سهل العبادلة ببشار.. السهل الذي استهلك آلاف الملايير!

+ -

البداية من الأخير بـ450 مليار في طريقها للضياع!حصلت “الخبر” على نسخة من تقرير أعدته جمعيات فلاحية، حمل في مضمونه مختلف الخروق الخاصة بمشروع تهيئة جديد، وقال هؤلاء إن وزير الفلاحة أمام مسؤولية تاريخية للمطالبة بتوقيفه، والوقوف على هذه الخروق التي من شأنها “حرق” 450 مليار سنتيم دون جدوى، وهذا دون احتساب الملايير السابقة التي أنفقت على هذا السهل في مشاريع فاشلة، وملايير يراد لها أن “تُحرق” مرة أخرى في مشاريع مستقبلية كفتح المسالك وإنشاء مصدات الرياح، وهو ما يزيد في تأكيد المقولة الشهيرة عن سهل العبادلة، وهو “أن الملايير التي صرفت على هذا السهل لو حرقت لرأى دخانها سكان العاصمة”.سؤالان مفتاحيان لمعرفة أين تضيع الملايير..يقول السكان إن حل لغز التلاعب بملايير مشاريع تهيئة سهل العبادلة ينطلق من سؤال واحد: لماذا الإصرار على مكتب دراسات وحيد هو الذي يباشر حاليا عملية “استهلاك 450 مليار سنتيم”؟ وفي المقابل لماذا تم رفض جميع الدعوات التي طالبت بإعداد دراسة تقنية حديثة تتماشى والطرق المبتكرة في مجال السقي وترشيد المياه؟ وهي المقترحات التي عرضها الفلاحون في المجلس الشعبي الولائي على خبراء من أساتذة جامعات وباحثين استقرت قناعتهم بأن ما قدمه مكتب الدراسات لا يرقى ولا يصلح أن يسمى حتى مسودة دراسة، وهو ما تأكد لاحقا عند الإنجاز، ومع هذا تم تمريره.ويقول الفلاحون إن مشروعا بهذا الحجم، كلفةً ومساحة وطبيعة أشغال، لا يظهر معه ضجيج آليات وحركية اقتصادية محلية، يدل على أن الأمر يتعلق بأفراد وليس بمؤسسة، وهو أمر من المفروض أن يطرح كثيرا من التساؤلات في مخيلة الوزير، خاصة أن المشروع كان يؤمل منه أن يوفر مناصب عمل دائمة ومؤقتة لا تقل عن 90 منصبا، لكن كل ذلك لم يحدث.ويقول هؤلاء الفلاحون إن الملاحظة العامة والحقيقة التي لا ينكرها عاقل، هي أن الشهية فتحت ومعها كشر المفسدون عن أنيابهم، وظهرت النوايا الخبيثة في مقابل نوايا بسيطة ساذجة لجموع الفلاحين المغلوبين على أمرهم الذين أوهموهم وحشروهم في زاوية الخيارات العقيمة: إما أن توافقوا على المشروع بصورته البائسة هذه أو سيجمد المشروع برمته وستكونون أكثر خسارة وحسرة من الخيار الأول.ما كان يجب أن يعلمه وزراء الفلاحة وأُخفي عليهم..يقول الفلاحون إن معطيات يراد لها ألا يعلمها العامة، فضلا على أن تبلغ مسامع وزير الفلاحة الحالي ومن سبقوه من الوزراء، وهي معطيات يقولون إنهم قرروا عرضها على جريدة “الخبر”، وبإمكان الوزير أن يقف على الحقيقة  المخفية أو المغيّبة عنه في زيارة بسيطة يلتقي فيها مع هؤلاء الفلاحين.ويتحدث الفلاحون أن ما تم من عمليات جزئية روتينية لتأهيل السهل خلق نتائج عكسية، لما شاب تلك العمليات من فساد وتلاعب في دفاتر الشروط وطرق وآليات تنفيذ المشاريع. ومن بين ما تم توثيقه، يقول هؤلاء، أن الجهات القائمة على إنجاز مشروع التهيئة قامت بعمليات تنقية القنوات الرئيسية الخاصة بصرف المياه الزائدة ومياه الملوحة، فنزعوا معها التبليط الطيني الخاص لمنع ظهور الأعشاب الضارة وحتى الأشجار، والنتيجة أن هذه العملية أصبحت تتم كل سنتين مقابل أغلفة مالية معتبرة، مع العلم أن مديرية الري السابقة هي التي كانت تبرمج تلك العمليات. ونظرا لانعدام الدراسة والمتابعة التقنية الحقيقية، توفرت بيئة خصبة لتكاثر الأعشاب ونموها بشكل جعل عملية التنقية متكررة لعدم احترام المعايير التقنية.في المقابل تم إقرار عملية تنقية سد التوزيع، وأسندت العملية لمقاولة خاصة، وظهرت وقتها عدة احتجاجات للفلاحين، بعدما لاحظوا طريقة إنجاز التنقية ومكان رمي الأوحال، لكن وبتواطؤ من شركاء العملية (مديرية الري وديوان سقي الأراضي والمقاولة المكلفة) تمت وسويت العملية، واستهلكت غلافا ماليا معتبرا، وهي في طريقها للزيادة، مع أن النتيجة واحدة، لأن الأشغال تبقى رديئة دون متابعة تقنية حقيقية، بدليل عمليات الحفر والردم للقنوات، من ذلك أن بعض هذه القنوات قديم من مخلفات الشركة الدولية للإنجازات الزراعية، تم تجميعها واستغلالها على أساس أنها جديدة، وهي نقطة تحتاج هذه النقطة إلى تدقيق.ما هو مطلوب ولا يراد له أن يُنفَّذيطلب الفلاحون بكل أسف مزيدا من العناية بهذا السهل ليعود لسنوات مجده، ووقف نفوذ “الجهات المتضررة من عودة نشاط السهل”. ويقولون في حسرة “من أراد ينهب وكيله ربي”.ويقول الفلاحون إن وزير الفلاحة مطالب بعقد جلسة عمل معهم، ليقف على أدق المعطيات المخفية أو التي يراد لها أن تخفى عنه، وكذلك ليستمع منهم لسلسلة مقترحات وعرضها على الخبراء والمختصين، وهي المقترحات التي جاءت نتاج عملية جلسات واجتماعات تنسيقية بين جميع الفلاحين، بل هي “زبدة” ما خبروه مع خصوصيات السهل بجميع نظمه وخصوصيات مناخ المنطقة.وفي مقدمة مطالب الفلاحين، يأمل هؤلاء من الوزير الإبقاء على نظام السقي الأصــلي للسهــل، حسب ما أنجزته الشركات الأمريكية في سنوات السبعينات، فالقنوات الأصلية في طبيعة إنجازها توفر آلية التنقية الذاتية للقنوات والبالوعات من خلال نظرية محاجر الخلط، لمواجهة تراكم الرمال في القنوات والمحاجر والبالوعات والمحافظة عليه ضامن لاستمرار السقي في حالة ظهور أي نقائص في نظام السقي المراد إنجازه، لاسيما أن التعديلات التي أدخلت على بعض نظم السقي في السهل كانت نتائجها عكسية، فلا الجديد نجح واستفيد منه ولا القديم حفظ للانتفاع به.وطرح هؤلاء تساؤلا: ما الذي جعل الجهات القائمة على موضوع تهيئة سهل العبادلة تعمل على تغيير نظام السقي القديم الذي كان يعتمد على نوع من البالوعات تسمى “بالوعات كاليفورنيا”، تم استبدالها بأخرى لم تثبت جدواها ولم يستمر الانتفاع بها أكثر من سنتين؟!ويشير الشاكون إلى أن من بين النقاط الهامة التي أغفلتها وأسقطتها الدراسة، التقنيات الخاصة التي على أساسها كان نظام السقي المنجز قديما قائما، وهو أمر يستحيل تطبيقه مع الدراسة الحالية، ومع هذا تم فرض هذه الدراسة من عدة أطراف ولائية ومركزية، وهو ما لا يجب أن يعلمه المسؤول الأول على القطاع. أما إذا كان الوزير يرغب في معرفة الحقيقة بأدق تفاصيلها، فإن زيارة للسهل لساعات ستكون كافية بأن يصاب بـ “التخمة” من الحقائق المرة التي لا يراد له أن يتذوقها.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات