ينطلق بعد غد الدور الأول للانتخابات الجهوية في فرنسا، على أن يتم إجراء الدور الثاني الأحد 13 ديسمبر الجاري، لانتخاب 1757 رئيس مجلس جهوي. وتأتي هذه الانتخابات وسط حالة الطوارئ المعلن عنها عقب هجمات 13 نوفمبر الماضي، وتحت إجراءات أمنية مشددة لم يسبق لها مثيل في فرنسا، نظرا للحدث العالمي الذي تستضيفه باربس المتمثل في قمة المناخ “كوب 21” من جهة، ومخلفات تأثير الهجمات الإرهابية الأخيرة التي ألقت بظلالها على هذه الانتخابات، مؤثرة في السير الحسن للحملة الانتخابية التي تم تعليقها مباشرة بعد الإعلان عن الحداد واستئنافها بعد الاثنين الماضي. وقد حسمت استطلاعات الرأي النتيجة لصالح الجمهوريين (ساركوزي) بالأغلبية الساحقة في الدور الأول، ويأتي في المرتبة الثانية الحزب الاشتراكي (هولاند)، ثم الجبهة الوطنية (مارين لوبان)، هذه الأخيرة تعرف اكتساحا واسعا، وساعدها في ذلك أحداث “الجمعة 13 نوفمبر” بباريس، وفي بعض الأحيان تضعها الاستطلاعات في مقدمة منطقتين جهويتين أو ثلاثة، فبالرغم من صعود فرانسوا هولاند في استطلاعات الرأي بنسبة 50%، وهي النسبة التي لم يحققها منذ انتخابه سنة 2012، فإنه يجب أخذ استطلاعات الانتخابات الجهوية بكل حذر، فقد يحدث الحزب الاشتراكي المفاجأة في الدور الثاني وتنقلب المراتب. وقد سلطت “الخبر” في ملفها الضوء على سؤال واحد أجاب عليه جميع المتدخلين حول تأثير الهجمات الإرهابية الأخيرة على الانتخابات الجهوية، حيث تقاربت الأجوبة، إلا أنها خدمت بالدرجة الأولى التوسع الرهيب للجبهة الوطنية لمارين لوبان، إلى جانب نفور أعضاء الجالية المسلمة من هذه الانتخابات بسبب حالة “الاختناق” التي تولّدت عن حالة الطوارئ، والتي حوّلت على إثرها المداهمات التي فاقت عددها 2000 يومياتهم ولياليهم إلى كابوس على مختلف الأصعدة. ويسعى الحزب الاشتراكي الحاكم إلى بذل كل الجهود لمنع اليمين المتطرف من الفوز بمنطقة جهوية أو على الأقل التقليل من الكارثة، لاسيما أن رئيس الحزب المعارض نيكولا ساركوزي يرفض التحالف مع الاشتراكيين لقطع الطريق على مارين لوبان.النائب السابق عن الجبهة الوطنية لمارين لوبان، ومعتنق الإسلام، ماكسينس بوتي “الجبهة الوطنية حزب منافق”لم يتردد ماكسينس بوتي، النائب السابق عن حزب الجبهة الوطنية لمارين لوبان الذي تم انتخابه بسان سانت دوني مارس 2014 وتنتهى بطرده من الحزب، في حديثه مع “الخبر”، في كشف الصورة الحقيقية لحزب اليمين المتطرف الذي يصفه بالحزب المنافق الذي يضع الشباب في الواجهة أثناء الفترات الانتخابية بغية استخدامهم والعمل بهم كورقة ديناميكية رابحة، ثم التخلي عنهم مع رفض تسليمهم مهام على رأس مقاطعات، لاسيما إذا تعلق الأمر بالفرنسيين من الديانة الإسلامية.وقال ماكسينس بوتي إن هناك فريقين داخل الجبهة الوطنية: الأول تابع للحفيدة ماريون ماريشال لوبان، يميل أكثر إلى الجمهورية. والفريق الثاني لفلوريون فليبو الذي يركز على الدفاع عن المسيحية والثقافة الفرنسية، وبالنسبة لهذا الفريق فإن الفرنسي هو أبيض البشرة ومسيحي فقط. وأما عن الحملة الأخيرة التي باشرها اليمين المتطرف على مستوى سان سانت دوني قبل هجمات 13 نوفمبر، من أجل إغراء مسلمي فرنسا واستدراجهم بتوزيع مطويات تحت شعار “مسلم ربما.. لكن فرنسي أولا”، قال بوتي إها نفاق كبير من قبل الحزب الذي يمقت المسلمين، وهي في الحقيقة لا تتجاوز حملة “صوّتوا لنا.. وبعدها لسنا بحاجة إليكم”، مستدلا بتجربته الشخصية ووقوعه ضحية ذلك، وكذا تجربة موزع آخر للحوم “حلال” أحدث ضجة إعلامية واسعة آنذاك، والحزب لا يقبل وجود أشخاص من بين أعضاء الجالية المسلمة وسطه، لكنه يلعب بكل الأوراق المتاحة ثم يطعنهم في ظهورهم بالنظر إلى موقف الحزب من العديد من المسائل التي تعني مسلمي فرنسا بطريقة مباشرة (لحوم “حلال”) ومنع الديانة الإسلامية، مع غلق المساجد التي يتردد عليها السلفيون، مضيفا بأن الجبهة الوطنية تغذت كثيرا على خلفية الهجمات الأخيرة، مستغلة خوف الفرنسيين للتركيز على مسألة الأمن، صانعة فارق النقاط بينها وبين الحزب الاشتراكي الحاكم وحزب المعارضة.تجدر الإشارة إلى أن ماكسينس بوتي وقع ضحية الحزب، وتم طرده سنة 2014 مباشرة بعد اكتشاف بأنه اعتنق الإسلام، حيث تم اتباع شتى الطرق من أجل تنحيته من منصبه ثم طرده بصفة نهائية من الجبهة الوطنية، دون أن يصل الخبر إلى وسائل الإعلام، وهو بالفعل ما حصل، واستمرت الضجة الإعلامية طيلة أسابيع، الأمر الذي اضطره للابتعاد عن الأضواء.مرشحة الجمهوريين بإيل دو فرانس فاليري بيكريس “الأمن رأس الأولويات”قالت مرشحة حزب الجمهوريين بمنطقة إيل دو فرانس فاليري بيكريس لـ “الخبر”، إنه بالنظر إلى ما عاشته فرنسا من أحداث مأساوية في 13 نوفمبر، وما صاحبها من أجواء توحي بخطورة الوضع، وما ينتظره الفرنسيون اليوم من سياسات، يجب أن تتمحور الجهود حول المزيد من الإجراءات الأمنية من أجل مقاومة الإرهاب.وكشفت مرشحة حزب الجمهوريين أنها تعمل في سياق سياسة حزبها على العموم فيما يخص أمن الفرنسيين، لاسيما في المنطقة التي ترشحت فيها، وقالت إنها لن تركز على مسألة الأمن فقط، إذ يجب التركيز على عالم الشغل، قائلة “لقد نجمت عواقب وخيمة عقب الهجمات الأخيرة، أسفرت عن نتائج اقتصادية درامية، مست قطاع السياحة والثقافة والمطاعم وغيرها من القطاعات الولّادة للثروة”.وفضلت مترشحة الجمهوريين فاليري بيكريس أن تتحدث فقط عن برنامجها الانتخابي، مُتجنبة التطرق إلى أرقام استطلاعات الرأي، مؤكدة أنها ستساهم في إعطاء الدفع من جديد فيما يخص الهوية الفرنسية.رئيس حزب التجمع اليساري “بي أر جي” أحمد لعوج “هاجس الأمن أخّر مناقشة الملفات الاجتماعية الحساسة”كشف رئيس حزب التجمع اليساري “بي أر جي” أحمد لعوج أن أثر الهجمات البربرية والشنيعة التي عاشتها باريس مؤخرا بدأ يظهر جليا، وقد فاق الحديث عن مسألة الأمن التي أصبحت تشغل الفرنسيين اليوم بكثير الحديثَ حول المواضيع الحيوية التي من المفروض أن تناقشها برامج المترشحين خلال هذه الحملة الانتخابية، والتي كانت تتعلق عادة بالشغل والصحة والنقل والتكوين على مستوى ناحية “إيل دوفرانس”.وأكد المصدر ذاته أن الناخبين سيتوجهون بكثرة إلى مكاتب الاقتراع للتصويت، وللرد على هذه الهمجية البربرية التي رهنت قيم الجمهورية. أما عن الإجراءات التي أقرها الرئيس فرانسوا هولاند، فهي “تدخل في إطار استثنائي يتعلق بحالة الطوارئ ويجب تفهم الوضع”.أما إذا اختار بعض المسلمين طريق التطرف ومشوا وراء الجماعات السلفية، فهذا يفتح المجال أمام حزب الجبهة الوطنية لمارين لوبان التي وجدت ضالتها في الوضع الراهن، وهي تسعى لخلق الأجواء المشحونة بين أفراد المجتمع، بتصعيد الخطابات المتطرفة واغتنام الفرصة للعب على أعصاب الفرنسيين بالاستفادة من حالة الطوارئ، وبالتالي كسب اليمين المتطرف.وقال المتحدث إنه بالرغم من عدم ثقته في عمليات استطلاع الرأي، فهناك إمكانية لحصول ردود أفعال “سلبية” مقابل هذه البربرية، كاشفا أن تيار الجبهة الوطنية لمارين لوبان سيستثمر في الأمر، لاسيما على مستوى ناحية “نور با د كالي بيكاردي” وناحية “باكا” في “كوت آزور”، هو ما أصبحنا نراه اليوم في فرنسا بصفة عامة، من اكتساح واسع لليمين المتطرف بنقطتين أو 3 نقاط في استطلاعات الرأي، وهذا هو الأمر المقلق والمخيف الموجود حاليا، وما لم يفهمه الفرنسيون أن الجبهة الوطنية لمارين لوبان لا تقدم أي شيء، وما تسعى إليه هو ضرب وحدة الشعب الفرنسي.الكاتب الصحفي ومؤسس “ميديا بارت” إيدوي بلينيل لـ “الخبر”“على الحكومة محاربة الأسباب الجيوسياسية للإرهاب كي تقضي عليه”يرى الكاتب الصحفي إيدوي بلينيل، مؤسس موقع “ميديا بارت”، في حديثه مع “الخبر” أن التكهن بهذه الانتخابات الجهوية 48 ساعة قبيل انطلاق الدور الأول والإعلان عن النتائج جد مبكر، ويجب الانتظار لاكتشاف ما سيخبئه هذا الموعد الانتخابي، لكن في المقابل يجب الإشارة إلى أن أثر هجمات 13 نوفمبر بباريس وسان سانت دوني كان جليا، خاصة بالنظر إلى حالة الطوارئ التي أعلنتها فرنسا، والمداهمات التي أدت إلى تضييق الخناق على حريات الأفراد وجعلت الأجواء مشحونة. وقال بلينيل إن رد فعل الحكومة اقتصر على الشق الأمني ولم يتساءل عن الأسباب الجيوسياسية لهذا الإرهاب، وحول الذرائع السياسية والتي يجب البحث عنها من أجل وضع حد لمصادرها، الأمر الذي يفتح حاليا شارعا أمام الخطابات النظامية التي تحمل في طياتها إيديولوجيا اليمين المتطرف المعروفة لدى الجميع، والتي يتغذى منها حزب الجبهة الوطنية التي تعد في حد ذاتها مملوءة بـاللاأمن والخوف، وما هي إلا أجندة إيديولوجية اليمين المتطرف، وبطبيعة الحال هناك خطر قوي تزوج بالأجندة الإيديولوجية الأمنية لليمين المتطرف.رئيس الجمعية الوطنية مرشح الحزب الاشتراكي كلود بارتولون لـ “الخبر” “برنامج الجبهة الوطنية سيزيد التهديد الأمني بفرنسا” أفاد رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية ومرشح الحزب الاشتراكي الحاكم بناحية إيل دو فرانس، كلود بارتولون، في حوار مع “الخبر” أن تأثير الهجمات الإرهابية الأخيرة على الانتخابات الجهوية ليس من الحجم الكبير حسب اعتقاده، إلا فيما يخص مسألة استطلاعات الرأي العام التي تظهر صعود الجبهة الوطنية في عمليات سبر الآراء، وهو أمر سيساهم برنامج اليمين المتطرف من خلاله في الزيادة من التهديد الأمني وليس التخفيف من حدته.وقال بارتلون إنه على قناعة بأن التقسيم الاجتماعي والانغلاق على الهوية اللذين تمتدحهما الجبهة الوطنية، هما من بين ردود الأفعال التي ترغب “داعش” في التسبب فيها على مستوى التراب الفرنسي، وهي الاستفزازات التي لن تسمح بتهدئة الأوضاع بل ستخلف المزيد من العنف، موضحا بأن أفضل طريقة للحد من تقدم واكتساح الجبهة الوطنية تكمن في إحراز تقدم أمام التحدي المتعلق بالوحدة الوطنية، والذي تم رفعه من أجل مواجهة الإرهاب والتصدي له، كما أنه بات من المستعجل اختيار مشروع المجتمع الذي تبناه اليسار والمتمثل في “العيش معا”، من خلال مضاعفة عمليات التضامن والأخوة بين أفراد المجتمع، مع الحرص على إظهار أن جميع المواطنين الفرنسيين متساوون أمام القانون، من خلال الأفعال التي تنصب في المنفعة العامة، مبرزين لهم أن الجمهورية تقدم لهم الفرص الناجحة ذاتها، وأن اللائكية هي بالتأكيد التي تسمح بممارسة مختلف الديانات.الأمينة العامة لمعهد التفكير أنيسة مزيتي لـ “الخبر” “على مسلمي فرنسا التصويت عن قناعة واجتناب الوقوع في فخ الخلط”دعت الأمينة العامة لمعهد التفكير أنيسة مزيتي أعضاءَ الجالية المسلمة للتوجه إلى مكاتب التصويت عن قناعة وليس عن تأثر، بصفتهم فرنسيين أولا، وعليهم أداء واجبهم الانتخابي، قائلة لـ “الخبر” إنه بالرغم من الحزن الوطني الذي يعشعش في أذهان الفرنسيين وفي شوارع باريس، فإنه على مسلمي فرنسا أن يكونوا واعين ولديهم حس المواطنة لتجنب الوقوع في خطورة فخ الخلط المنصوب بدقة.وأبرزت المتحدثة أنه منذ هجمات باريس الأخيرة في 13 نوفمبر الماضي لم تتوقف حملات الكراهية والعنصرية على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تنوعت مصادرها من مفكرين وكُتاب وصحفيين وحتى من الشرائح البسيطة من المتطرفين، وكانت البداية بتغريدة الكاتب السياسي الفرنسي فيليب دو فيليه الذي قال مساء الهجمات قبل أن تجف دماء الضحايا، وبينما عملية تحرير الرهائن متواصلة، “هذا ما قادنا إليه كثرة المساجد في فرنسا”، غير محترم حزن عائلات الضحايا الذين كان من بينهم فرنسيون مسلمون. وهذه الرسالة تبعتها تغريدة أخرى، من إمضاء ماتيو كاسوفيتش، دعا من خلالها المسلمين للنزول إلى الشارع كأنهم مذنبون أو متهمون، مغرِّدا “أصدقائي المسلمين.. انزلوا إلى الشارع وأسمعوا أصواتكم، وإلا فتستحقون الخلط الذي تقعون فيه ضحايا”. وإنه حقا أمر محزن، تقول مزيتي، أن تجد الجالية المسلمة نفسها مجبرة على نفس التواطؤ بين المسلمين والإرهابيين، وبات من المستعجل الآن أن يعي كل العالم بأن الإرهاب لا دين له، وهذا ما يغذي أفكار خطابات اليمين المتطرف المملوءة بالأحكام المسبقة، ما جعلهم يتوسعون في الميدان وفي فرنسا عشية الانتخابات الجهوية، وهذا ما يقوي اليمين المتطرف ويجعله يلعب على أحاسيس المواطنين بالخوف واللاأمن، إلى درجة امتلاك أذهانهم أمام تركيبة المجتمع الهشة حاليا بغية زرع العنصرية والكراهية التي لا تطاق، وبلغت فيها أفعال الإسلاموفوبيا إلى السقف بالإشارة إلى ما تعرض إليه مجموعة من الشباب الذين انهال عليهم متطرفون بالضرب المبرح والسب والشتم.المؤرخ وصاحب قاموس “الإسلاموفوبيا” كمال مزيتي لـ “الخبر” “على المسلمين ألا يقاطعوا الانتخابات”قال المؤرخ وصاحب قاموس “الإسلاموفوبيا” كمال مزيتي، إن كل مؤسسات استطلاعات الرأي العام وعمليات سبر الآراء، عشية الانتخابات الجهوية في فرنسا، تشير إلى انحراف الطريق بالنسبة للحزب الاشتراكي الحاكم وفوز ساحق للجمهوريين، واكتساح واسع لليمين المتطرف لمارين لوبان وأتباعها الذين سيستفيدون من بعض النتائج النهائية التي ستحققها بعض المناطق الجهوية، وللأسف فقد ساهمت الهجمات الأخيرة في تعبيد الطريق السريع لمارين لوبان لتخوض غمار رئاسيات 2017.وأبرز المتحدث أن الأحزاب السياسية الكلاسيكية، ومنها الجمهوريون، توافق حاليا على ميثاق الأمن الذي وضعته الحكومة حيز التنفيذ، علما بأن “هذه الإجراءات الاستثنائية تشكل في بعض الحالات مساسا بالحريات الأساسية، واليوم أكثر من الأمس وأقل من الغد يخشى مسلمو فرنسا، وعددهم 6 ملايين مسلم، من أن يصبحوا من جديد ذرائع سياسات الخلط التي تضع قيم الجمهورية والديمقراطية محل تساؤل”، ليضيف “بات من الضروري على مسلمي فرنسا أن يصوتوا لأداء واجبهم، وعليهم أن يكونوا على وعي وتستيقظ ضمائرهم، لأن بطاقة اقتراعهم ستصنع الفارق وتحدث تغييرات، فهي تشكل سلاحا للبناء القوي للتعايش معا وسط الاحترام المتبادل”.وفي السياق ذاته، ذكَّر المؤرخ بحالة الطوارئ المعلنة في فرنسا وكيف أعادت من جديد مناخ القلق المستمر الذي يعيشه مسلمو فرنسا، هؤلاء أصبحت لديهم صعوبة للتطلع في هذا البلد، في ظل المداهمات المتواصلة وتخريب المساجد وغلقها والاعتداء الجسدي على أشخاص بسبب انتماءاتهم الدينية وأصولهم المغاربية المسلمة، لتتنامى في المقابل أفعال الإسلاموفوبيا على خلفية المأساة التي عاشتها باريس في 13 نوفمبر الفارط، والتي ضربت كل الفرنسيين دون تمييز بين الأصول والديانات أو لون البشرة، وزعزعت التوازن الذي اختل من جديد منذ هجمات جانفي 2015.برونو بشيزا مرشح الجمهوريين بسان سانت دوني وعمدة أونلي سو بوا “اليمين المتطرف لن يجتاز الدور الثاني”أوضح برونو بشيزا، مرشح الجمهوريين بمقاطعة سان سانت دوني، وعمدة أونلي سو بوا،لـ“الخبر” أن الانتخابات الجهوية حسمت لصالح حزبه، منتقدا الحزب الحاكم الذي ينتهج سياسة منافقة حسب تعبيره.وأضاف برونو بشيزا أنه بالرغم من أنه لا يضع ثقته في استطلاعات الرأي التي وصفها بالخطأ على الهامش، فإنه متيقن بأن النتيجة ستكون لصالح حزبه بالأغلبية، والمعادلة التي ستقام ستتعلق بأصوات ناخبي الحزب الاشتراكي الحاكم التي ستتزحلق نحو اليمين كبديل، وهذا ما يتم تسجيله إحصائيا وسياسيا، بالرغم من اكتساب فرانسوا هولاند لبعض النقاط وارتدائه قبعة “رجل حرب” وغياب مترشحيه عن الميدان.وأشار برونو بشيزا إلى أن من المستحيل أن يظفر حزب الجبهة الوطنية لليمين المتطرف بالمناطق الجهوية، وحتى لو أظهرت استطلاعات الرأي فوزه في الدور الأول في منطقة جهوية واحدة أو اثنتين، فإنه لن يمر للدور الثاني، وتوسعه ببضعة نقاط لا يعادل حصوله على 50 نقطة لاجتياز عتبة الدور الثاني.عمدة بلدية بلوا من الحزب الاشتراكي مارك غريكور لـ “الخبر” “للتطرف وجه ديني وآخر سياسي وعلينا محاربة تطرف لوبان”قال عمدة بلدية “بلوا” من الحزب الاشتراكي مارك غريكور لـ “الخبر”، إنه مجرد التمسك بموعد الانتخابات الجهوية يعد تفوقا على الإرهاب، خاصة بعد مرور باريس وسان سانت دوني بمأساة يوم 13 نوفمبر، مؤكدا ضرورة التشبع بقيم الجمهورية التي تعد في حد ذاتها قيما عالمية، وعدم السماح لهؤلاء الإرهابيين بفرض منطقهم. وبالعودة إلى الانتخابات الجهوية، أوضح المتحدث أن تأكيد القيم الديمقراطية يعني محاربة كل أشكال التطرف، سواء أكان التطرف دينيا أو سياسيا، ويأسف عمدة بلدية بلوا بشدة لتواجد المتطرفين دينيا في نفس الموقف مع المتطرفين السياسيين، ولهذا يجب محاربة الظاهرة، خاصة مع وجود متطرفين واستعراضات مارين لوبان التي لا تتوانى عن مهاجمة قيم الجمهورية، وهي الفرصة التي تمكن الفرنسيين خلال هذه الفترة الانتخابية من تذكير الناخبين بأنها أجمل استعراض ديمقراطي من أجل مواصلة الحياة.ويعتقد غريكور أن أغلبية الفرنسيين، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية وميولهم السياسية، يساندون الرئيس هولاند أمام هذه الوضعية، والوحدة الوطنية هي سيدة الموقف منذ 13 نوفمبر، مؤكدا “لا توجد أي خسارة للحزب الاشتراكي قبيل موعد الحسم، نعمل على توعية الشباب بأن الحزب الاشتراكي لا يزال يركز على الأولويات على المستوى المحلي، وما تم إجراؤه، وما هو برنامج المقاطعة وكل السياسات التي تحملها المنطقة حول المسائل الاجتماعية والتعليمية، وما تتم ملاحظته اليوم أن الحزب الاشتراكي يشهد وحدة جد قوية مقارنة باليمين الذي انزعج مؤخرا بجملة من المواضيع”.أمين عام “اتحاد الجمعيات المسلمة 93” بسان سانت دوني لـ “الخبر” “نفور كبير لمسلمي فرنسا من الانتخابات ولا حديث سوى عن المداهمات”كشف الأمين العام لدى “اتحاد الجمعيات المسلمة 93” بسان سانت دوني أمحمد هنيش لـ “الخبر”، عن احتمال نفور ومقاطعة أعضاء الجالية المسلمة للانتخابات الجهوية المقررة يومي 6 و13 ديسمبر الجاري، نظرا لحالة الطوارئ التي تعيشها الجالية المسلمة منذ الهجمات الأخيرة التي طالت باريس وسان سانت دوني، موضحا بأنه يوجد وصف لحالتين اثنتين خلال فترتين مختلفتين.تتعلق الفترة الأولى بما قبل الاعتداءات، إذ كانت تخيم عليها تقريبا أجواء عدم مبالاة وقلة اهتمام بالانتخابات الجهوية، تخللتها بعض الانطباعات العامة التي كانت توحي بالامتناع عن التصويت باستثناء الأقلية من أعضاء الجالية التي كانت تنوي المشاركة “عقابا” للحزب الاشتراكي، لكن هذه النظرة تغيرت جملة وتفصيلا خلال الفترة الثانية ما بعد 13 نوفمبر، حيث أصبح مسلمو فرنسا يعيشون الخوف في ظل حالة الطوارئ التي لم تمس غير المسلمين من الفرنسيين، مضيّقة الخناق على حريات الجالية المسلمة فقط، بدليل ما أسفرت عنه المداهمات التي فاق عددها 2000 مداهمة داخل الأوساط الإسلامية بنسبة 100%، بدأت بالمساجد، والغريب أن الأمر تطور وأصبحت التفتيشات تطال منازل الأئمة، كما هو الشأن بالنسبة للإمامين العاملين في سويسرا ويقطنان في فرنسا، مرورا بتفتيش العشرات من الشقق داخل العمارات والمساكن لأعضاء الجــالية. وأضـــاف هنيش أن الحديث العام الذي يطغى على جلسات ولقاءات أفراد الجالية، وحتى على مواقع التواصل الاجتماعي، يتمحور حول المداهمات وتضييق الحريات وحالة الطوارئ، ولا يوجد أي حديث عن الانتخابات بالرغم من استئناف الحملة من قبل الجمهوريين واليمين المتطرف الأسبوع الفارط والحزب الاشتراكي مباشرة بعد التكريم الوطني، إلا أن المشكلة اليوم تكمن في اقتراب الموعد هذا الأحد، لذا لم يتسن لأفراد الجالية المسلمة الاطلاع على البرامج الانتخابية التي أخرجتها من أولوياتها، واستبدلتها بمسائل الأمن والتطرف والإرهاب، وهي المواضيع التي لا تدخل في صلاحيات المجالس الجهوية، بدل الاهتمام بالثانويـات والتكوين المهني والنقل التي تهم ناحية “إيل دو فرانس” وكل نواحي فرنسا على العموم، معتقدا أن الجـالية ستعبر عن صدمتها وخداعها من قبل الحزب الاشتراكي الحاكم نظرا لما يحدث اليوم داخل أوساطها، والأمر الذي كانت تتخوف منه وما سيقوم به اليمين المتطرف أو رئيس المعارضة ساركوزي إذا عاد من جديد إلى سدة الحكم قد حدث فعلا، لكنه أتى من زاوية أولئك الأشخاص الذين كان مسلمو فرنسا يعتقدون بأنهم حماة ومدافعون عنهم، والحــزب الحاكم بصدد تطبيق ما كان يتوعد به اليمين المتطرف لمارين لوبان وما كان يخفيه ساركوزي. “حسب ظني ربما ستقاطع الجالية الانتخابات أو ستختار بعض القوائم التي ليس لها حظوظ كبيرة كتلك التي تمثل الصوت العربي الإسلامي”، متأسفا لتهميش “الوزن الثقيل” للأصوات العربية المسلمة التي تهيمن بنسبة كبيرة على ناحية إيل دو فرانس.وقال المتحدث إنه خدمةً لمصلحة أفراد الجالية المسلمة، قام اتحاد الجمعيات المسلمة بحملات تحسيس بالانتخابات منذ شهر رمضان، فتمت دعوة مرشحة الجمهوريين بناحية “إيل دوفرانس” فاليري بيكريس التي وعدت آنذاك بأن تلتزم بعلاقة مميزة مع المسلمين مغايرة تماما لليمين المتطرف وحتى اليمين الكلاسيكي، ومن ذلك موقفها المؤيد لارتداء الحجاب داخل الجامعات، قائلة إنها ستمنع كل المضايقات التي تصب في هذا النطاق، مخالفة تماما رئيس حزبها (ساركوزي).وأفاد محدثنا أن من أوليات الاتحاد اليوم تقديم المساعدة للمساجد المغلقة وللأشخاص الموضوعين تحت الإقامة الجبرية، والمهددين بخسارة وظائفهم، بمن فيهم عمال بمطار “شارل ديغول”، مع الحرص على تجديد العلاقات مع الساسة، بداية بتحسيس أعضاء الجالية خلال خطبتي اليوم الجمعة بأهمية مشاركتهم بقوة في هذه الانتخابات للحفاظ على وزنهم الثقيل داخل المجتمع، وبصناعتهم الفارق خاصة في الوقت الراهن.القيادي في حزب اتحاد المسلمين الديمقراطي نزار بورشدة “الجبهة الوطنية تعمل مع الإرهاب”اعتبر الأمين العام لدى اتحاد المسلمين الديمقراطي الفرنسي، نزار بورشدة، تموقع تنظيمه السياسي داخل الحلبة السياسية الفرنسية نجاحا كبيرا، حيث يعد كمشاركة أولى سابقة من نوعها على مستوى الانتخابات الفرنسية بالنسبة لاتحاد المسلمين الديمقراطي الفرنسي، مبرزا أن الحزب بلغ أهدافه المسطرة بمجرد إيداع قائمة مرشحيه، والدعوة إلى التلاحم بين أفراد المجتمع الفرنسي بعدما ألقت الهجمات الأخيرة بظلالها على الانتخابات الجهوية، وتركت أثرا كبيرا، كونها مست أعضاء الحزب أولا لأنهم فرنسيون ثم لأنهم مسلمون.وقال بورشدة إن الحزب من بين الحركات المسلمة الأولى التي اعتمدت شعار “العمل معا” ولم يكتف بالتعايش معا فقط، وإنما المرور للفعل، متلقيا المساندة من قبل الآلاف من الفرنسيين الذين شجعوهم ودعوهم إلى مواصلة النضال، معتبرين بأن هذه المبادرة السياسية ذات أهمية في الانتخابات الفرنسية بالنسبة لمسلمي فرنسا الذين سيجدون ضالتهم في اتحاد المسلمين الديمقراطي الفرنسي.ويعتقد المتحدث أن “الجبهة الوطنية” تعمل اليد في اليد مع الإرهاب لأنها تريد وتتمنى التشتت بين أفراد المجتمع الفرنسي، بينما يسعى اتحاد المسلمين الديمقراطي الفرنسي إلى الوحدة. وبعيدا عن نتائج الانتخابات، يقول بورشدة، فإن الجميع بمختلف دياناتهم مهزومون اليوم، وكل واحد فقد أحدا من أقاربه، وحتى فرنسا كانت هشة بدليل الإجراءات المتخذة في حالة الطوارئ، إذ فاق عدد المداهمات 2000 مداهمة مست مطاعم “الحلال” والمساجد، وكذا الاعتقالات، مضيفا بأن اتحاد المسلمين الديمقراطي الفرنسي ضد حالة الطوارئ التي تخول رجال الشرطة الصلاحية الكاملة، وتجعل العدالة الغائب الأكبر عن الساحة.وأردف بورشدة أن أثر الهجمات كان معتبرا جدا، إذ لا يخلو النقاش وسط الطبقة السياسية من الحديث عن الأمن والملاسنات بين أحزاب المعارضة والحزب الحاكم حول من أقر بذلك الأول، بينما ينبغي التريث وتنظيم نقاشات في هدوء حذر، فإجراءات الأمن الاستعجالية تم اتخاذها دون أي تفكير، إلى أن وصل الحد إلى تخريب المساجد، في وقت يعلم الجميع أن هؤلاء المتطرفين دينيا لم يلتحقوا البتة بالمساجد، فكان من الأجدر “مداهمة” السجون حيث ترعرع هؤلاء الدمويين.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات