحدد أسماء الشركات والمخرجين والمنتجين السينمائيين، كما لم يقدم الكثير من المعلومات حول أسماء المشاريع المنجزة خارج القانون”، على حد وصف “التقرير”.الأموال صرفت والأفلام لم تعرض ولم توزع وتنتج كلهاذكر التقرير ذاته أنه: “تم تحويل ما قدره 528 مليون دينار إلى حساب الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، ما يمثل 83.58 في المائة لتمويل الأفلام”، وأوضح أنه “إلى غاية الآن لم تقدم الوكالة أي حصيلة حول استعمال هذه التخصيصات”، واعتبر أن “ذلك مخالف للقانون”، تحديدا “للمادتين 6 و10 من دفتر الشروط، وفق قانون المالية 2011”، مشيرا إلى أن “الوكالة الجزائرية لا تزال تمول المنتجين الذين لم يحترموا الآجال التعاقدية”. ويشير التقرير بخصوص هذه المسألة إلى خمسة أفلام دون ذكرها.من جهتها، اعتبرت الوزارة في ردها أن برامج “سينما الشاطئ” و”سينما المدينة” الذي أطلقته مؤخرا، هما برامج كفيلة بتوزيع الأفلام.في السياق ذاته، أشار مجلس المحاسبة إلى أن “وزارة الثقافة لم تقم بأي إجراء رقابي”. في مقابل ذلك، أوضح التقرير أن “المركز الوطني للسمعي البصري والسينما لا يحوز على جرد للأفلام المنتجة، ولا يحوز على نسخ لكل الأفلام الممولة من طرف الصندوق”. كما جاء فيه أنه “من أصل 98 فيلما منتجا منذ 1992 إلى غاية 2013، بمبلغ 634 مليون دينار جزائري، لا يحوز المركز إلا على 38 فيلما”، مؤكدا أن “المركز لا يتحصل على مبلغ الثلاثة في المائة المحددة وفق العقد بين المنتجين السينمائيين والمركز الوطني للسينما والسمعي البصري في إطار حقوق إنتاج واستغلال الأفلام”. المسارح الجهوية في قلب “الانتقاد”على خلاف الفن السابع، اتجه التقرير هذه المرة إلى انتقاد أداء المسارح والقائمين عليها، خصوصا المسارح الجهوية بصفتها “مؤسسات عمومية ذات طابع تجاري وصناعي”، وقال التقرير إنه “تم تسجيل العديد من الملاحظات إلى مستوى المسارح الجهوية، خصوصا مسرح بجاية، والمسرح الوطني، والمسرح الجهوي لڤالمة، ومسرح سعيدة، والمسرح الجهوي لقسنطينة ىوهران، وأيضا ديوان رياض الفتح والمركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ، والديوان الوطني لتسيير واستغلال الأملاك الثقافية المحمية، والمركز الوطني للبحث في علم الآثار، والوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي.وجاء في التقرير أن المسارح المؤسسات سالفة الذكر “عرفت تجاوزات على مستوى جرد للممتلكات” تحديدا. فعلى مستوى المسرح الوطني، ذكر التقرير أن “إجراءات شراء العتاد لا تعكس وجود مقاربة بين الطلبيات والفوترة”، ووصف حصيلة مسرح سعيدة لمدة 4 سنوات من 2010 إلى 2013 بـ “السلبية والخاسرة”، وتحدث عن عدم تعيين أعضاء مجلس الإدارة بالنسبة للمركز الوطني للبحوث، وذكر أن “حقوق مبلغ 9 مليار دينار غير محصلة، وهي تتعلق بفواتير تعود إلى فترة 2005 حتى 2013”، وذلك بالنسبة للمسرح الجهوي لقسنطينة.من جهتها، لم تجد وزارة الثقافة الكثير من التبريرات لتقدمها في ردها على تقرير مجلس المحاسبة الأخير، وقد توقف معظم ردودها عند “الاعتراف” بالملاحظات المسجلة والتأكيد على مواصلة خطوات وزارة الثقافة نحو مزيد من الشفافية والتدقيق، بالنسبة للمشهد الثقافي الذي عرف خلال السنوات الأخيرة حراكا ثقافيا غير مسبوق، وتظاهرات متتالية “عاصمة الثقافة العربية، الثقافة الإسلامية، المهرجان الثقافي الإفريقي”، وغيرها من المهرجانات والصفقات المالية لتصوير أفلام السينما الجزائرية التي لا يزال معظمها أفلاما حبيسة الأدراج.غير أن التقرير لم يكن قاسيا هذه المرة في النقد، مقارنة بالتقرير السابق لسنة 2012، فقد تجاوز هذه المرة الحديث عن أسماء المخرجين والمنتجين السينمائيين والشركات التي تعاملت مع وزارة الثقافة في المرحلة التي راجعها، على عكس تقرير مجلس المحاسبة الماضي الذي قدم مراجعة لميزانية 2012 وكان “شديد اللهجة”. في المقابل، توقف التقرير الأخير عند الدعوة إلى ضرورة “مراجعة المرحلة المالية والإدارية والتسييرية لقطاع وزارة الثقافة على مدار الثماني سنوات الماضية”.يأتي هذا التقرير في وقت تراجعت ميزانية وزارة الثقافة في ميزانية 2016 بنسبة 62 في المائة، وذلك وفق قانون المالية الذي حدد المبلغ الممنوح لقطاع الثقافة بـ188 مليون دولار فقط، وذلك بعد أن كانت خلال عام 2015 قد بلغت 400 مليون دولا.أرقام أخرى تحيّر مجلس المحاسبة- 814 مليون دينار إصلاحات في زاوية الهامل، وإجراء حفريات أثرية في ساحة الشهداء بالعاصمة.- 7 سنوات والصندوق الوطني للتراث الثقافي، مجمد، رغم أهميته وحصوله على دعم مالي قدره 156 مليار دج منذ تاريخ إنشائه سنة 2006.- 45 في المائة من المخزونات لم يتم جردها على مستوى ديوان رياض الفتح، الحقوق غير المحصلة بلغت 85 مليار سنتيم، منها قرض من بنك الجزائر للتنمية “سابقا يعود إلى سنة 1991 بمبلغ 4 ملايير دينار، أدى إلى تراكم الفوائد، التي بلغت 16 مليار دينار غير مسجلة، دون احتساب فوائد ثلاث سنوات 2011 و2012 و2013.                                                          وزيرة الثقافة السابقة، خليدة تومي، لـ “الخبر”“عمل مجلس المحاسبة “طبيعي” وسأرد شهر ماي القادم” وصفت وزيرة الثقافة السابقة لقطاع الثقافة، خليدة تومي، تقرير مجلس المحاسبة بـ “الشيء الطبيعي” الذي يقدم ملاحظات حول قطاعات حكومة الدول التي تملك قوانين وتشرف على “مراقبة” التسيير المالي والإداري للوزارات. وأوضحت خليدة تومي في اتصال هاتفي مع “الخبر”، أن مجلس المحاسبة يقوم بدوره كل سنة ويشرف على مراقبة الوزارات، ولكنه حسبها، كما قالت: “للأسف، مجلس المحاسبة لا يتعامل مع الوزراء”، وشرحت خليدة تومي “آلية عمل مجلس المحاسبة الذي يستدعي الوزراء للرد وتوضيح آليات العمل داخل القطاع الوزاري كل سنة”.من جهة ثانية، أوضحت وزيرة الثقافة خليدة تومي أنها سترد بالتفصيل عن جميع الاتهامات التي جاءت في التقرير، وتخص فترة تسييرها لقطاع وزارة الثقافة التي دامت 12 سنة، وأوضحت أنها ملزمة، بحسب المرسوم الرئاسي، بواجب التحفظ لمدة سنتين، كما قالت: “سأقوم بالرد المفصل يوم 6 ماي 2016 عن كل ما يخص قطاع الثقافة”، وأضافت: “هناك قانون واضح في هذا الإطار، وكل واحد يريد الحديث عن ذلك أو إلصاق التهم بنا، له ذلك إلى غاية انتفاء حق التحفظ”.                                                                                               

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات