اعتبر عبد القادر ضيف الله، أن الرّواية الجزائرية، أخذت اليوم مسارا مغايرا أفقدها الكثير من المكاسب التخييلية والجمالية التي أسّستها رواية التجريب والتحوّل مع بدايات الثمانينيات، وهذه المغايرة المؤسسة على التجريب في أشدّ إبهاماته خاصة ذلك المتعلق باللغة والواقع والتاريخ، أضحت منذ تسعينيات القرن الماضي، إما تسجل الواقع الدامي تسجيلا حرفيا وإما تعود للتاريخ فتغرق فيه دون أن تشعر قارئها بأنه أمام فعل تحويل وخلق في الآن نفسه. وقال ضيف الله: ”في خضم هذا التحويل يجد الروائي نفسه يخلق واقعا موازيا أو ممكنا، واقعا شفافا يستطيع القارئ تلمسه لكنه لا يستطيع أن يجزم أنه عالم حقيقي، وهذا هو التخييل الذي لم تستطع الرواية الجزائرية تجسيده في منجزها اليوم بالشكل المطلوب حتى يستطيع كاتبها أن يتميز عن كاتب المذكرات أو مؤرخ التاريخ، أو ممارس لأي خطاب مرجعي”. وأضاف: ”إذن أعتقد أن هناك حلقة مفقودة في الميثاق التخييلي الذي يربط الرّواية الجزائرية بمتلقيها الجزائري أولا قبل المشرقي الذي هو الحكم في النهاية في جائزة مثل جائزة البوكر، الشيء الذي جعلها نصوص تغرّد خارج سرب الرّواية العربية التي لازالت وفية لتقليدها في الحكي وفي معالجة قضايا الإنسان العربي دون القفز على المحلي والبحث عن عالمية بعيدة المنال، كما تفعل غالبية نصوص الرّواية الجزائرية اليوم التي ابتعدت عن الحكاية التي هي أساس طبيعة الرواية، وراحت تركز في تجريبها على نص المؤلف المأزوم/ المثقف المأزوم، وكذلك على اللغة كساردة ومسرودة في الآن ذاته وعلى قضايا ليست ذات صلة بالجزائري البسيط”.ولكل هذه الأسباب، أوضح ضيف الله أن الرواية الجزائرية أصبحت ”تسجل إخفاقات على مستوى الحضور العربي في جائزة عربية مثل جائزة البوكر، وهذا الإخفاق تنضاف إليه أسباب أخرى تتعلق بالجائزة نفسها ومقاييسها النسبية التي تتحكم فيها في الغالب ذاتية الحكام أولا، ثم اختلاف الذائقة المشرقية عن الذائقة الجزائرية التى انبنت عندنا، ليس على القارئ البسيط الذي يروم متعة الحكي، بل على الجانب النخبوي الذي يبحث عن تبرير نظرية، والسياسي الذي يبحث عن شعار في الغالب”. وختم ضيف الله قائلا: ”كل هذا جعل الرّواية الجزائرية رغم كل إمكانياتها وتميّزها في بعض النصوص، تظل في عملية بحث مستمر عن ذاتها”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات