+ -

شخص كبير في السن ولا يريد الزّواج هروبًا من مسؤولياته ونفقاته، فماذا يُقال له؟ إنّ الزّواج سُنّة الأنبياء والمرسلين، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} الرّعد:38، وقال صلّى الله عليه وسلّم: “يا معشر الشّباب مَن استطاع منكم الباءَة فليتزوّج، فإنّه أغضّ للبصر وأحصن للفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنه له وِجاء” أخرجه البخاري ومسلم. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. ولذا أنكر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على مَن امتنع عن الزّواج ليقوم اللّيل ويصوم النّهار، فقال “أمَا والله إنّي لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنّي أصوم وأفطر، وأصلّي وأرقد، وأتزوّج النّساء، فمَن رغِب عن سُنّتي فليس منّي” أخرجه البخاري ومسلم.ولا يكاد يخفى عن المسلمين اليوم أنّ الأصل في الزّواج الوجوب لمَن خاف على نفسه الوقوع في الفاحشة، خاصة في هذا الزّمان الّذي كثرت فيه المغريات وتنوّعت مثيرات الشّهوات، وعلى المؤمن أن ينوي بزواجه إصابة السنّة وصيانة دينه، لتتحقّق مقاصده الشّريفة ومصالحه العظيمة، ومنها حفظ النّسل وتكاثر النّوع البشري لإقامة الدّين الإسلامي وإصلاح الأرض، فعن أنس رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: “تزوّجوا الوَلود الودود فإنّي مكاثر بكم الأمم يوم القيامة” أخرجه ابن حِبّان في صحيحه وأحمد والبيهقي وغيرهم وهو حديث صحيح. وصيانة العرض وحفظ الفرج وغضّ البصر عمّا حرّم الله من الفواحش والآثام سدًّا لباب الرذيلة والزّنا والاختلاط والتبرّج، وبالزّواج يستكمل كلّ من الزّوجين خصائصه، وبخاصة استكمال الرجل رجولته لمواجهة الحياة وتحمّل المسؤلية.والزّواج من أسباب الغنى ودفع الفقر، عكس ما يظنّه السّائل من أنّ الزّواج ونفقاته يجلب الفقر، وقال الله تعالى مخاطبًا الأولياء وآمرًا لهم بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامى –جمع أيم- وهم مَن لا زواج لهم من رجال ونساء: {وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} النّور:32.وبالزّوَاجِ يحصل لكلا الزّوجين الاطمئنان والسّكينة والاستقرار الجنسي والنّفسي والاجتماعي والدّيني، تحت ظلّ علاقة متينة غليظة –كما وصفها القرآن- مبنية على المودّة والرّحمة كما قال سبحانه وتعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لأَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الرّوم:21.وبالزّواج تنشأ روابط أسرية جديدة، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} الفرقان:54. ومن هذه المعاني وغيرها يتبيّن لنا أنّ الزّواج تاج الفضيلة لا يمكن الاستغناء عنه.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات