+ -

نقل، أمس، عمال مؤسسة الرويبة غضبهم إلى الشارع، للمطالبة بأجورهم المتأخرة، حيث دخلوا في مواجهات مع عناصر مكافحة الشغب لقوات الدرك الوطني، الذين حاولوا منعهم من الخروج إلى الشارع، بعد قيام العشرات منهم بالتدافع نحو الطريق الوطني الرابط بين الرويبة ووسط العاصمة، ما خلق حالة احتقان، استعملت خلالها عناصر الدرك القوة وأسفرت عن إصابة 12 عاملا بجروح متفاوتة وتوقيف 24 آخرين. بدت المنطقة الصناعية بالرويبة شبه مغلقة منذ الصباح، حيث ركنت شاحنات الدرك الوطني بعيدا عن مؤسسة السيارات الصناعية “أس. أن. في. إي” بمسافة طويلة تحسبا لأي طارئ، خاصة أن المنطقة الصناعية لمنطقة الرويبة أصبحت مصدر قلق السلطات، بالنظر إلى عدد المؤسسات التي تنشط بها بالإضافة إلى التضامن السائد بين عمالها، بحيث تعتبر أحد معاقل النضال النقابي في الجزائر.في حدود العاشرة و45 دقيقة، كانت قوات مكافحة الشغب التابعة للدرك الوطني في أخذ ورد مع المحتجين، وكنا نشاهد من بعيد هؤلاء وهم يحاولون منع المحتجين من الخروج إلى الطريق، وعند وصولنا إلى بوابة المؤسسة اتضحت الرؤية أكثر عبر الطريق الذي تبين فيما بعد أنه كان مكانا للاحتجاج الذي ملأته الحجارة ذات الحجم الصغير، في مشهد يشبه إلى حد كبير مشهد الانتفاضة الفلسطينية، وهي الحجارة التي استعملها المحتجون بعد منعهم من قطع الطريق الرابط بين منطقة الرويبة ووسط العاصمة.حاولنا الدخول إلى المؤسسة للحديث مع المحتجين والأسباب التي دفعتهم إلى ذلك، وقد وجدنا قوات الدرك تطوق الباب الداخلي للمؤسسة، وحالت الغازات المسيلة للدموع دون تمكننا من تغطية الحدث، واضطررنا للخروج. وبعد تلاشي تلك الغازات، حاولنا الدخول مرة أخرى من أجل التحدث مع العمال المحاصرين داخل ورشات المؤسسة، إلا أن فرق الدرك الوطني منعتنا من ذلك رغم محاولاتنا العديدة، بحجة أنه يمكننا ذلك بعد نهاية العملية. وكنا نشاهد في تلك اللحظة عملية التوقيفات المستمرة، فيما كانت سيارة الإسعاف تنقل الجرحى بين حين وآخر. بعد ذلك، كان لنا لقاء مع العمال ممن تمكن منهم من الإفلات من قبضة الدرك الذي أدخل زملاءهم بالقوة إلى الورشات ومنعهم من الخروج أو الإدلاء بأي تصريح.وأكد بعض المحتجين لـ«الخبر” أنهم التحقوا بمناصبهم بشكل عادي صباحا، واستفسروا عن سبب تأخر صرف أجرهم لشهر نوفمبر الذي تأخر بحوالي أسبوع، وبعدها توجهوا إلى المديرية العامة للمؤسسة للقاء المدير العام، إلا أن هذا الأخير رفض استقبالهم، وهو ما أجج الوضع ودفعهم إلى الدخول في احتجاج نقلوه إلى الشارع، بغلق الطريق الرابط بين الرويبة ووسط العاصمة، إلى أن حضرت قوات الدرك الوطني وفرقتهم. وحسب العمال دائما، فإن وضع الشركة لا يبشر بالخير، وقضية تأخير صرف الأجور كانت بمثابة “القطرة التي أفاضت الكأس”، خاصة أن التأخير تكرر كثيرا في الفترة الأخيرة دون أسباب واضحة.فحسب قول أحد العمال، فإن المؤسسة ستعرض للخوصصة، موضحا بقوله: “كلام كثير يثار داخل المؤسسة يؤكد أنها ستباع لأحد الخواص”، وربما ما يحدث، حسبه، أكبر دليل على ذلك، “فكيف لشركة وطنية بحجم سوناكوم يضخ بها مبلغ مليار دولار، لا تتحسن ظروفها ووضع العمال يسير من سيئ إلى أسوأ؟”، فيما تحدث آخر عن الإمكانيات قائلا: “أبسط الإمكانيات لا تتوفر عندنا، فنحن نعمل في صناعة ثقيلة ولا نتوفر على لباس الوقاية”، ناهيك عن اهتراء الورشات التي أصبحت تشكل خطرا بسبب تسرب المياه عبرها وملامستها لكوابل الكهرباء، فيما أشار عامل آخر إلى سوء الوضع بالمؤسسة من منطلق أن نشاطها تراجع كثيرا. وهم، من منطلق خوفهم على مستقبلها، ليس لأنها مصدر رزقهم فحسب، بل لأنها مؤسسة وطنية رائدة في صناعة السيارات الصناعية، يريدون معرفة الحقيقة، بالإضافة إلى “تمييز” بينهم وبين العمال التابعين للشريك الألماني.وفي سياق حديثهم عن الظروف الاجتماعية، تحدث أحد العمال عن الوضع الاجتماعي المزري في ظل غلاء المعيشة، قائلا: “العمال التفوا أمس بالاحتجاج لأن الكثير منهم لم يعد يجد ما ينفقه على أبنائه”، في الوقت الذي أقسم أحدهم بأنه التحق بالمؤسسة أمس وفي جيبه 50 دينارا لا أكثر.وندد المحتجون بقمع احتجاجهم، ما وصفوه بغير القانوني، كون قوات الدرك تصدت للعمال داخل المؤسسة، رغم أن القانون يمنع ذلك، وكان يفترض أن تتوقف مهمتهم خارجها، وهو الوضع الذي علق عليه أحدهم بالقول: “نحن من يصنع الشاحنات للجيش الوطني لتصبح بعدها مصدرا لضربنا”، في الوقت الذي ذكر ممثل نقابة المؤسسة، مصطفى بودكال، أن العمال طالبوا بأجورهم وهذا حقهم الشرعي، منددا هو الآخر بتعرض 12 عاملا لإصابات متفاوتة جراء المشادات، في حين تم اعتقال حوالي 24 عاملا، مضيفا أنهم أضربوا عن العمل في المساء احتجاجا على اعتقال زملائهم واحتجاز العمال من قبل الدرك الوطني.وفي أول ردة فعل على هذا الاحتجاج، ندد مجلس ثانويات الجزائر، في بيان أصدره أمس، بالقمع الذي قوبل به عمال مؤسسة “سوناكوم” بالرويبة، الذين خرجوا في مسيرة سلمية للمطالبة بحقوقهم المهنية. واعتبر “الكلا” هذا الأمر مساسا بالحق النقابي، مبديا تعاطفه وتضمانه الكبير مع العمال والنقابيين، ومطالبا بالإفراج عن الموقوفين وتوقيف المتابعات ضدهم.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات