الجزائر في قلب الصراع السعودي ــ الإيراني

+ -

أثارت زيارة النائب الأول للرئيس الإيراني، إسحاق جهانغيري، للجزائر، الأسبوع الماضي، تأويلات وقراءات، وضعت الزيارة في قالب تجاذبات إقليمية، بطرفي صراع هما “إيران والسعودية”.زيارة جهانغيري تزامنت مع رفض الجزائر الانخراط في التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي اقترحته السعودية، وحدث هناك ربط بين الزيارة الإيرانية والرفض الجزائري للمبادرة السعودية، فوضعت الجزائر ضمن العديد من التقارير كدولة موالية لإيران ضد السعودية.وعزز هذا الطرح، وفقا لهذه التقارير، اتهام النائب الأول للرئيس الإيراني دولا إسلامية بحياكة مؤامرة ضد الدول المصدرة للنفط، قاصدا بذلك المملكة السعودية، دون أن يذكرها بالاسم. وما عزز إدراج الجزائر كدولة تميل إلى إيران دون السعودية، تأكيد الطرفين خلال الزيارة على التنسيق من أجل وقف تدهور أسعار النفط الذي أضر باقتصاديات البلدين، أما المؤشر الثاني الذي بنيت عليه القراءات باختيار الجزائر المعسكر الإيراني، يتعلق برفض الجزائر المشاركة في الحلف “الأطلسي الإسلامي” كما سماه المحلل السياسي حسني عبيدي.ونشرت صحيفة “موند أفريك”، الناطقة بالفرنسية، تقريرا حول موقف الجزائر من التحالف الإسلامي الذي تقوده السعودية ضد الإرهاب، وتأثير هذا الموقف على مستقبل العلاقات الجزائرية الإيرانية، حيث أكد التقرير أن إيران “تطمح لنفوذ أكبر في منطقة شمال إفريقيا، وفي هذا الإطار تأتي الزيارة الأخيرة لنائب الرئيس الإيراني، إسحاق جاهنغيري، للجزائر، خاصة أنها تتزامن مع إعلان الجزائر عن مقاطعة التحالف الذي أعلنت عنه السعودية”.كما أفادت الصحيفة بأن الجزائر “أعلنت تحفظها على المشاركة في الحلف الإسلامي الذي شكلته السعودية ضد تنظيم الدولة، بسبب الخلافات مع السعودية بشأن التعاطي مع القضايا الإقليمية والعربية”. وتعتقد “موند أفريك” أن طهران كثفت جهودها لاستغلال ما أسمته فتورا بين الجزائر والسعودية، “إن لم يكن توترا بين الطرفين”، لفرض نفسها كبديل عن سياسات السعودية في المنطقة، حيث لن يكون من المستبعد أن تشكل الجزائر حلفا موازيا مع إيران.وتبرر الجزائر عدم مشاركتها في التحالف الإسلامي ضد الإرهاب بالدستور الذي يمنع قتال الجنود الجزائريين خارج التراب الوطني، وهو مبرر غير كاف في نظر عديد الحكومات العربية، التي باتت تعرف مسبقا موقف الجزائر بأي مبادرة تطرحها، من حيث سبق للجزائر أن رفضت المشاركة في “عاصفة الحزم” التي قادتها السعودية في اليمن، وكذلك تمويل المعارضة السورية ضد نظام بشار الأسد، ورفضها أيضا المشاركة في القوة العربية المشتركة واكتفائها بالدعم اللوجيستي.وتشير “موند أفريك” بالمقابل أن الجزائر “تشارك إيران مواقفها حول قضايا جوهرية، خاصة فيما يتعلق بالصراع السوري وملف أسعار البترول، وبالتالي يمكن لهذا التقارب الثنائي بين البلدين أن يمهد الطريق لظهور حلف مواز يهدد نفوذ المملكة في المنطقة”. كما قالت الصحيفة إن الجزائر وإيران “تدركان أن الرد الوحيد على النفوذ السعودي في المنطقة يجب أن يكون على المستوى الاقتصادي، لذلك أعلن الطرفان في أثناء الزيارة الإستراتيجية لإسحاق جاهنغيري، عن إعادة تفعيل اللجنة الثنائية العليا بين البلدين”.وخارج القراءات التي أعطيت لزيارة النائب الأول للرئيس الإيراني إلى الجزائر، الخميس الماضي، ضمن ملف الصراع الإيراني السعودي، فإن الجزائر يهمها أن تبني تحالفا مع إيران لتجنب انهيار اقتصادها المبني على الريع النفطي، ومواجهة تحديات اقتصادية واجتماعية داخليا، بالنظر إلى توقعات مخيفة لخبراء إزاء ما سيكون عليه الوضع الاجتماعي العام الداخل 2016، في ظل المخاوف من توسع دائرة الاحتجاجات الاجتماعية، جراء ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، ومقتضيات قانون المالية 2016، الذي فرض رسوما إضافية على أسعار الكهرباء والوقود.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات