+ -

 لاشك في أن من تابع “الندبة” الصحفية حول الدستور لأحمد أويحيى أنه تأكد من المدى الذي وصل إليه النظام البوتفليقي في العبث بالمؤسسات، وبالدستور تحديدا، بعد أن سمعنا ما سمعنا من اقتراحات إفسادية للدستور، وليس تعديلات دستورية كما يقولون!أولا: مجمل الاقتراحات التي جاء بها نص التعديل ترجع الدستور إلى خانة الدستور البرنامج، وليس الدستور الوثيقة المرجعية للدولة.. ويتضح ذلك من خلال الأمثلة الصارخة التي تتعلق بدسترة المصالحة الوطنية.. لأن المصالحة حالة خاصة يمكن أن تكون برنامجا، ولكن لا يمكن أن تكون مرجعا دستوريا.. لأن الأصل في الشعب أنه متصالح مع بعضه والهوشة حالة عارضة ومن الغباء تحويلها إلى قاعدة دستورية.كما أن دسترة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية وربط تطبيق الرسمية بتحقيق صفة الوطنية في التعليم الموحد لهذه اللغة بلغة موحّدة.. أي أن تصبح الأمازيغية رسمية حين تصبح وطنية، وهذا هو العبث الدستوري بعينه.. فمنذ 15 سنة والأمازيغية لغة وطنية نظريا، ولم تتحوّل إلى وطنية بعد ولن تتحوّل، فكيف يكون الحال للرسمية حين اشتراطها بأن ترسم حين تكون وطنية؟! إنه التحايل والهف الدستوري الذي يمارسه الرئيس وجماعته لتضليل الرأي العام!ثانيا: الرئيس في الدستور الجديد يقترح على الشعب أن يعين الرئيس الوزير الأول بعد استشارة الأغلبية! ومعنى هذا الكلام أن برلمان الشعب يكون دوره في تعيين الحكومة استشاريا للرئيس، تماما مثل المستشارين الذين يعيّنهم الرئيس لأخذ رأيهم في قضية ما، وفي الغالب لا يأخذ برأي المستشار، أي أن يتحوّل الشعب، مصدر السلطة والسيادة، إلى مستشار للرئيس.. لا يؤخذ برأيه بالطبع، والنية موجودة في عدم الأخذ برأيه من خلال عدم إلزام الرئيس بالتعيين من الأغلبية! و«الأخطر من هذا كله أن الرئيس باعتباره رئيس الحكومة الفعلي، لن يكون مسؤولا أمام البرلمان تحت أي صفة، ويرسل الوزير الأول للبرلمان كل سنة لتقديم بيان السياسة العامة للحكومة.. وبالطبع السياسة العامة لا تشمل الخارجية والدفاع في بيان الوزير الأول، لأن هذه المجالات من اختصاص رئيس الجمهورية ولا تقع تحت سلطة الوزير الأول، وبالتالي لن تشملها الرقابة البرلمانية.. حتى ولو كانت شكلية! هذا هو النظام التأسيسي الذي يريد الرئيس وجماعته تشييده لنا بعد 16 سنة من الحكم.. والوعد بدستور للجمهورية الثانية.تشييد مؤسسات دستورية عبارة عن تجمعات لـ “شياتين” ومصفقين يشبهون الأصنام السياسية، التي تهيم حبا بالصنم الأعظم.. ولا شيء غير ذلك !والطريف في الموضوع أن أويحيى لم يقل لنا ماذا يحدث عندما يرفض الرئيس تعيين الوزير الأول من الأغلبية، ويرفض تقديم البرنامج السياسي للبرلمان مخالف لبرنامج الرئيس، أليس هذا مدعاة لدخول السلطة في فوضى سياسية أكبر من الفوضى التي هي الآن فيها؟!لا شك أن تعديلا هذه مواصفاته سيحدث له ما حدث للمادة 88 التي لن تطبق لعبثيتها أو تطبق بعبثية قاتلة..ثالثا: المضحك أكثر أن أويحيى قدم تعديلا مهما للمادة 74 حيث أغلق الرئيس العهدات من جديد ووضع نصا يمنع تعديل هذه المادة بالفتح مرة أخرى! ولم يحس لا أويحيى ولا الرئيس أنه أدان نفسه بهذا التعديل، فقد وضع ما ينص على عدم تغيير هذه المادة مستقبلا؛ ومعنى ذلك أنه اعترف أن الرئيس اخترق الدستور بفتح العهدات.. وبالتالي كان من الواجب متابعته وفق المادة 85 التي لا ذكر لها حتى الآن ولم تطبق. وحتى لو كان بوتفليقة رئيسا استثنائيا، فإن الدستور لا ينص على خرق الدستور من طرف الرئيس الذي يكون استثنائيا! ثم من يقول لنا إنه لن يأتي في المستقبل رئيس استثنائي أيضا؟!أصدقكم القول إن الوضع الذي توجد فيه البلاد الآن أفضل بكثير من الصورة التي يقترحها علينا هؤلاء “الخلق”.. والأفضل لهم ولنا أن نرفض هذا التعديل جملة وتفصيلا.فلا يوجد فيه ما يدعو إلى الثقة أو الارتياح، فجل التعديلات هف في هف وتحايل على تحايل.. والمثل يقول: الحيلة في ترك الحيل[email protected]

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات