+ -

تعرف الساحة الحزبية، منذ أسابيع، حراكا غير عادي، أعاد إلى الأذهان زمن “المؤامرات العلمية” و”التصحيحيات”، التي تستهدف استقرار قيادات أحزاب “مشاكسة” تارة، أو تأديب آخرين انتقاما من مواقف أو تصريحات غيرت مجريات الأحداث أو أحرجت السلطة ومسانديها من الأحزاب وعطلت مشاريعهم.

يحتل حزب جبهة التحرير الوطني صدارة التشكيلات المعتادة على “التصحيحيات” خدمة لأجندة نظام الحكم، باعتباره “جهاز التحكم” في المجتمع والدولة، بصفته الذراع أو الواجهة السياسية لنظام الحكم. فمن المؤامرة العلمية التي نفذها عبد القادر حجار وعبد الرحمن بلعياط، وأطاحت بالراحل عبد الحميد مهري من أمانة الأفالان، إلى سقوط عبد العزيز بلخادم بانتخابات “خيطت” نتيجتها، أدت بعد صراع مرير بين أجنحة السلطة إلى استقرار الأوضاع بترسيم عمار سعداني أمينا عاما بمؤتمر أبعدت عنه كافة المعيقات.لكن نفس الحزب اليوم، هو الذي يشير إليه خصومه في المعارضة بأصابع الاتهام بممارسة ذات المؤامرات ضدهم، وفي مقدمتها حزب العمال، كرد انتقامي لقاء مواقفه من عدة قضايا، أهمها قانون المالية 2016 والتشكيك في مصدر قرارات التغييرات التي مست جهاز الدياراس ومناصب قيادية في الجيش، فضلا عن محاكمة الجنرالات مجدوب وحسان وحسين بن حديد.حنون في عين الإعصارهذه المحاولة التصحيحية تجسدت بنودها بشق نواب عماليين عصا الطاعة والتمرد على تعليمات زعيمة الحزب لويزة حنون، بل والذهاب إلى حد تأسيس لجنة لإنقاذ الحزب، يقودها النائب سليم لباتشا، بدعم من الكتلة البرلمانية للحزب العتيد في المجلس الشعبي الوطني. آخر المعلومات الآتية من قصر زيغود يوسف، تقول إن عدد المنشقين الملتحقين باللجنة المذكورة وصل إلى 11 نائبا.في ظل هذه الأحداث، اكتفت اللجنة المركزية لحزب العمال بإصدار قرار بإقصاء لباتشا من هياكل الحزب، وجردته من صفة الانتماء إليه على مستوى البرلمان لحرمانه من أي شرعية قانونية لخطوته. حزب آخر في المعارضة يعاني منذ فترة من محاولات زعزعة الاستقرار، إنه حركة مجتمع السلم، فالسلطة في عينها هي سبب البلبلة والقلاقل التي تشهدها، والسبب هو الانتقام منها على ما تفعله لضرب تأثيرها في الساحة الوطنية. هذا ما يحاول إيصاله عبد الرزاق مقري، رئيس “حمس”، إلى القواعد والرأي العام.السلطة في نظر “حمس” هي التي تحرك أتباعها بكل ما هو سيئ ضد “حمس”، بسبب قرار الانسحاب من الحكومة في 2012، وبالتهجم على الإعلاميين الذين يتعاطون مع أخبار حركته!وإن كانت “حمس” من بين أكثر الأحزاب دراية بأساليب النظام التأديبية، إلا أن رئيسها لا يستبعد أن تظل حركته هدفا لها، ما دامت تغرد خارج سرب الموالاة التي يحاول قياديون سابقون من “حمس” جرها إليها تحت غطاء العودة إلى محضنها الطبيعي الذي بناه لها مؤسسها الراحل محفوظ نحناح.سفيان جيلالي يلتحق بقائمة المغضوب عليهموضمن هذا السياق، لا يخفي كل من رئيس “حمس” السابق أبوجرة سلطاني ورئيس المجلس الشوري السابق عبد الرحمن سعيدي، حرجا في الاعتراف بأنهما يعارضان استمرار “حمس” في السير على طريق المعارضة، نظرا للثمن الباهظ الذي تدفعه سياسيا وشعبيا بفعل الإصرار في نهجها الحالي.يذكر أن “حمس” غادرت الحكومة بمحض إرادتها بعد اندلاع ما يسمى بالثورات العربية في تونس، وسبق ذلك استقالة أبوجرة سلطاني من منصبه كوزير دولة بدون حقيبة، رضوخا لضغوط المجلس الشوري.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات