+ -

 كتب إليّ أحد القراء يقول: “إن قانون المالية الذي وقعه الرئيس، لم يصدر بعد في الجريدة الرسمية (2 جانفي 2016) ومع ذلك دخل هذا القانون حيز التطبيق في أول جانفي 2016، في ساعة الصفر، وفي كل محطات البنزين.. في حين يقول القانون إن أي قانون لن يدخل حيز التطبيق إلا بعد صدوره في الجريدة الرسمية وبعد 24 ساعة!هذا القارئ على حق في ملاحظته، فالرئيس والحكومة ومؤسسات الدولة كلها لم تعد تتصرف بالقانون والدستور.. بل أصبحت تتصرف خارج القانون والدستور، ثم تقوم بتكييف القانون والدستور بعد ذلك مع ما تقوم به في الواقع.. والسبب، لأن المؤسسات الدستورية للدولة مثل البرلمان والمجلس الدستوري لا يحق لهما بنص الدستور مساءلة الرئيس عما يفعل.. وبذلك تكون أفعاله فوق الدستور والقانون!أولا: الرئيس أصدر قانون المالية مخالفا للدستور، لوجود تعارض واضح بين المادة 17 من الدستور والمادة 66 من قانون المالية.. والمجلس الدستوري أو البرلمان لا يستطيعان وقف العمل بهذا القانون، لأن الرئيس الذي هو فوق القانون والدستور قام بإصدار هذا القانون.. وسيقوم بتعديل الدستور بواسطة البرلمان ليصبح مطابقا لقانون المالية.. لكن بعد فترة فراغ غير قانونية ودستورية، تفصل بين تاريخ توقيع قانون المالية وبداية تطبيقه في أول جانفي 2016، وبين تعديل الدستور في الأشهر اللاحقة، والأكيد أن التصرف القانوني داخل قانون المالية، قبل تعديل الدستور، يكون غير قانوني بالمرة.. ولو كان الرئيس يحترم الدستور والقانون والمؤسسات لأصدر مرسوما يعطّل فيه العمل بالدستور، طوال الفترة التي تفصل بين تعديل الدستور وبداية العمل بقانون مخالف للدستور! لكن نظرية بوتفليقة تتطابق تماما مع نظرية نابليون، التي يقول فيها “أنا الدولة والدولة أنا”! وحيث أكون أنا تكون الشرعية! ويكون القانون والدستور!ثانيا: ليس خرق الدستور والقانون من طرف الرئيس يتم بهذه الصورة فقط.. بل يتم بصور أخرى أشد وألعن.. فالرئيس سبق له أن أصدر مرسوما ينص فيه على احتكار تعيين كل موظفي الدولة، حتى الأمناء العامين للولايات والبلديات.. وحدث أن أصبح الرئيس غير قادر على فعل ذلك لأسباب صحية، فليس باستطاعته أن يوقع مراسيم تعيين وإنهاء المهام في أكثر من 1500 بلدية، ومئات الموظفين في الولايات، وبالتالي أصبح هؤلاء، إما أنهم يمارسون نشاطهم كآمرين بالصرف، خارج الترتيبات القانونية، أو يمارسون مهامهم وفق مراسيم انتهت صلاحيتها، أو بمراسيم موقعة بالتوقيع المقلد لتوقيع الرئيس! وفي جميع الحالات فهي غير قانونية، لكن منطق اختزال الدولة الجزائرية كلها في شخص الرئيس، هو الذي أوصلنا إلى هذه الوضعية غير القانونية حتى من الناحية الشكلية.. فما بالكم بالشرعية في معانيها الجوهرية؟!

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات