علم أهل الكتاب بأوصافه صلى الله عليه وسلم

38serv

+ -

 روى القرطبي وغيره أنه لما نزل قول الله تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} البقرة:14٦. سأل سيّدنا عمر بن الخطاب عبد الله بن سلام رضي الله عنهما، وقد كان كتابيًا فأسلم: “أتَعرِف محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم كما تعرف ابنك؟” فقال: “نعم وأكثر. بعث الله أمينه في سمائه إلى أمينة في أرضه بنعته فعرفتُهُ، أمّا ابني فلا أدْرِي ما الّذي قد كان مِن أمّه”.وهنا يوجّه الخطاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذا البيان بشأن أهل الكتاب: {الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُونن مِنْ الْمُمْتَرِينَ} البقرة:147، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما امترى يومًا ولا شكّ. وحينما قال له ربّه في آية أخرى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ}، قال عليه الصلاة والسلام بكلّ تسليم ويقين واطمئنان: “لا أشكّ ولا أسأل”. ولكن توجيه الخطاب هكذا إلى شخصه الكريم صلى الله عليه وسلم يحمل إيحاء قويًا إلى مَن وراءه من المسلمين، سواء منهم مَن كان في ذلك الحين يتأثّر بأباطيل اليهود وأحابيلهم، ومَن يأتي بعدهم ممّن تؤثّر فيهم أباطيل اليهود وغير اليهود في دينهم.وما أجدرنا نحن اليوم أن نستمع إلى هذا التحذير، ونحن في بلاهة منقطعة النظير، نروح نستفتي المستشرقين من اليهود والنصارى وغيرهم من الكفار في أمر ديننا، ونتلقّى عنهم تاريخنا، ونأمنهم على القول في تراثنا، ونستمع لما يدسونه من شكوك في دراستهم لقرآننا وحديث نبيّنا وسيرة أوائلنا، ونرسل إليهم بعثات من طلاّبنا يتلقّون عنهم علوم الإسلام ويتخرّجون في جامعتهم ثمّ يعودون إلينا مدخولي العقل والضمير.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات