+ -

 احتفل التونسيون أمس بالذكرى الخامسة لثورة 14 جانفي، وسط تطلعات وآمال في إمكانية تجاوز المشكلات الراهنة المتعلقة باستعادة الأمن وإعادة بعث الاقتصاد، والتكفل بالمطالب الاجتماعية والعمالية، وتحسين مستوى المعيشة، بعد تحقيق مكاسب تتصل بالحريات والديمقراطية.استكمل التونسيون أمس السنة الخامسة بعد ثورة أطاحت بالنظام الدكتاتوري بقيادة زين العابدين بن علي، وأنهت عقودا من الحكم الأحادي الذي هيمن على المشهد السياسي. تحققت أهداف سياسية، لكن جزءا كبيرا من الأهداف والمطالب الاقتصادية والاجتماعية خاصة مازالت عالقة، وسط جدل حاد حول عودة الدولة العميقة ورموز النظام السابق إلى الواجهة.وبرغم كل الجدل والنقائص التي شابت الانتقال الديمقراطي في تونس، فإن الثورة التونسية شكلت الاستثناء الكبير على صعيد ثورات الربيع العربي، ونجت من ارتدادات وإخفاقات أخرى عرفتها ثورات مماثلة ومتزامنة كمصر واليمن وسوريا وليبيا. استثناء يرجعه المراقبون إلى خصوصية التجربة التونسية، ونجاح التونسيين في إبعاد أي تدخلات أجنبية في المسار الثوري وفي مآلاته. وفي السياق قال النشاط الإعلامي رشيد خشانة إن الثورة التونسية “لم تُقلد أي أنموذج ولم تستورد أي شعار من شعاراتها ولم تقتبس شيئا من كتب الثورات. وهذا يعني أنها لم تكن بلا رأس، بل ويدل على أنها استندت على إرث خصيب لم يُتح لسواها من ثورات الربيع العربي، ما جعلها تنجو من المطبات التي وقعت فيها ثورات أخرى”. ويضيف “صحيح أن الثورة التونسية لم تكن لها قيادة سياسية مركزية تُوجه مسارها وتُحدد لها المطالب وتصوغ الشعارات، غير أن المسيرات والإضرابات والاعتصامات والمواجهات الشارعية، طيلة قرابة الشهر، كانت تقودها مجموعات محلية من الإطارات السياسية والنقابية والجمعوية التي تشبعت بالفكرة الديمقراطية”.ولم يكن نجاح القوى السياسية التونسية في تحقيق الحد الأدنى من التوافق وتجنيب تونس الانزلاق نحو مشكلات داخلية منجزا سياسيا محليا، لكنه أعطى على الأقل حالة نجاح لحراك شعبي، وأبرز إمكانية إحداث التوافق بين القوى السياسية بمختلف توجهاتها وإيديولوجياتها الفكرية، وأكثر من ذلك أحدث تقاربا كبيرا بين أكبر قوتين سياسيتين كانتا إلى وقت قريب على مستوى كبير من التباعد والعداء السياسي، حركة النهضة وحركة نداء تونس التي تضم القوى اللبرالية، وهو التقارب الذي عبر عنه رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي قبل أيام “تونس عبارة عن طائر جناحاه النهضة والنداء”.   

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات