+ -

الاستحواذ على العقار من طرف مواطنين وحتى بعض العصابات الراغبة في جني المال مس أقاليم عدة من بلديات بجاية، لاسيما الشريط الساحلي الغربي لها. هؤلاء يشيدون دون رخص بناء ويحملون في مخيلتهم الجماعية قناعة مؤداها أن ”الدولة غائبة”، غير آبهين إن كانت تلك الأراضي تابعة للأملاك الخاصة للدولة أو تابعة لمناطق التوسع السياحي أو لمحافظة الغابات، حتى أن بعضهم استولى على فضاءات كانت مخصصة لإنجاز مشاريع عمومية، بدليل أن مديرية البناء والهندسة المعمارية والتعمير تشير إلى وجود 316 مخالفة خاصة بالتعدي  على الملكية الخاصة للدولة، ولا يتردد هؤلاء في تشييد بناءاتهم تحت جنح الظلام. في غمرة ما يحدث في بجاية دخل الوالي الجديد في حرب استعادة الأوعية العقارية التابعة للدولة، من جانب الشروع في هدم عشرات المباني غير القانونية في ظل الشعار المشهور الذي رفع منذ سنوات في المنطقة وهو ”ندرة العقار التابع للدولة” من قبل جناح يشكله بعض الخواص، وذك على نحو يوحي بأن هناك حربا خفية بين الخواص والإدارة في استغلال العقار. فمن جهة يقدم الوالي تعليمات صارمة لمصالح مختلف المديريات لإحصاء الأراضي التابعة للدولة، ومن جهة أخرى يقول البعض إن الأراضي التابعة للخواص تمثل 95 بالمائة. ومع ذلك، فإن حمى الاستيلاء على العقار امتدت لتهز وحدة أكبر عرش في بجاية المشكل من 29 دشرة، باستيلاء ممثلين عن 8 مداشر على مساحات هامة وبيعها في ظل احتجاج باقي المداشر.أضحى الاستيلاء على العقار وتشييد بناءات دون حيازة رخص بناء تقليدا عاديا لدى كثير من البجاويين ممن يجمعون على أن الدولة كانت غائبة ببجاية ومازالت، بل ويحملون صورة عنها في مخيالهم الجماعي، دولة لم تلتفت من حولها للرد على حاجياتهم الاجتماعية (سكن وشغل..) على نحو ما تفعل في العاصمة وباقي بعض المدن الكبرى. وفي غمرة الوضع السائد، سطع نجم سماسرة آخرين يتاجرون في العقار حتى ولو كان تابعا للملكية الخاصة للدولة أو ملكا لبعض العروش، المهم هو جني المال.لا يأبهون بأحد..الزائر للشريط الواقع غرب مدينة بجاية هذه الأيام، وبالضبط الشريط الممتد من تازبوجت إلى بوليماط، مرورا بمساحات واسعة لحظيرة ڤوراية، تثير انتباهه مشاهد أشغال الحفر والتهيئة الجارية في الجهة الشرقية بأعلى الطريق الكائن بالشريط المذكور. عند اقترابنا من المكان الذي تجري به أشغال الحفر والتهيئة على بعد نحو 15 كيلومترا عن قلب مدينة بجاية، لم نعثر على أي لوحة تؤشر على اسم المشروع ولا رخصة البناء ولا المدة التي يستغرقها إنجاز المشروع، بقدر ما وجدنا أشخاصا منهمكين في نقل التراب على متن شاحنتين، فيما كان آخرون يتولون عملية الحفر والتهيئة، بل ولم يسألنا أي واحد منهم عن سر وسبب التقاطنا صورا للمكان.شواطئ الصفيح والأكواخ والأقبية!نواصل طريقنا صوب المنحدر المؤدي إلى شواطئ بوليماط الجميلة، فتتراءى لنا من بعيد مساحات هامة تم تقسيمها إلى قطع أرضية بإحدى الهضاب التابعة لإقليم حظيرة ڤوراية القريبة من منطقة التوسع السياحي لبوليماط. والمرجح، حسب العارفين بالمنطقة، أن تقسيم تلك القطع الأرضية تم بغرض بيعها، إن لم تكن قد بيعت وتحولت في أجندة أصحابها إلى سكنات أو مشاريع أخرى. وفيما كنا نقترب من شواطئ بوليماط، اتضحت لنا جيدا صورة عشرات البناءات الحديثة التي شيدها أصحابها بالقرب من تلك الشواطئ، بينها تلك التي صممت لتكون فنادق وأخرى لإيجارها خلال موسم الاصطياف تبعا للمنطق والتقليد الذي يتبعه جيران البحر، لتكتمل اللوحة مع حزام واسع من بيوت الصفيح الممتدة على مساحة واسعة من شواطئ بوليماط وأخرى شيدها أصحابها بشكل اعتباطي. الذين شيدوا بيوت الصفيح وأكواخا وحتى منازل دون حيازتهم على رخصة البناء فرضوا منطقا خاصا، بعد أن حولوا عددا من تلك البناءات المشيدة إلى ملاهٍ وحانات، لتصبح بوليماط تتوفر على ما لا تتوفر عليه مدينة بجاية، خزان للنساء ووجهة مفضلة لعشاق الليل والباحثين عن اللهو والمجون، حتى أنها باتت تحتل مكانة امتيازية في مخيلة كثير من الشباب الجزائري المتعطش للسهر والسمر. على هذا النحو، باتت تلك البناءات تدر الملايير على أصحابها من السماسرة الغامضين، بدل أن يسود الاستثمار السياحي الحقيقي بتشييد فنادق ومنتجعات للاستجمام مكان الفضاءات التي احتلها الصفيح والأكواخ والبناءات العشوائية، وإشاعة ثقافة البحر مكان منطق البزنسة الذي فرضته عصابات وسماسرة غامضون، إذ أن منطق الهمجية السائد في أغلب الشواطئ الجزائرية مازال إلى غاية اليوم يحث عشرات الآلاف من الأسر الجزائرية على اختيار وجهات سياحية لدى بلدان الجوار وأخرى أوروبية، لأن السياحة في بلادنا مازالت خطابا يسوق على حساب النزول إلى الواقع وإنجاز البنيات التحتية اللازمة في مناطق التوسع السياحي.في غمرة فوضى الأشياء الممتدة أمامنا، تصادفنا لوحة كتب عليها ”المخيم العائلي لبوليماط” لم تثر فينا إلا الضحك، لأننا لا نعتقد أن هناك عائلة تتجرأ على حجز مكان لها في هذا الفضاء في خضم الفوضى السائدة، بل إن هذا النوع من المخيمات يعكس تصورا تقليديا متخلفا للسياحة، في وقت أقدمت دول الجوار على الاستثمار في فنادق ومنتجعات تدر عليها إلى غاية اليوم ما لا يدره البترول على الحكومات الجزائرية، لأنها تستقطب إليها آلاف العائلات الجزائرية في مختلف المواسم والعطل.ومع أن الناس في بوليماط يقولون إن جزءا من الأراضي الواقعة في منطقة التوسع السياحي هي ملك لخواص وبالتالي يحق لهم إنجاز ما يريدون من سكنات ومشاريع، إلا أن مدير السياحة لولاية بجاية، عبد القيوم دراع، يقول: ”لا يحق للخواص تشييد بناءات فردية فوق أرض تابعة لمنطقة التوسع السياحي”. ويضيف المسؤول ذاته في معرض إجابته عن سؤالنا بشأن مصير بعض الأراضي التي يحوز أصحابها على عقود ملكية في منطقة التوسع السياحي ”العقار السياحي مخصص فقط للاستثمار السياحي، لذلك لن تستثني بعض أراضي الخواص من الاسترجاع من طرف الدولة، إذ لا يحق لأي شخص يحوز على قطعة أرض بمنطقة التوسع السياحي أن يبيعها لأي طرف إلا بعد حصوله على وثيقة من وزارة السياحة تثبت عدم ممارسته لحق الشفعة، وعلى هذا الأساس لا يحق لأي شخص تشييد سكن فردي فوق منطقة التوسع السياحي”. وما عرفناه من لدن مديرية السياحة بالولاية أن القانون المتعلق بالتوسع السياحي تبادر في إطاره اللجنة المتكونة من أربعة قطاعات، هي مصالح البناء والتعمير، السياحة، الشرطة القضائية والبيئة، بمعاينة البناءات غير القانونية، كالتعدي على العقار السياحي ثم تحرر المخالفات.يقومون بالبناء تحت جنح الظلام والعطل الأسبوعية والدينيةويعترف مدير السياحة بحالات التعدي على هذا النوع من العقار ”هناك حالات عديدة للتعدي على العقار السياحي والظاهرة توسعت خلال السنوات الأخيرة وبالضبط منذ سنة 2010 إلى غاية اليوم، وتعد بالعشرات في مناطق تازبوجت وبوليماط وساكت.. ولو أن بعض المواطنين يحوزون على رخصة بناء”. ويتلقى أعضاء اللجنة صعوبات في التعرف على هوية الأشخاص ممن يقومون بعملية البناء، حسب المسؤول ذاته، من جانب أن أعضاء اللجنة لا يعثرون على أي شخص عند تنقلهم إلى مكان البناء، وهي حيلة يلجأ إليها المواطنون لتحاشي تقديمهم معلومات وتسلمهم إعذارات وإنذارات تقودهم إلى المثول أمام العدالة، وهي حيلة أيضا متبعة بولاية جيجل. البناءات التي يتم تشييدها بمناطق تازبوجت، بوليماط وساكت مثلا هي بناءات مخصصة إما للسكن أو لإيجارها خلال موسم الاصطياف، استنادا لأقوال مدير السياحة. ومع ذلك، فإن محاضر المخالفات الخاصة بالبناءات غير القانونية يتم تحويلها إلى الوالي المختص إقليميا وعددها يعدّ بالعشرات.ويقول شهود عيان من منطقة ساكت إن هناك من المواطنين من يفضل البناء تحت جنح الظلام للإفلات من قبضة الرقابة والإسراع في عملية البناء، فيما يشير آخرون إلى أن هناك تقليدا بات جاريا لدى أغلب الناس، وهو انتظار عطلة نهاية الأسبوع للقيام بعملية البناء. وتحصي ولاية بجاية 14 منطقة توسع سياحي، أنشئت غالبيتها سنة 1988، ماعدا 3 مناطق أخرى أنجزت سنة 2010، فيما يجري الترتيب حاليا على مستوى مديرية السياحة لدراسة مخطط التهيئة لثلاث مناطق للتوسع السياحي، اقترح بها إنجاز مركبات سياحية وفنادق ومنتجعات.الملايير في ظرف وجيز..المجتمع المحلي ببجاية ينظر إلى مسألة الاستيلاء على الأوعية العقارية والبناء دون رخصة على أنها أمر عادي، على اعتبار أن الدولة كانت غائبة ولاتزال، في وقت يرفع مواطنو عدد من البلديات طلبات السكن، لكن لا أحد يرد عليها. ويقول نسيم، وهو مهندس معماري، إن البناء دون رخصة تحول إلى تقليد جار على مستوى كامل تراب الولاية، بينها مناطق بني كسيلة، تلا غيلاف، وادي غير وحتى الجهة الشرقية لمدينة بجاية (سوق الاثنين، تيشي، ملبو..)، فيما يشير سمير، شاب يشتغل لدى واحدة من الوكالات العقارية بقلب المدينة، إلى أن العقار مهما كانت طبيعته (تابع للدولة أو للخواص) أصبح منذ السنوات الأخيرة في صلب عملية بزنسة من قبل بعض السماسرة، والدليل على ذلك أنه منذ نحو عام ونصف تمكنت الشرطة القضائية للولاية من توقيف عناصر عصابتين تتاجران بالقطع الأرضية، بينما يرى صاحب حانة أن المتاجرة بالعقار هي من الأشياء التي تدر على أصحابها الملايير في ظرف قياسي ووجيز، وهي قراءة تبقى أقرب إلى المنطق.عمليات الاعتداء والاستحواذ على الأراضي والفضاءات شملت مناطق التوسع السياحي، قطاع الغابات وفضاءات مخصصة لإنجاز مشاريع عمومية، بل هناك محاولات متواصلة للظفر بأماكن أقامت فوقها بعض المؤسسات ثم غادرتها ومناطق أخرى مصنفة ضمن التراث الثقافي، على الرغم من أن الوالي الجديد لبجاية، ولد صالح زيتوني، يصر على الضرب بيد من حديد لاسترجاع كامل الأوعية العقارية الخاصة بالدولة، وباشر منذ مجيئه حملة هدم المئات من البنايات غير القانونية، وبدا من خلال تعليماته التي قدمها لمختلف مصالح الولاية كما لو أنه دخل في حرب ضد كامل الجهات التي تتساهل إزاء الاستحواذ على الأراضي والفضاءات التابعة للدولة، بدليل أنه باشر عمليات هدم البناءات غير القانونية التي تجاوز عددها المائتين. وتقول المكلفة بالإعلام بالولاية، كهينة زياني، إن ولد صالح زيتوني، والي بجاية، عقد اجتماعا عند مجيئه، عبر فيه عن إرادته لمحاربة الاعتداءات المتواصلة على إرث الدولة من العقار دون هوادة، المتمثل في البناءات غير القانونية، احتلال ضفاف الوديان وكذا الفضاءات التابعة لمؤسسة النقل بالسكك الحديدية، وطالب القائمين على تسيير بلدية وادي غير بأن يلتفتوا من حولهم قصد حصر كامل المخالفات ومتابعة أصحابها أمام العدالة وذلك أمام عدد من المديرين ممن قاموا بتقديم تقارير قطاعاتهم، بينهم مديرو السياحة، محافظة الغابات، الصناعة، الموارد المائية.. ورئيسا بلدية ودائرة بجاية. كما لم يتردد الوالي، تضيف المتحدثة، في ”تقديم تعليمات صارمة لمسؤولين لهم صلة بالمخطط الرئيسي للتهيئة الحضرية والمحيط لبجاية، بهدف تصنيف المواقع التاريخية والثقافية والغابية”، في إشارة واضحة إلى حمايتها من العصابات والأشخاص الذين يتحينون كل فرصة لبيع ما يجدونه في طريقهم من عقار، ذلك بعد أن اعتبر المخطط الرئيسي للتهيئة الحضرية غير متحكم في النسيج الحضري والعمراني.حرب خفية بين الإدارة والخواصلكن الخيط الرفيع في التعليمات الصارمة التي قدمها الوالي إلى كل مدير، هو إحصاء وحصر الفضاءات والجيوب من الأراضي التابعة للدولة كما لو أنه في مهمة رسم المسافات الفاصلة بين ما هو تابع للدولة وما هو غير تابع لها، ومن ثمة رسم الخطوط الحمراء أمام الأشخاص والعصابات الناهبة للعقار من جهة والجهات والأطراف التي اعتادت رفع شعار ”ندرة العقار التابع للدولة” منذ سنوات، في إطار مسلسل الحرب الخفية بين جناح ينشطه مرقون عقاريون خواص وموالون لهم، وهو الجناح الذي تفوق لعدة سنوات، والإدارة التي كانت تحارب في مساحات ضيقة في ظل ضعف المسؤولين ممن لم يتمكنوا من إنجاز مشاريع عمومية (سكن، مستشفيات، مدارس، ملاعب..) قبل مجيء الوالي الحالي، خاصة أن البجاويين مازالوا يحلمون منذ سنوات بالحصول على مسكن.  بعض العارفين بملف العقار بمدينة بجاية قالوا لنا في سياق ردهم على سؤالنا بشأن التجاذبات الحاصلة بين الخواص والإدارة ”إن ندرة العقار الخاص بالدولة أكذوبة تم الترويج لها منذ سنوات، فلماذا لما يتعلق الأمر بإنجاز مشاريع للخواص لا تطرح مسألة ندرة العقار؟ بل علمنا أن أراضٍ تم استرجاعها بمنطقة تازبوجت تم استغلالها من قبل خواص، رغم أنها كانت مخصصة لإنجاز مشاريع سكنية عمومية”.تعليمات لاسترجاع أراضي الدولةوتقول شهادات بعض مصادرنا بمدينة بجاية إن ”هذه الحيلة المتمثلة في ندرة العقار الخاص بالدولة طبقت على الوالي الأسبق لبجاية عندما حاول إنجاز مشاريع عمومية بمنطقة وادي غير، وقيل له إن العقار غير موجود لاحتضان تلك المشاريع، لكن عند مجيء الوالي الحالي قيل له العكس، العقار موجود وتم وضعه تحت تصرف بلدية سيدي احمد، بل شيدت بناءات هي محل ملابسات في محيط بلدية بجاية”. فهل معنى ذلك أن الوالي الأسبق حمو التهامي لم يكن له وزن وثقل كاف للضغط على تلك الدوائر؟ وهل موازين القوة انقلبت اليوم لصالح الإدارة بعد مجيء الوالي الجديد، وهو الذي قدم تعليمات صارمة لمدير محافظة الغابات ”تقضي بمحاربة البناءات غير القانونية الواقعة فوق الأراضي التابعة لمحافظة الغابات ومتابعة المتسببين فيها بكل ما يتضمنه القانون من صرامة”؟ كما قدم تعليمات لمدير الصناعة والمعادن قصد ”الشروع في إحصاء كامل جيوب الأراضي غير المستغلة في المنطقة الصناعية وألح على ضرورة استغلالها بعقلانية”، ولم يتردد في تقديم تعليمات أخرى وتوجيهات أيضا لمدير الطاقة ورئيسي بلدية ودائرة بجاية بـ«ضرورة مباشرة عملية إحصاء أماكن تواجد المحولات الكهربائية الرئيسية التي تعرف أعطابا بغرض هدمها واسترجاع الأماكن التي أنجزت فوقها”، فيما طلب من مدير السياحة ”توضيح وضعية مناطق التوسع السياحي لبوليماط الساحل وتلاغيلاف وما يجري بشأنها من دراسات ورهانات مستقبلية”.لا رخصة بناء في بوليماط منذ سنواتلكن هل هناك استيلاء وتعدٍ على الأوعية العقارية التابعة للأملاك الخاصة للدولة المبرمجة لإنجاز مشاريع عمومية؟ السؤال طرحناه على مدير التعمير والهندسة المعمارية والبناء لبجاية، لكن هذا المسؤول حاول في البداية اللف والدوران وقال لنا: ”أنا لا أملك هذه المعلومة، وليس من اختصاصي تحديد الأماكن التي كانت مخصصة لإنجاز مشاريع عمومية وتم الاستيلاء عليها من قبل أشخاص وربما لا أوفق في منحكم معلومات صحيحة وربما تكون هذه الأراضي هي ملكية خاصة”. إلا أنه وبعد يومين من الإلحاح للإجابة على سؤالنا، قرر إحالتنا على رئيس مصلحة الإدارة والوسائل العامة لدى مديرية التعمير والهندسة المعمارية والبناء، فاتح غفاري، الأخير يقول: ”توجد 315 مخالفة تم تسجيلها سنة 2015 على تراب الولاية، منها 316 مخالفة مست العقار العمومي الخاص للدولة، إذ سجل أعوان المديرية المختصين 69 مخالفة في بني كسيلة و54 مخالفة أخرى في سيدي بودرهم”، من غير أن يقدم لنا تفاصيل أخرى بشأن المخالفات الأخرى المسجلة بباقي بلديات الولاية، مكتفيا بالقول: ”توجد مخالفات في بوليماط، ساكت، تازبوجت.. وأغلب من شيدوا سكنات في بوليماط لا يحوزون على رخصة بناء، وفي كل مرة تسجل مخالفة ترسل نسخة منها للبلدية وأخرى للمحكمة”. بينما يعترف مصدر من المديرية المذكورة، رفض ذكر اسمه، بـ«أنه لا أحد في بوليماط يحوز على رخصة بناء، على اعتبار أننا لم نقدم ولا رخصة واحدة منذ سنوات”، ما يعني أن أغلب السكنات الفردية وغيرها ستكون مهددة بالهدم بالنظر لكونها بنيت فوق منطقة توسع سياحي، أو أن المنطقة السياحية لبوليماط سيكون مصيرها الإلغاء على نحو المصير الذي لقيته 8 مناطق سياحية بجيجل بعد أن أصبحت آهلة بالسكان.ويقدم نائب رئيس مصلحة الإدارة والوسائل العامة بالمديرية المذكورة توضيحات بشأن تلك المخالفات وهي نوعان، يتعلق النوع الأول بالمخالفات المقدمة لمواطنين شيدوا بناءاتهم دون حيازة رخصة بناء، وفي هذه الحالة البلدية هي التي تتكفل بتسوية وضعية سكنات هؤلاء، بينما تتمثل الحالة الثانية من المخالفات في المواطنين الذين حازوا على رخصة البناء لكنهم لم يحترموا مخطط البناء المقدم لهم وهذا النوع من المخالفات هو الذي يتم تقديمه مباشرة للعدالة، ويشير إلى أنه عكس ما قيل عن الشريط الساحلي الشرقي للولاية من أنه يخلو من البناءات غير القانونية، فإنه تم تسجيل حالات تعدٍ واستيلاء على العقار بتيشي وسوق الاثنين وملبو ولكن بنسبة تقل عما هي عليه الأمور بالشريط الساحلي الغربي للولاية. وما عرفناه من لدن رئيس مصلحة الإدارة والوسائل العامة، أن حصيلة المخالفات لسنة 2015 لا تتضمن المخالفات التي سجلتها محافظة الغابات.مدير الفلاحة: 95 بالمائة من الأراضي تابعة للخواصومع ذلك، فإن مدير المصالح الفلاحية لبجاية يقر بعدم وجود أي اعتداء على العقار الفلاحي ببجاية، على اعتبار أن ”الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة لا تمثل إلا 5 بالمائة من أصل الأراضي المتبقية التي تعود للخواص”، بدليل، يضيف، ”أنها ولاية نموذجية في نجاح تجربة السكن الريفي والولاية الأولى في الجزائر التي لا تتوفر على السكن الهش مثل بيوت الصفيح والأكواخ”.نزاع الإخوة الأعداء في دوار آيت واعمر واعلي متواصلحمى الاستيلاء على الأراضي من قبل سماسرة ومواطنين امتدت لتطال أراضي العروش، وذلك على نحو هز واحدا من أكبر العروش في بجاية وهو عرش آيت واعمر واعلي. يقول عبد القادر بوسوفة، مهندس معماري، إن ”دوار آيت واعمر واعلي يحوز على 500 هكتار من الأراضي وهي ملكية جماعية لـ29 دشرة. ما حدث أنه في شهر جويلية من سنة 2009، أقدمت مجموعة من الأشخاص على تهيئة هذه الأراضي ثم تقسيمها على 8 أعضاء يمثلون 8 مداشر بعد أن طلبوا من كل عضو دفع 10 آلاف دينار بغية تقديمها إلى رئيس جمعية آيت واعمر واعلي، ذلك بعد أن تم إقصاء 15 دشرة التي عارضت العملية”. ويضيف زميله رابح: ”حاولنا تسوية القضية بطريقة ودية بعد أن قمنا بتشكيل لجنة لإقامة الصلح مع من استولوا على الأرض اسمها لجنة توحيد عرش آيت واعمر واعلي بعد تنصيبنا محاميا لذلك”. لكن النزاع لم يحل وظل متواصلا، بل مارس هؤلاء الذين شكلوا لجنة صلح ضغوطا على السلطات العمومية لأجل حل المشكلة، لكنها لم تفض إلى شيء. والمفارقة في الأمر، يضيف عبد القادر بوسوفة، أن ”هناك من المواطنين ممن ينتمون إلى 8 مداشر دفعوا أموالا للحصول على هذه القطع الأرضية، إلا أنهم وإلى غاية اليوم لم يتمكنوا من الحصول على قطعهم الأرضية، لأن مسيري جمعية آيت واعمر واعلي باعوا الأراضي لأشخاص آخرين”، قبل أن يستطرد قائلا: ”هدف هؤلاء هو تقسيم وحدة الدوار ومن ثمة تقسيم المداشر.. فالأراضي بيعت عن طريق أفراد الجمعية ومحافظ عقاري رغمأنهم لا يحوزون على عقود ملكية، بل عقد عرفي”. لكن ما هو المقترح المقدم لحل هذا النزاع؟الوالي: المسح العام للأراضي سيحل المشكلةيقول عبد القادر بوسوفة الذي وكل للحديث باسم باقي المداشر الأخرى: ”حاليا قامت 15 دشرة بإيداع شكوى لدى وكيل الجمهورية ببجاية قصد فتح تحقيق، والاجتماع الذي سيعقد يوم الـ26 ديسمبر سيقررون فيه ما إذا كانوا سيواصلون المتابعة القضائية أم يقترحون حلا آخر”. وعلى هذا الأساس، يطالب ممثلو باقي المداشر ممن يقولون إنهم مقصون، السلطات المحلية بإيجاد مخرج للقضية التي يسري عليها قانون ”سيناتوس كونسيلث” الصادر سنة 1867. لكن الوالي ولد الصالح زيتوني يقول إن هذا القانون أثبت محدوديته وعملية المسح العام للأراضي ستأتي بالحل من جانب أنه سيتيح للناس التصرف جماعيا في أراضيهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات
كلمات دلالية: