يقول الأستاذ محمد راتب النابلسي: قال الله سبحانه وتعالى: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} سورة المدثر.التّكذيب النّظري قليل، أمّا الخطير فهو التّكذيب العملي، ما التّكذيب العملي؟ أن تقول أنا مؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنّبيّين، لكنك تفحص عمله فلا يدخل اليوم الآخر في حساباته أبدًا، يعني مثلاً الّذي يأكل مالاً حرامًا كافرٌ عمليًا بيوم الدّين، عمليًا لا نظريًا، الّذي يعتدي على أعراض النّاس مكذبٌ عمليًا بيوم الدّين، أضرب مثلا: إنسان ذهب إلى طبيب وصف له وصفة، أمّا هذا الإنسان لطيف جدًّا وذكي جدًّا، أثنى على هذا الطبيب ثناء لا حدود له، أثنى على علمه وإخلاصه و.. لكن لأنّه لم يشترِ هذا الدّواء فهو مكذبٌ بعلمه، مهما أثنى عليه، حينما لم يشترِ الدّواء، لأنّه غير قانعٌ به، هذا الثّناء لا قيمة له، هذا الثّناء لا وزن له إطلاقًا: {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} سورة المدثّر.العاقل هو الّذي لا يفاجأ، كلّ إنسان فوجئ بالموت، فوجئ باليوم الآخر، هذا إنسان غير عاقل، لأنّ كلّ نشاطه وكلّ حساباته على أنّه لن يموت، فإذا جاء الموت أصيب بصعق.{حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} سورة المدثر. من الطرائف أنّ أحد الصحابة قال لسيّدنا عمر، وهو صحابي: إنّني أكره اليقين، وإنّني أصلّي بغير وضوء، وإنّني أفرّ من رحمة الله، ولي في الأرض ما ليس لله في السّماء، سيّدنا عمر عجب من هذا القول، وإلى جانبه سيّدنا عليّ، فقال له: يا أمير المؤمنين إنّه يُصلّي على النّبيّ بغير وضوء، وإنّه يكره اليقين وهو الموت، ويفرّ من المطر وهو رحمة الله عزّ وجلّ، وله في الأرض زوجةٌ وولدٌ، ما ليس لله في السّماء.إذا ورد المنقول بما يُخالف المعقول، لابدّ من تأويل المنقول بما يوافق المعقول، وإذا ورد المنقول بما يخالف المعقول، لابدّ من تأويل المنقول.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات