+ -

يبدو أن القرارات التي تصدر في شكل مراسيم وزارية أو رئاسية، أو التعليمات الرسمية، ليست ملزمة للجميع! فبعضها لا يطبقها المسؤولون المحليون وأخرى تتراجع عنها الحكومة “سرا” بعدما أصدرتها “علنا”، ونوع ثالث من القرارات تلغى وتستبدل بأخرى. هذه التصرفات التي يمارسها وزراء الحكومة أو مسؤولون محليون تسببت في زعزعة ثقة المواطن في الدولة الجزائرية، ما جعل الأخير يعلق بالقول إن قرارات الدولة صارت مجرد “حبر على ورق”! هذا ما حدث مع المرسوم الرئاسي 14-266، المتمم والمعدل للمرسوم الرئاسي 304-07 المتعلق بالشبكة الاستدلالية للأجور، فرغم أنه صادر بتاريخ 1 أكتوبر 2014، أي منذ أكثر من سنة كاملة، إلا أنه لم يطبق، وهو ما أثار تساؤلات الكثيرين، خاصة أنه يمس جميع شرائح الوظيف العمومي وكل القطاعات.ورغم المطالب التي رفعتها النقابات والمنظمات الطلابية، وحتى السياسيون وبعض النواب في البرلمان، إلا أن الحكومة والوظيف العمومي لم يتحركا من أجل تطبيق ذات المرسوم الرئاسي، بل ولا حتى توضيح لسبب عدم تطبيقه!كما تظهر التعليمة التي أصدرتها المديرية العامة للوظيف العمومي، والتي تحمل رقم 21 المؤرخة في 12 نوفمبر الماضي، والتي تتضمن المعادلة الإدارية لشهادتي الدراسات الجامعية التطبيقية، وتقني سام، من أجل المشاركة في مسابقات التوظيف لرتبة مشرف التربية، بأن المرسوم الرئاسي 07-304 المتعلق بالشبكة الاستدلالية للأجور مازال ساري المفعول رغم صدور المرسوم الرئاسي 14-266 المتمم والمعدل للمرسوم سالف الذكر.نفس الأمر بالنسبة للتعليمة الوزارية المشتركة، المؤرخة في 17 نوفمبر 2013، والمتعلقة بدفع الأثر الرجعي لمنحة الامتياز للموظفين في ولايات الجنوب، في الفترة الممتدة من 1 جانفي 2008 إلى 31 ديسمبر 2011، حيث أن هذا المرسوم طبق في ولايتين فقط! وهما بشار وتندوف، فيما تخلفت باقي الولايات عن تطبيقه لأسباب تبقى مجهولة.والغريب أن تكون الهيئات العمومية هي المخولة بتطبيق هذه المراسيم، ومع ذلك فلا تفعل! الأمر الذي يطرح التساؤل حول جدية الحكومة في الالتزام بالقرارات التي تصدرها بنفسها.وإضافة إلى هذا، فإن بعض المراسيم الموجهة إلى المؤسسات الخاصة أو المتعاملين الاقتصاديين أيضا لا تحترم، على غرار المرسوم التنفيذي 13/378 المؤرخ في 9 نوفمبر 2013 والذي يحدد الشروط والكيفيات المتعلقة بإعلام المستهلك، حيث صرح رئيس جمعية المستهلكين، مصطفى زبدي، في حديثه مع “الخبر”، أن المرسوم لم يطبق على أرض الواقع. كما تساءل نفس المتحدث عن المرسوم التنفيذي رقم 15-58 الصادر بتاريخ 8 فيفري 2015، المتعلق بشروط نشاط وكلاء السيارات، حيث ذكر محدثنا أن بنوده “لم يلتزم بها الوكلاء ولم يحترموا ما جاء فيه”. وانتهى المتحدث إلى القول إن نقص الرقابة وراء هذه التجاوزات وعدم احترام قوانين وقرارات رسمية للدولة.وعادة ما يتسبب هذا التضارب في القرارات والمراسيم في تغذية احتجاجات الجبهة الاجتماعية، على غرار ما حدث مع المخلفات المالية للأساتذة المدمجين، فبعدما أقرتها الحكومة في أفريل 2014 عادت وألغتها من خلال التعليمة الوزارية المشتركة المؤرخة في 22 سبتمبر 2014، وهو ما تسبب في احتجاجات وإضرابات مست القطاع خلال الموسم الدراسي الماضي 2014-2015، قبل أن تقوم الوزارة، وبموافقة من الحكومة، بالتراجع عن الإلغاء وتقر صب هذه الزيادات.كما صارت بعض القرارات الرسمية الهامة والمصيرية تخضع لرد فعل الشارع، على غرار ما فعله وزير التجارة السابق، عمارة بن يونس، الذي أصدر تعليمة لمنح تراخيص بيع الخمور بالجملة، والتي أحدثت ضجة كبيرة جعلت الحكومة تتدخل عن طريق الوزير الأول، عبد المالك سلال، لإلغائها، إضافة إلى التعليمة رقم 13/2014 الصادرة عن المديرية العامة للصندوق الوطني للتقاعد، بتاريخ 5 نوفمبر 2014، التي تؤكد فيها احتساب مدة الخدمة الوطنية في كل أنواع التقاعد، بما فيها التقاعد المسبق أو النسبي والتقاعد دون شرط السن (32 سنة)، تطبيقا للقانون 14-06 المتعلق بقانون الخدمة الوطنية، والذي نص في مادته 70 على أن الخدمة الوطنية تحتسب في “الترقية والتقاعد”، كل هذا نفاه وزير القطاع، محمد الغازي، في تصريح رسمي.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات