38serv
لم يكن عبد المالك يتوقع ذات يوم أن ابنته “يمنى” ستبلغ سن التمدرس دون أن تلتحق بمقاعد الدراسة إلى جانب زملائها وزميلاتها من نفس العمر، التقينا الرجل عندما كان يتأهب لمرافقة ابنته إلى البيت بمدينة جيجل بعدما خضعت لحصة علاج في إطار التكفل النفسي الذي تقوم به جمعية “حنين” للأطفال المصابين بمرض التوحد.يقول عبد المالك: “لقد اكتشفت أن ابنتي يمنى مصابة بالتوحد عندما كان عمرها حوالي سنة ونصف، بعد بروز بعض السلوكات في حركاتها وصعوبة في النطق ونقص التركيز، حينها باشرت رحلة البحث عن طرق للتكفل بها، غير أن كل زياراتي للأطباء المختصين لم تتجاوز مرحلة التشخيص، فأدخلتها إلى المركز الطبي البيداغوجي للمعوقين ذهنيا، بعدها تيقنت أن “يمنى” لا يمكنها أن تُزاول دراستها بصفة عادية.“يمنى” ليست الطفلة الوحيدة التي لم تلتحق بمقاعد الدراسة في السن القانونية كونها مصابة بالتوحد، لكن هناك العديد من الأطفال في جيجل من هذه الفئة ولا زال تمدرسهم مؤجلا رغم أنهم فاقوا سن السادسة من العمر، والسبب هو أنهم لم يستفيدوا من تحضير نفساني وطبي بما يسمح لهم أن يتأقلموا مع أجواء الدراسة، سواء لجهل بعض الأولياء أو لعدم اهتمام السلطات بهذه الفئة.وحتى الأطفال المصابون بالتوحد ممن تم تسجيلهم في مختلف المدارس الابتدائية والذين بلغ عددهم هذه السنة بولاية جيجل 12 طفلا حسب إحصائيات مديرية التربية، فقد ظلوا يعانون من صعوبات في التأقلم مع العملية التعليمية، لأسباب يُرجعها بعض الأولياء إلى نقص المرافقات التربويات اللائي يقمن بدور مساعدة هذه الفئة في التواصل والتركيز وكذا التحصيل، حيث كشف وليّ تلميذ مصاب بالتوحد بأن المصالح المعنية قامت بتعيين مختصة لمرافقة ابنه في القسم أثناء الدراسة، غير أن هذه الأخيرة، مثلما يقول، كثيرا ما ترفض القيام بمهمتها على أكمل وجه، الأمر الذي جعل ابنه يُحرم من الالتحاق بمقاعد الدراسة لفترات طويلة.التكفل المسبق ضروري لضمان التمدرسفي خطوة تهدف للتخفيف من معاناة هذه الفئة من الأطفال بالاندماج في النظام التعليمي، قامت جمعية “حنين” للأطفال المصابين بالتوحد بولاية جيجل مؤخرا، بإنشاء مركز مصغر للتكفل النفسي والطبي والتربوي، يهدف بالأساس إلى تحضير هؤلاء الأطفال لمرحلة التعليم.وأشارت رئيسة الجمعية السيدة نادية بودينة في تصريح لـ “الخبر”، بأن هذا المركز الذي يشرف على تأطيره 17 مؤطرا من أخصائيين في علم النفس، الأرطوفونيا، علم الاجتماع التربوي ومربين مختصين، يتكفل حاليا بـ 75 طفلا توحديا تتراوح أعمارهم بين سنتين وتسع سنوات، من مجموع 117 حالة التي تم إحصاؤها على مستوى الولاية، وأضافت المتحدثة، بأن عمليات التكفل تجري حاليا في إطار ستة أفواج من بينها فوج خاص يعنى بدعم الأطفال الذين يدرسون في المؤسسات التربوية، حيث يتم الاعتماد في التكفل بهذه الفئة على حصص منبثقة عن برنامج “النشاطات التربوية والتعليمية لأطفال التوحد” للعالم الأمريكي “شوبلار”، وذلك بمراعاة خصوصية كل طفل، سواء المصاب بالتوحد العميق والمتوسط أو المصاب بالتوحد البسيط، وتأمل السيدة بودينة أن يتم مساعدة الجمعية في توسيع المركز وخلق فضاء أوسع بما يسمح بالتكفل بكافة أطفال التوحد على مستوى الولاية لإنقاذهم من حالة التهميش التي يعيشونها.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات