38serv
وصف أمين الزاوي، الكاتب الجزائري قدور محمصاجي، بأنه عميد الكتّاب الجزائريين، واعتبره كاتبا كاملا، درّس لأجيال الكتابة ممن جاء في زمنه، أو من عاصره، أو من التحق بالكتابة، وقال الزاوي:”قدور محمصاجي كاتب حضاري بكل ما تحمله كلمة ”حضارة” من معنى، في سلوكه الاجتماعي، في الصداقة، في علاقته بالمرأة زوجة وابنة ورفيقة وحفيدة وجارة، في علاقته بالمدينة تراثا ماديا ولاماديا، مثقف من تبر نادر، ذهب من عيار آخر”. اعتبر أمين الزاوي، أن قدور محمصاجي ”كاتب مسكون بنار الكلمة الوقادة، لا يعيش إلا في الكتابة، فالكلمات هي الحبل السري الذي يجمعه بالحياة”. وقال الزاوي، أول أمس، خلال تكريم محمصاجي بالمكتبة الوطنية الجزائرية من قبل جمعية ”لوني أرزقي”: ”لا يمكنني تصوّر قدور محمصاجي بعيدا عن الكتابة، أزيد من ستين سنة من الكتابة، ولا يزال يفاجئنا يوما بعد يوم، آخرها رواية جديدة ستصدر له في أزيد من خمسمائة صفحة قريبا عن منشورات القصبة”، مضيفا: ”حين كنت على رأس المكتبة الوطنية، كان ذلك عام 2006 أقمنا له حفل تكريم كبير، وعلى هامش التكريم نظّمنا معرضا لكتبه، فاكتشفت لأول مرة بأنه أول كاتب جزائري يترجم للصينية، وحين سافرت بعدها إلى بكين سألت في الجامعة عن الكتّاب الجزائريين المعروفين لديهمـ فكان قدور محمصاجي الوحيد الذي ذكر اسمه من قائمة الكتّاب الجزائريين جميعا ممن يكتبون بالعربية وممن يكتبون بالفرنسية”.وحسب الزاوي، فإن قدور محمصاجي: ”ورشة حقيقية مفتوحة، وكاتب موسوعي بامتياز دون أن يفقد عمق الكتابة، حيث كتب في الرواية فكانت روايته ”مقهى والدي” واحدة من أجمل ما قرأت له، وفي الأدب الروائي الجزائري، كتب في التاريخ، فكان كتابه عن الأمير عبد القادر، كتابا يجب أن يقرأه الجميع، فيه وقفة عند هذه الشخصية في شبابها وطفولتها، حيث نكتشف أشياء وتفاصيل مثيرة ومدهشة عن حياة الأمير. كتب في الأدب الشعبي وخاصة عن خصوصيات الثقافة الشعبية في الجزائر العاصمة، هو العاصمي ابن القصبة، حتى وإن كان من مواليد سور الغزلان، فطرح من خلالها صورة الحياة الاجتماعية والأسرية واللغوية والإبداعية في العاصمة بكثير من الرهافة والذكاء المدني والمديني، كتب في المسرح الإذاعي، كتب السيناريو”. وأضاف: ”على قمة 82 سنة لا يزال قدور محمصاجي يحضر أسبوعيا في الصحافة، كل يوم أربعاء، في صفحته المعنونة بـ ”زمن القراءة” بجريدة الاكسبريسيون، يقرأ الكتب الجديدة ويعود لقراءة القديمة ويقدّم قراءات مثيرة لما ينتج، لم يمنعه العطب في العينين من مواصلة القراءة والكتابة بجد ومثابرة، وقد أصدر كخلاصة لهذه الصفحة كتابا بالفرنسية بعنوان ”بماذا تفيدنا الكتب”، وقد كان لي شرف المشاركة فيه”. وعاد الزاوي لمسار محمصاجي الثقافي باتحاد الكتّاب الجزائريين بداية الستينيات، وهو أحد مؤسسيه في أكتوبر 1963، حيث شغل فيه منصب نائب للرئيس الذي لم يكن سوى مولود معمري، وقال: ”في هذه الفترة كان الاتحاد صورة عن الجزائر الثقافية التي نحلم بها اليوم، جزائر التعدد اللغوي، جزائر التفتح والتعايش الثقافي دون إقصاء، في هذا الاتحاد كان يجلس مولود معمري إلى جانب جان سيناك، إلى جانب محمد العيد آل خليفة، إلى جانب الجنيدي خليفة، إلى جانب مراد بوربون، إلى جانب مفدي زكريا. من كتّاب بالعربية والفرنسية والأمازيغية، كان همّهم الوحيد هو الدفاع عن حرية التعبير واحترام الجزائر التي كانوا يحلمون بها كبيرة ومتعددة ومعاصرة وديمقراطية”. وختم الزاوي قائلا: ”اليوم علينا كجيل جديد من الكتّاب أن نقرأ من خلال قدور محمصاجي تجربة هذا الجيل، جيل العمداء، تجربتهم في أصول العمل الثقافي وفي الاحترام وفي حب الجزائر وفي أخلاق المعاملات الديمقراطية. نعم قدور محمصاجي آخر الكتّاب الذين علّمونا درس الاختلاف ودرس النضال الثقافي”.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات