+ -

تنتهي سنة 2015، ويتأكد معها فشل الحكومة في ردع ظاهرة تهريب الأموال الصعبة من الجزائر، المستغلة من طرف بنوك أوروبية وعربية، بعد أن أخفقت حكومة سلال في إقناع مهربي الأموال من البارونات وأصحاب “الشكارة”، بإيداع أموالهم في البنوك الجزائرية لتمويل الاقتصاد الوطني، ليتم تهريب أكثر من 300 مليون دولار خلال هذه السنة، في عمليات استيراد “مغشوشة”، فضلها مهربو أموال العملة الصعبة على الإغراءات الجبائية التي اقترحتها عليهم الحكومة في إطار إجراءات نظام الامتثال الجبائي. بهذا تكون سنة 2015 “سنة تقشف على الجزائريين وإغداق على المهربين”، بعد أن صادقت الحكومة على قانون مالية سيجعل من الجزائريين الضحية الأولى لفشلها في إرساء سياسة اقتصادية لا تعتمد في نفقاتها على الريع النفطي، حيث ينتظر الجزائريون، السنة المقبلة، زيادات في أسعار العديد من المواد الأساسية، وهي الكهرباء والمازوت والبنزين، ما سينعكس سلبا على أسعار منتجات أخرى.وكشف مسؤول من وزارة المالية، في تصريح لـ”الخبر”، أن مستوى تهريب الأموال خلال هذه السنة لا يزال معتبرا، رغم الإجراءات الردعية التي أعلنت عنها الحكومة لمحاربة الظاهرة وتقييد عمليات الاستيراد من طرف البنوك، حيث تمكن مهربو العملة الصعبة من تحويل ما قيمته 370 مليون أورو إلى بنوك أجنبية، أوروبية وعربية وصينية، في حصيلة أولية لسنة 2015، من خلال عمليات استيراد “مغشوشة”، تبين أنها استغلت في جلب سلع “خردة” من عتاد قديم دون أي قيمة تجارية، تم التخلي عنها في الموانئ الوطنية دون جمركة.وكانت مصالح الجمارك قد حققت، السنة الماضية، في قضايا تهريب للعملة الصعبة، تجاوزت قيمتها هي الأخرى 300 مليون أورو، تورط أصحابها في استيراد آلات إنتاج غير صالحة للاستعمال، إلى جانب سلع وبضائع لا قيمة لها، مثل تلك الحجارة الصينية التي جمعت من شوارع شنغهاي ورمال عبئت في حاويات والأحصنة غير الأصيلة التي استوردت من دول أوروبية مقابل 12 مليون أورو. بالمقابل، لا تزال الحكومة “تشح” على الجزائريين وتفرض عليهم منحة سياحية سنوية لا تتجاوز 130 أورو تحت ذريعة التقشف وحماية المال العام.من جهة أخرى، أكد ذات المصدر أن أغلبية عمليات الاستيراد “المغشوشة” تكون قد تمت في إطار مشاريع “أنساج” و”كناك” و”أنجام” والامتيازات الجبائية الخاصة بها، حيث سخرت لها الدول الأموال الطائلة لتشجيع فئة الشباب على خلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة، تقضي بها تدريجيا على ظاهرة البطالة.وحسب نفس المسؤول، فإنه رغم التحذيرات والتنبيهات التي كانت توجهها مديرية الرقابة اللاحقة بمديرية الجمارك للسلطات المعنية، منذ أكثر من خمس سنوات، إلا أن الظاهرة لازالت تتفاقم، لاسيما خلال الأشهر الأخيرة لهذه السنة، حيث سارع مهربو العملة إلى تهريب أموال طائلة، قبل أن تباشر البنوك الوطنية العمل بالإجراءات التي استحدثت للتضييق على المستوردين بتقليص عدد الاعتمادات المستندية الممنوحة لهم، والتي تستغل عادة في عمليات التجارة الخارجية المتعلقة بالاستيراد.في السياق ذاته، أوضح ذات المسؤول أن البنوك الوطنية، لاسيما الخاصة منها، تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية تسهيل عملية تحويل العملة الصعبة المهربة إلى البنوك الأجنبية، حيث لا تتقصى طبيعة عمليات الاستيراد التي تستوطنها ومصدر أموالها، ما يجعلها مجرد شبابيك “صرف تجارية”.للتذكير، كان المفتش العام بمديرية الجمارك، محرش عبد المجيد، قد أكد مؤخرا، في تصريح للقناة الإذاعية الثالثة، ارتفاع عدد قضايا تهريب العملة الصعبة، خلال الستة أشهر الأولى فقط من السنة الجارية، إلى 381 قضية، تم تسجيلها في جميع القطاعات وأحيلت على العدالة للتحقيق فيها، مقابل غرامات بلغت قيمتها 52 مليار دينار.في نفس الإطار، كشفت مصادر من إدارة الجمارك، في تصريح لـ”الخبر”، أن عدد القضايا التي تحقق فيها مصالح المديرية اللاحقة بالجمارك، لشهري أكتوبر ونوفمبر، قد ارتفع من 100 قضية إلى 200 قضية تهريب للعملة الصعبة، كان آخرها استيراد ذهب مغشوش من دولة الإمارات العربية، بما قيمته 10 ملايين أورو، والتي أحيلت المحاضر الخاصة بها على العدالة.على صعيد آخر، أوضح ذات المصدر أن تعاملات مبيضي الأموال في الجزائر تبقى مرتكزة على عدد محدود من الدول، أهمها دبي (الإمارات العربية المتحدة) وبيروت (لبنان) من الدول العربية والجزر البريطانية وبعض المقاطعات في سويسرا، وهي الدول التي تعرف بـ”الجنات الضريبية”.     

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات