العلامات المصنعة "تتهافت" لتركيب سياراتها في الجزائر

+ -

دفعت الإجراءات الأخيرة المتخذة من قبل الحكومة في إطار إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وفقا للوضعية الحالية، العديد من المتعاملين لمراجعة الاستراتيجية المتبعة للتواجد في السوق الوطنية، وعجلّت نتائج مسار مفاوضات ظلت لفترات طويلة تراوحه مكانها دون أن تجد أطرافه نقاط التوافق لتجسيد المشاريع الخاصة بها، لتنتقل المنافسة بين المصنعين من الصادرات إلى الاستثمار في الجزائر.وعلى هذا الأساس، فإن إنشاء العلامات المصنعة للسيارات، فروعا أو مصانع لتركيب منتجاتها في الجزائر، ظل لسنوات مادة دسمة تغذيها الإشاعة، في ظل غياب المعلومة الرسمية حول وجود رغبة حقيقية لتلك المؤسسات للتواجد في السوق الوطنية، وظهرت العديد من الاقتراحات في هذا المجال، حتى قبل انطلاق مشروع “رونو الجزائر” لتركيب سيارات “سامبول” بوادي التليلات بسنوات.الوضعية هذه تغيرت مع بداية تطبيق الحكومة للإجراءات التي قالت إنها ترمي إلى حماية المنتوج والاقتصاد الوطني على حد سواء، عبر آليات استهدفت تقليص فاتورة الواردات الوطنية، كون أن مداخيل النفط المتهاوية لم تعد قادرة على تغطيتها. وتمثلت أبرز القطاعات المعنية في استيراد السيارات التي بدأت تعرف انكماشا منذ دخول دفتر الشروط المنظمة لنشاط وكالات السيارات حيز العمل في مارس 2015، قبل أن تفرض الحكومة عبر نصوص قانونية حظيت بالموافقة والمصادقة من طرف السلطة التشريعية، ضرورة توفّر الوكلاء والمستوردين على رخص قبل تسويق أي مركبة في السوق المحلية. وأكدت هذه الخطوة، التي كانت وراء حجز مئات من السيارات على مستوى الموانئ، إلى تقلص كبير في حجم مبيعات العلامات الممثلة في الجزائر، مسجلة تراجعا بشكل محسوس حسب الأرقام والإحصائيات الرسمية. وبلغت خلال الأشهر 10 الأولى من السنة 2015 من حيث العدد، قرابة 241 ألف مركبة مستوردة، بينما بلغت خلال الفترة نفسها من السنة الماضية قرابة 340 ألف سيارة، وهو الأمر الذي أدى إلى تراجعها أيضا من حيث القيمة، على الرغم من تراجع قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار والأورو، إلى حدود 2.8 مليار دولار مقابل 4.4 مليار دولار.ونشطت هذه الوضعية المفاوضات “الخاملة” للمصنعين لبعث نشاط تركيب السيارات في الجزائر، من خلال التأكيد على إطلاق مشروع العملاق الألماني فولكس فاغن، مصنعه بولاية غليزان، من أجل تصنيع 100 ألف سيارة في السنة، باستثمار إجمالي قدره 170 مليون أورو، على اعتبار أن المجمع تحصل على قطعة أرض مساحتها 150 هكتار سيقام عليها المصنع، الذي من شأنه أن يخلق 5300 منصب شغل مباشر وغير مباشر. والتوجه ذاته كشفت عنه العلامة الصينية “جاك”، عبر شراكة مع المؤسسة جزائرية - تركية “إيمين أوتو” لتصنيع 10 آلاف مركبة نفعية سنويا، إذ تسعى الشركة إلى إقامة مصنع تركيب في الجزائر. كما ذكرت أن قيمة المشروع تقدر بـ 8.24 مليار دينار، من بينها 5.4 مليار دينار لوحدة التركيب، سوف ينتج عنه 270 منصب عمل عند بداية نشاطه، للمرور إلى 450 منصب خلال العام الخامس من الإنتاج، في انتظار تجسيد مشروع علامة “الأسد” الفرنسية “بيجو”، الذي جمع مواقف الحكومة والمسؤولين عن المؤسسة المؤكد بأن المفاوضات في مرحلة متقدمة، قد تخرج للعلن قريبا. وبالموازاة مع رغبة العلامات المصنعة للسيارات في المحافظة على حصتها في السوق الوطنية، وتجاوز “العراقيل الإجرائية” ذات العلاقة بالاستيراد أو التصدير، فإن إعادة إطلاق الحكومة للقرض الاستهلاكي بعد إلغائه سنة 2009، وتوجيهه حصرا للمنتج المصنع في الجزائر، بصرف النظر عن نسبة الاندماج، شكّل محفزا إضافيا للمؤسسات للعمل على إقامة مشاريع ولو على أساس مجرد تركيب قطع مستوردة من الخارج، للاستفادة من آلية مهمة لضمان تسويق منتجاتهم، لاسيما مع تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وارتفاع أسعار السيارات المستوردة.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات