+ -

اتهم وزير المالية، عبد الرحمن بن خالفة، المعارضة باعتماد “قراءة بالية” للشأن الاقتصادي الوطني، نافيا أن تكون دائرته الوزارية أو الحكومة منحت “هدايا” لأصحاب المؤسسات الخاصة أو العمومية، مقدرا بأن التدابير التي تضمنها مشروع قانون المالية لسنة 2016، هي أجوبة وحلول “ملائمة” لوضعيات اقتصادية، تفاديا لأي “مضاعفات” بفعل تراجع الإيرادات المتأتية من المحروقات.هل تراجعت عن تصريحاتك بخصوص رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية؟ لا يوجد أي رفع للدعم، وبالتالي لم أتراجع عن كلام للأسف تم تفسيره إعلاميا بما لا يتماشى مع توجهات الحكومة ومشروع قانون المالية لسنة 2016. الزيادات واضحة وهي تتعلق بالوقود والطاقة الكهربائية والغاز. لا يوجد تخل عن دعم أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع. أؤكد أنه لا توجد زيادات في أي مادة أخرى باستثناء ما قلت لك.. أي البنزين والمازوت والكهرباء فقط..لكن لماذا هذه المواد تحديدا؟ تراجع أسعار البترول في السوق الدولي يؤثر مباشرة على عائدات البلاد من العملة الصعبة، أي أن الإيرادات تتقلص، وعلينا البحث عن مصادر تمويل لهذه الإيرادات، بعبارة أبسط تعويض هذا النقص أو العجز، وهو ما قمنا به من خلال رفع الرسوم على أسعار الوقود (البنزين والمازوت)، والكهرباء والغاز.من يتحمل مسؤولية سوء الفهم هذا الذي تتحدث عنه، الحكومة أم البرلمان؟ الحكومة قدمت مشروع قانون واضحا، قمنا ونقوم بشرح بنوده ومواده بلغة مبسطة لكي يفهمها الرأي العام، للأسف هناك قراءات أعطيت للنصوص من منطلق فهم خاص بأصحابه.لكن تصريحاتك موثقة في الإذاعة والتلفزيونات وحتى أمام النواب؟ الإعلام ينشر ويبث معلومات وفقا لما فهمه من كلامي، لا أستطيع أن أوجه اجتهادات الإعلاميين. لكن تأكد أن تدخلاتي في وسائل الإعلام مؤخرا لم تكن للتصحيح أو التراجع عما قلته في المجلس الشعبي الوطني. التنافس بين وسائل الإعلام جعل البعض يصنف تدخلاتي في خانة الاستدراك أو التوضيح. فليكن ذلك، ما دام أن الأمر يتعلق بشرح وتسهيل فهم التدابير المتخذة للرأي العام.مرة أخرى تؤكد أن الحكومة ستحافظ على سياسة دعم الأسعار؟ نعم، باستثناء مادتين فقط، هما الوقود والكهرباء. أؤكد لكم، الزيادات لن تمس شيئا آخر. هذه حتمية، هناك واقع علينا التعامل معه، تراجع الموارد المتأتية من تصدير المحروقات يجعلنا نفكر في حلول، وهو ما فعلناه.نقطة أخرى أججت النقاش داخل البرلمان وفي الإعلام، المادة 66 المتعلقة بالخوصصة؟ مضمون المادة 66 موجودة في قانون الاستثمار الجزائري، نحن لم نستحدثها. ما فعلته الحكومة هو نقلها من قانون الاستثمار إلى قانون المالية. في كل دول العالم، قوانين الاستثمار تضم الحوافز والتسهيلات والامتيازات الممنوحة للمستثمرين، أما الشق المتعلق بالمؤسسة مثل نسبة المساهمة في الرساميل (51/49) أو نسب الخوصصة (34 بالمائة) فيصدر في قوانين أخرى مثل قانون المالية. بعبارة أخرى، هذه المادة مطبقة وموجودة.هل ستفتحون رساميل الشركات العمومية الكبرى؟ على شركاتنا التطور والعمل من أجل البقاء في السوق. عليها ألا تتوقف وإلا ستنتهي وينعكس ذلك سلبا على نسيجنا الاقتصادي. هناك مفارقة مقلقة للغاية، لماذا نريد قتل شركاتنا في الوقت الذي يوجد مستثمرون وطنيون قادرون على ضخ دماء جديدة فيها تجعلها تتقوى وتستمر؟هنا مربط الفرس، هؤلاء مصنفون، حسب المعارضة، في خانة الأوليغارشيا؟ قبل الإجابة عن سؤالك، فتح رساميل مؤسساتنا العمومية ليس عيبا، بل حماية لها. ثم أنا أفتح الرساميل أمام القطاع الخاص الوطني وليس الأجنبي. مؤسسة مثل “كوسيدار” يجب دعمها لتبقى كبيرة ومؤثرة ونشيطة في السوق.. المؤسسة الوطنية للمركبات الصناعية، أيضا، تحتاج إلى تدعيم. لن نفتح الرساميل للأجانب، فقط الوطنيون هم الذين سيحظون بهذه التدبير.هل تعتقد أن قطاعنا الخاص قادر على رفع التحدي؟ وهل يتحكم جيدا في الإدارة الحديثة بدل (البزنسة) الموصوف بها؟ لدينا في الجزائر 780 ألف مؤسسة، من هذا العدد يوجد 100 مؤسسة فقط من الحجم المطلوب. في كل دول العالم الآن، الشركات الكبيرة هي المستقبل. كيف نجح المصريون؟ الصينيون؟ الأتراك؟ وحتى المغاربة الذين يستثمرون في بلدهم وخارج بلدهم. نحن بحاجة إلى مؤسسات تستطيع المنافسة وطنيا وخارجيا، وعلينا رفع هذا التحدي وألا نبقى نتفرج على ما يفعله غيرنا. انظروا إلى السوق الجزائري، من يتواجد فيه؟الشركات الأجنبية هي التي تسيطر على “خبز الدار”، هذه سياسة الحكومة؟ علينا تغيير الذهنيات والواقع. المؤسسات الوطنية ستكون لها الأفضلية، من خلال الشراكات بين القطاعين العمومي والخاص. جل الشركات الأجنبية العاملة في السوق الوطني قدمت من الصين وتركيا ومصر وتونس. عدد سكان بلدنا 40 مليون نسمة ولا توجد فيه شركات كبيرة بالحجم الكافي وبالشكل الذي يحمي اقتصادنا وتكون قادرة على التوسع إلى أسواق خارجية.ألا يؤثر ذلك على الطابع الاستراتيجي لهذه المؤسسات، بحكم أن من يوصفون بـ”الأوليغارشيين” قادرون في أي وقت التخلي عنها لصالح الأجانب في حال واجهتهم صعوبات؟ الذين يقولون بهذا الكلام يقرأون الاقتصاد بطريقة بالية. بهذه النظرة الضيقة لن نستطيع التقدم خطوة واحدة. انظروا إلى تجارب غيرنا، لن نذهب بعيدا، في السعودية والإمارات شركات كبرى رغم عدد سكانها القليل، الإمارات تسير ميناءين في الجزائر، ونحن 40 مليون نسمة لا نملك مجموعة مؤسسات كبيرة قادرة على التحدي الاقتصادي. الوضع الحالي لمؤسساتنا مرهق ويعيش على التدعيم الحكومي، إلى متى سنستمر في ذلك، هذا غير مقبول. الأوليغارشيون هم الشركات الأجنبية وليس القطاع الخاص الوطني.لكن في قانون المالية الجديد، تقول المعارضة إنك منحت “هدايا” للقطاع الخاص يضر بالاقتصاد؟ أين هي هذه الهدايا، علينا مساعدة مؤسساتنا على النمو والتوسع. هذه التدابير لن تضر بأي شكل من الأشكال بالأهداف المسطرة. يؤسفني القول إن ثقافة التخويف والتثبيط التي ينشرها أصحاب النظرة الضيقة، وحملة تشويه الحقائق والانتقادات التي تطالني بسبب القراءة البالية للواقع الاقتصادي، بلطجة. نحن ندفع بالقطاعين العمومي والخاص نحو النمو وليس غلق الأبواب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات