تواصل أسعار النفط تسجيل أرقام قياسية نحو الأسفل، حيث بلغت مستوى 50 دولارا للبرميل في أسوأ سيناريو متوقع للعديد من البلدان المنتجة والمصدرة للبترول، وفي ظل الفوضى التي تعتري سوق النفط، مع تسجيل تجاوز دول رئيسية لحصصها وبلوغ أقصى قدرات إنتاجها.بلغ سعر البرميل في بورصة لندن بالنسبة لمؤشر برنت بحر الشمال، أمس، ما بين 50.5 و50.8 دولار للبرميل، قبيل الكشف عن آخر تقرير لمنظمة “أوبك” المرتقب في 10 جانفي الجاري، وتزامن استمرار التراجع الكبير لبرميل النفط بتصريح متشائم لوزير البترول الإماراتي سهيل بن محمد المزروي الذي أشار إلى أن “وضعية الفائض في العرض في السوق البترولي يمكن أن يدوم أشهرا عديدة، أو حتى لسنوات”، ليستطرد بأنه في حال التصرف بعقلانية فإنه بالإمكان تسجيل تصحيحات إيجابية مع سنة 2015. وألمح مسؤول قطاع النفط الإماراتي إلى ضرورة أن تلعب البلدان المنتجة خارج أوبك دورا إيجابيا لاستقرار السوق، من خلال تفادي مضاعفة قدرات إنتاجها، ويأتي التصريح في أعقاب الكشف عن زيادة معتبرة للإنتاج وللصادرات النفطية الروسية، التي بلغت 9.2 مليون برميل يوميا، رغم الإعلان سابقا عن إجراء لتخفيض الإنتاج. وعاد الوزير الإماراتي للتأكيد بأن السوق سينتهي إلى الاستقرار وأن بلاده ستبقي على مشاريع تطوير قدرات الإنتاج النفطي إلى 3.5 مليون برميل يوميا في غضون 2017. ويتضح أن حرب مواقع باتت قائمة بين دول الخليج ودول أخرى داخل “أوبك” وغيرها خارج المنظمة، حيث عرفت الفترة السابقة منافسة غير معلنة، من خلال إقدام العربية السعودية على تسويق كمية من النفط بمقدار 400 ألف برميل في السوق الحرة والآجلة بسعر أقل، وتخفيض أسعارها باتجاه الأسواق الآسيوية، ثم إعلان بلدان الخليج عن تحفظها لأي تخفيض في سقف إنتاج “أوبك”، لأن ذلك سيخدم البلدان غير العضو التي ستقوم بتعظيم حصصها في السوق على حسابها. بعدها، برز بعد اتهامات الرئيس بلاديمير بوتين للرياض سلوك روسي تمثل في دعم الإنتاج النفطي الذي بلغ في ديسمبر مستوى قياسيا. بالمقابل، استمرت الولايات المتحدة في تطوير إنتاجها من النفط الصخري، ويرتقب أن يفوق إنتاج البترول في الولايات المتحدة هذه السنة 9.5 إلى 9.6 مليون برميل يوميا، ويضاف إلى ذلك بلوغ الصادرات النفطية العراقية مستوى قياسيا غير مسبوق منذ 1980 إلى حدود 2.9 مليون برميل يوميا، كل هذه العوامل تقاطعت لتسفر عن فوائض معتبرة في السوق يصعب امتصاصها، خاصة مع تباطؤ الطلب العالمي المتوقع أن يزيد بحوالي 900 ألف برميل يوميا هذه السنة. على صعيد متصل، أشار تقرير بنك الأعمال الأمريكي “ايفيركور” استنادا إلى سبر آراء شمل 300 شركة ومجموعة متخصصة في النفط، إلى تسجيل عدة اقتطاعات في المشاريع هذه السنة، حيث ستقوم معظم الشركات باقتطاع ما بين 5 إلى 10 في المائة من نفقات الاستكشاف والإنتاج للتكيف مع نسب المردودية بعد فقدان سعر النفط لـ50 في المائة من قيمته منذ جوان الماضي، وستكون الاقتطاعات أكبر في أمريكا المالية للكلفة العالية للحقول المنتجة للمحروقات غير التقليدية، بينما ستكون أقل حدة في إفريقيا والشرق الأوسط من بينها الجزائر وأنغولا، حسب البنك الأمريكي.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات