+ -

 عرضت، خلال السهرة ما قبل الأخيرة من إعلان نتائج فعاليات المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي في طبعته السابعة، مسرحية ”أوتيان نينهاج” باللهجة التارڤية والتي تعني باللغة العربية ”زمن القهر”، لجمعية ”تاغيت” لولاية إليزي، من إخراج رزوق العيد، وتأليف قطافي أحمد، وتمثيل ثلة من الممثلين الشباب الذين جسدوا أدوارهم بتعايش كبير وواضح على خشبة المسرح، وهو ما تبين للجمهور الحاضر من خلال تفاعله مع أطوار العرض المسرحي الذي حمل في طياته مجموعة من الأفكار الإنسانية والمعاناة التي صاحبها القهر والظلم الذي قد يعانيه أي شخص في أي مجتمع كان، وجاءت أحداثها تدور حول زمن القهر في بيئة ساد فيها الفقر والظلم والبعد والحب غير المصرح به بين العاشقين، وكل ذلك ناتج عن نقص المواصلات بين الناس والجهل، ما جعل الشخصيات كلها تشعر بالقهر والضجر، ثم تأتي طبيبة السلام والعلم لتحل لغز القهر وتزرع بذرة اﻷمل في نفسية المقهور وتبين له أنه السبب في قهر نفسه، واتضح بشكل أكبر في الدور الذي لعبه المتسول أو المقهور الذي خرج من بوتقة عائلية وأسرية ليتجه إلى الخروج للشارع الذي وجد فيه الشقاء والبرد، ليصطدم أثناء ذلك بصعوبات الحياة والمعيشة الضنك أثناء ترحاله الذي قابل من خلاله شخصيات أثرت وتأثرت بحكمته، وأبرزها شخصية الطبيبة التي قامت بدورها الممثلة ”أمينة كيرامي”، التي كانت تقوم بمداواة المرضى دون معرفة سبب الأمراض وتقدم على حقنهم بالإبرة لا الكشف عنهم، لتدخل في حوار بينها وبين المقهور الذي أثر فيها عن طريق كلامه الممزوج بالألم والحكمة ليعيدها للطريق الصواب وتحس بذنبها تجاه المرضى السابقين الذين قد تكون تسببت لهم في خلق أمراض أخرى لم يكونوا يعانون منها. تخلل العرض لحظات صمت بين المشاهد وبين الشخصيات التي جسدت أدوار المسرحية، وإن دلت، حسب الناقدين، فإنما تدل على أن رجل الصحراء قليل الحديث وإن تكلم فإنه لا ينطق سوى بما فيه حكمة وكلام موزون، وكذا الدلالة على أنه ما جدوى الحديث في عصر لا يوجد فيه أحد يقدر المعاناة ويحتضنها، لذا فإن الصمت يكون أحن وأرحم من الحديث، وقد تنوع لعب الأدوار بين عمق ومقدمة الخشبة في دلالة أن العمق هو عمق المعاناة والمقدمة هي بمثابة الخروج منها للبوح بها والبحث عن اﻷمل والتحرر منها.الموسيقى التي صاحبت العرض ترڤية تعكس روح وعمق الصحراء، تراوحت ما بين الصاخبة في لحظات تعكس زخم المعاناة وترجمة لها، وموسيقى حالمة وهادئة. وما استحسنه الجمهور العاشق للفن الرابع صدق الأداء، خاصة المرأة الطبيبة التي التقى بها المقهور وأعادها بحكمته وحديثه إلى الطريق السليم وكشف لها الوجه الآخر وهو الإنسانية.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات