مع بداية تطبيق الحكومة التسعيرات الجديدة المفروضة على المواد الطاقوية، يبقى المواطن يجهل وجهة الزيادات المقررة، فيما لا تنص المواد المعينة الواردة في قانون المالية سوى على رفع الأعباء الضريبية المتعلقة بهذه المواد، على غرار الرسم على القيمة المضافة والرسم على المنتجات البترولية.ويبقى الغموض قائما حول نصيب الجهات المتدخلة في إنتاج وتوزيع وتسويق الوقود ضمن السلسلة بداية من محطات التكرير إلى غاية وصوله إلى محطات البنزين التابعة لمؤسسة “نفطال”، على اعتبار أن الزيادات المعلن عنها في شكل الرسوم على المنتجات البترولية التي تعتبر زيادات رمزية، فيما لم تتغير الضريبة المفروضة في شكل الرسم على القيمة المضافة سوى بالنسبة لمادة المازوت، حيث انتقلت من 7 في المائة من إلى 17 في المائة، وهو ما يفسر ارتفاع سعر هذه المادة الطاقوية من 13.70 دينارا إلى 18.76 دينارا، بينما لا تجد الزيادات الأخرى المقررة على البنزين العادي والممتاز والخالي من الرصاص التي أصبحت تتراوح أسعارها من 31.02 إلى 31.42 دينارا تفسيرا منطقيا، في وقت لا تكشف سلسلة الإنتاج والتوزيع عن الهامش المخصص للمؤسسات المعنية.وفي هذا السياق، قال الخبير في الشؤون الطاقوية والرئيس المدير العام السابق لمجمع سوناطراك، عبد المجيد عطار، إنه بالرجوع إلى القانون الذي استحدثت الحكومة بمقتضاه هذا النوع من الزيادات، نلاحظ أن هذه الأخيرة تصب مباشرة في حساب الخزينة العمومية، مقابل تحصيل الضرائب سواء بالنسبة للرسم على القيمة المضافة أو الرسم على الأنشطة البترولية، وهي الطريقة التي لجأت إليها الحكومة لتغطية عجز الخزينة العمومية. وعلى هذا الأساس، فإن المؤسسات المنتجة كما هو الشأن بالنسبة لمؤسسة “نفطال” لا تستفيد من الزيادات في الأسعار، رغم أنها تسجل منذ العديد من السنوات صعوبات مالية تلجئها باستمرار إلى الإعانة من خزينة الدولة للاستمرار في النشاط والاستثمار.وهو التوجه نفسه الذي ذهب إليه الخبير الطاقوي، عبد الرحمان مبتول، مشيرا في تصريحه لـ«الخبر” إلى أن الزيادات على أسعار الوقود لا تستفيد منها المؤسسة المعينة معسرة من الناحية المالية، على اعتبار أنها تترجم في شكل ضرائب مستحقات الأداء للخزينة العمومية، من منطلق أن الجزائر بالرجوع إلى التقارير الأخيرة لصندوق النقد الدولي تعتبر من بين الدول التي تعتمد على التسعيرات الأقل للمواد الطاقوية على الصعيد العالمي المعوضة بواسطة الدعم العمومي، حيث تعد الأسعار المطبقة أقل بحوالي 20 في المائة من المستوى العالمي، فيما ترتفع نسبة الاستهلاك والتبذير لتصل إلى 15 مليون طن من الوقود سنويا دون أن تكون لها في العموم انعكاسات على تنمية الفروع الاقتصادية والصناعية التي تبقى متخلفة، كونها لا تساهم سوى بأقل من 4 في المائة في الناتج الداخلي الخام.من جهته، قال الخبير الاقتصادي عبد المالك سراي إن الاستهلاك الوطني للطاقة ونسبة التبذير كبيرة جدا، رغم أنه أشار إلى أن الزيادات الأخيرة رمزية، تبقي دائما التسعيرة المطبقة أقل بحدود 5 مرات من السعر الحقيقي، في حال رفع الدولة يدها نهائيا عن الدعم، وهو الأمر الذي ربطه بضرورة إعادة النظر في ثقافة الاستهلاك.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات