+ -

 وردت آيات كثيرة سابقة على هذا السؤال “يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ”. فالإنفاق في مثل الظّروف الّتي نشأ فيها الإسلام ضرورة لقيام الجماعة المسلمة في وجه تلك الصّعاب والمشاق والحرب الّتي كانت تواجهها وتكتنفها، ثمّ ضرورة من ناحية أخرى، من ناحية التّضامن والتّكافل بين أفراد الجماعة وإزالة الفوارق الشّعورية، بحيث لا يحسّ أحد إلاّ أنّه عضو في ذلك الجسد لا يحتجز دونه شيئا ولا يحتجز عنه شيئًا وهو أمر له قيمته الكبرى في قيام الجماعة شعوريًا إذا كان سدّ الحاجة له قيمته في قيامها عمليًا.وهنا يسأل بعض المسلمين “ماذا يُنفقون؟”، وهو السّؤال عن نوع ما يُنفقون، فجاءهم الجواب يُبيِّن صفة الإنفاق ويحدّد كذلك أولى مصارفه وأقربها: “قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ” البقرة:215.ولهذا التّعبير إيحاءان: الأوّل أنّ الّذي ينفق خير، خير للمعطي وخير للآخذ وخير للجماعة وخير في ذاته، فهو عمل طيّب وتقدمه طيّبة. والإيحاء الثاني أن يتحرّى المنفق أفضل ما عنده فينفق منه، وخير ما لديه فيشارك الآخرين فيه كما جاء في آية أخرى من سورة آل عمران: “لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ” آل عمران:92. فالإنفاق تطهير للقلب وتزكية للنّفس ثمّ منفعة للآخرين وعون، وتحرّي الطيّب والنّزول عنه للآخرين هو الّذي يحقّق للقلب الطّهارة وللنّفس التّزكيّة، والإيثار معناه كريم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات