علم أهل الكتاب بصفات أصحابه رضي الله عنهم

+ -

 قال عليه الصلاة والسلام: ”أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد”، أي حالة كونه ساجدًا. فإذا حصلت للمصلي رتبة السجود وفنا عن الوجود يسجد ثانية ليفنى عن ذلك الفناء. فلهذا يسجد ليكون سجوده عين الرفع منه الذي هو عبارة عن البقاء، كما قال بعضهم رحمة الله عليهم:فيفنا ثم يفنا ثم يفنا                             فكان فناؤه عين البقاءفيَفنى أولاً عن نفسه وعن ما سوى الله في الجملة ثم يفنى عن ذلك الفناء ليكون بقاؤه بالله فإذا حصل له الفناء والاضمحلال في عظمة الله عز وجل فيفنى حينئذ إلا أنه يبقى هو بلا هو وذلك لأنه يكون ساجدًا في نظر الحق رافعًا في نظر الخلق فانيًا من حيث الأُحدية، باقيًا من حيث الواحدية. فسجود العارفين سجود متصل ووصولهم غير منفصل كما قال بعضهم:فاسجُد كي أفنى عن الفناء                       وأسجُد أخرى والمتيم والعوقلبي قد أبقاه حسنك عنده                    تحياته منكم إليكم تسارعكيف يكون الرجوع ووجود الغير في هذا المقام ممنوع. فحاشاهم من الرجوع لأنفسهم والنظر لأبناء جنسهم، بل مازالوا ساجدين فانين في وجود موجودهم لم يبق لهم وجود ولا أثر ولا تسمع عنهم ذكرًا ولا خبرًا.. كانوا في الأيام الخالية وهم الآن بالله ومع الله أماتهم الحق عز وجل موتة بهيمية أي لا نشور بعدها ثم أحياهم حياة أبدية، أي لا ممات بعدها، ماتوا بأنفسهم وطبعهم وهويتهم وانبعثوا بربهم فصار وجودهم مع الله كأن لا وجود وحينئذ لا زائد لك هنا على عابد ومعبود فبِسره يَعبدونه، وببصره يشاهدونه، إن دعوت العارف أجابك موجوده وإن دعوت الموجود أجابك عارفه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات