+ -

 إنّ طريق الإنفاق ومصرفه يجيء بعد تقرير نوعه: {فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}. وهو يربط بين طوائف من النّاس بعضهم تربطه بالمنفق رابطة العصب، وبعضهم رابطة الرّحم، وبعضهم رابطة الرّحمة، وبعضهم رابطة الإنسانية الكبرى في إطار العقيدة المتين.ولقد علم الله سبحانه أنّ الإنسان يحبّ ذاته فأمره أوّلاً بكفايتها قبل أن يأمره بالإنفاق على مَن سواها وأباح له الطيّبات من الرّزق وحثّه على تمتيع ذاته بها في غير ترف ولا مخيلة لقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إنّ الله جميل يحبّ الجمال”.فالدقّة لا تبدأ إلاّ بعد الكفاية والرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم يقول في حديث أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: “خيرُ الصّدقة ما كان عن ظهر غنى واليد العليا خيرٌ من اليد السُّفلى وابدأ بمَن تعول”، وفي رواية لأبي داود أنّ سيّدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: جاء رجل بمثل بيضة من ذهب فقال: يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخُذها فهي صدقة، ما أملك غيرها، فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثمّ أتاه من قبل ركنه الأيمن فقال مثل ذلك فأعرض عنه، فأتاه من قبل ركنه الأيسر فقال مثل ذلك فأعرض عنه، ثمّ أتاه من خلفه فقال مثل ذلك فأخذها صلّى الله عليه وسلّم فحذفه بها فلو أصابته لأوجعته وقال: “يأتي أحدكم بما يملك فيقول: هذه صدقة ثمّ يقعد يتكفّف النّاس. خير الصّدقة ما كان عن ظهر غنى”.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات