المجلس الدستوري يحضر الفتوى الثالثة لبوتفليقة

+ -

إذا كان تعديل الدستور يمس بـ”التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية”، وأيضا بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، فإنه يعرض للاستفتاء الشعبي وفقا للمادة 174، أما إذا كان التعديل لا يمس بتلك المبادئ فيعرض فقط على البرلمان للمصادقة عليه. فأي فتوى سيصدرها المجلس الدستوري بشأن الآلية التي ستمرر بها تعديلات الدستور الجديدة التي أقرها رئيس الجمهورية ؟ زيادة على ديباجة الدستور التي أدخلت عليها العديد من التعديلات، من خلال إضافة فقرات جديدة تخص المصالحة الوطنية وتكريس خيارات الشعب الجزائري، فإن وثيقة تعديل الدستور المقترحة من قبل رئيس الجمهورية، قد مست تعديلاتها 67 مادة من مجموع 182 مادة يتضمنها الدستور. كما حملت الوثيقة 23 مادة أخرى بصيغة (مكرر)، وأيضا أدرجت 4 مواد جديدة تماما، واحدة جاءت معها 10 فقرات تخص هيئة حقوق الإنسان ودورها، والمواد الثلاث الأخرى بها مادتان مكرر 1 و2، وهي تعديلات واسعة لا مجال لمقارنتها بتلك المدرجة في تعديل 2008. الرئيس أخطر المجلس الدستوري، مثلما ينص عليه الدستور، والكرة في مرمى هيئة مراد مدلسي للحسم في آلية تمرير التعديل بين عرضه على البرلمان فقط أو طرحه للاستفتاء الشعبي.لكن بالعودة إلى التعديلات الجديدة، نجدها قد مست مهام البرلمان الذي تدعم بصلاحيات جديدة، خصوصا في علاقته بالجهاز التنفيذي، وأيضا توسيع صلاحية مجلس الأمة الذي تحصل على حق اقتراح القوانين والتعديل، بعدما كان منذ نشأته يملك فقط صلاحية الموافقة على القوانين أو رفضها دون حق التعديل أو الاقتراح، وهي مهمة جديدة تعني تغيرا في السلطة التشريعية لغرفتي البرلمان، مع ما لذلك من مساس بالتوازنات بين المؤسسات الدستورية.وبعدما كان الدستور يعترف بلغة واحدة رسمية، أضافت تعديلات الدستور الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، وتعد اللغة مكونا من مكونات المبادئ العامة للمجتمع الجزائري التي ينص الدستور أن المساس بها يفترض المرور على الاستفتاء الشعبي، مثلما تنص عليه المادة 174 من الدستور. وضمن هذا السياق، يرى كايس شريف، أستاذ القانون العام بجامعة “مولود معمري” بتيزي وزو، أنه من المستحسن تنظيم الاستفتاء الشعبي، لأن مشروع التعديل يمس بالتوازنات الأساسية للسلطات، نظرا لتدعيم دور البرلمان في ضبط شؤونه في مواجهة السلطة التنفيذية (الحكومة)، كذلك تعديل نمط عمل اللجنة البرلمانية متساوية الأعضاء، وكذلك ترسيم اللغة الأمازيغية التي تعد من بين المبادئ العامة للمجتمع الجزائري. نفس الموقف لدى الخبيرة في القانون الدستوري، فتيحة بن عبو، التي ترى أنه من المفروض أن يفسر المجلس الدستوري بأن التعديلات المقترحة تتم المصادقة عليها عن طريق الاستفتاء لأنها تمس بالمبادئ العامة للمجتمع الجزائري.كما أن تعديل المادة 178 من الدستور التي تنص على الثوابت غير القابلة للتعديل في أي تعديل دستوري، من خلال إضافة الفقرة 8 إليها وتخص عدم المساس بمدة العهدة الرئاسية في أي تعديل، تشكل هي الأخرى مساسا “بالتوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية”، بدليل أن تغيير المادة 74 في تعديل 2008، قد أحدث جدلا سياسيا كبيرا وسط الطبقة السياسية وفي المجتمع، وقرئت يومها على أنها منع للتداول السلمي على السلطة وغلق للديمقراطية، فبماذا ستأتي الفتوى الثالثة للمجلس الدستوري، بعد فتوى 2002، الذي اعترف باللغة الأمازيغية لغة وطنية، وتعديل 2008 الذي فتح العهدات الرئاسية ؟

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات