+ -

شرعت الدولة في التراجع تدريجيا عن سياسة مرافقة النوادي المحترفة إلى غاية سنة 2018، بسبب سياسة التقشّف المعتمدة والمترتّبة  عن تراجع مداخيل المحروقات. وتبّنت جملة من التدابير التي تهدف إلى تقليل النفقات وضمان تحصيل المستحقات المتعلّقة بالضرائب والضمان الاجتماعي، تخص النوادي المحترفة التي “تلتهم” الملايير كل موسم دون نتائج ملموسة من الجانب الرياضي. وجد الولاة أنفسهم مجبرين على التراجع عن تقديم الإعانات المالية للأندية المحترفة، بسبب التعليمة التي وجّهها إليهم وزير الداخلية والجماعات المحلية، نور الدين بدوي، قبل أسابيع، التي تشير صراحة إلى أنهم (الولاّة)، مطالبون بالتقليل، قدر الإمكان، من النفقات والمصاريف، مع الإشارة أيضا إلى أنه يستوجب عليهم مستقبلا، الحدّ من الإعانات المالية المقدّمة للجمعيات الرياضية، التي يعتبر البعض منها مساهما في الشركات التي تسيّر الأندية المحترفة، ما يعني أن الدولة تحرص على إلغاء دعمها غير المباشر للنوادي المحترفة.واستنفر قرار وزير الداخلية كل النوادي المحترفة، عند بداية الموسم الجاري، لاقتناع هؤلاء بأن عهد “الرشقة” قد ولّى، وبأن عيوب تسييرهم للشركات التي تشرف على النوادي المحترفة، ستنكشف قريبا، كون السنوات الست من عهد الاحتراف بيّنت بما لا يدع مجالا للشكّ بأن الاحتراف في الجزائر يسير بأندية مفلسة، تبالغ في النفقات على حساب المداخيل، ما يجعل حصيلتها المالية، مع نهاية كل موسم، سلبية. غير أن الدعم المتواصل للدولة لهاته الأندية، في إطار المرافقة للاحتراف، يجعلها، في كل موسم، في منأى عن الإفلاس وقادرة على مواصلة العمل دون أي إشكال، في غياب مديرية وطنية لمراقبة التسيير، وهي الهيئة التي كان بمقدورها إحراج مسيري النوادي وإرغامهم على الاستجابة لدفتر الشروط وعلى مراجعة الحسابات في أطر قانونية.. وبالتالي، تفادي تبذير المال العام دون حسيب أو رقيب. ولم تتوقف الدولة عند رفع يدها عن دعم النوادي المحترفة ماليا، إنما دفعها التقشّف أيضا إلى العودة للعمل بنظام القانون، واكتشفت السلطات اليوم، وهي تحرص على تحصيل الأموال، بأن النوادي المحترفة، على غرار عديد المستخدِمين، لا تصرّح بلاعبيها على مستوى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ولا تسدّد الضرائب المترتّبة عن مستحقات اللاّعبين، ما جعل الدولة تُشدّد اللّهجة وتمنح مهلة لهؤلاء إلى غاية 31 مارس من السنة المقبلة، من أجل إقدام كل المستخدِمين، منهم الأندية المحترفة، على تأمين اللاّعبين بصفة منتظمة.وشدّدت الدولة اللّهجة أيضا، حين ذكّرت، عن طريق المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بأن المخالفين للقوانين سيقعون تحت طائل العقوبة، كون عدم تأمين المستخدَمين يعتبر، في نظر القانون، جنحة تصل عقوبتها حدّ السجن من شهرين إلى أربعة أشهر، فضلا عن فرض عقوبات أخرى، مثل الغرامات المالية ومضاعفتها أيضا. تضييق الدولة الخناق على النوادي المحترفة، المرغمة على تأمين لاعبيها بالنسبة القانونية التي تتماشى مع الرواتب الشهرية الحقيقية للاّعبين، سيدفعها هذا الموسم إلى التقليل من حجم النفقات، خاصة رواتب اللاّعبين التي “تلتهم” نحو 90 في المائة من ميزانية الأندية. وستجد هاته النوادي التي تعوّدت على منح رواتب خيالية تفوق إمكاناتها بكثير، أمام حتمية اللّجوء إلى لاعبيها الشبّان الذين لا يُكلّفون الكثير، وستلّد الأزمة حتما الهمّة، وستتضح الفوارق مع مرور المواسم بين الأندية، التي ستصنعها مستقبلا البرامج الحقيقية للمسيرين الغائبة منذ انطلاق عهد الاحتراف، كون البرنامج هو الكفيل بوضع استراتيجية حقيقية تضمن تحقيق نتائج رياضية ومكاسب تجارية، تسمح بالقضاء على التراكم الخطير للديون.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات