الأمانة الّتي ناط الله بها فطرة الإنسان، والّتي أبت السّماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، هذا الّذي أراده سبحانه وتعالى أن يكون له في الأرض خليفة ليصلح ويزرع الخير ويزيل كلّ فساد.هي أمانة الهداية والمعرفة والإيمان بالله عن قصد وإرادة وجهد واتجاه. فهذه أمانة الفطرة الإنسانية خاصة... وهذه أمانة حملها وعليه أن يؤدّيها أوّل ما يؤدّي من الأمانات.. ومن هذه الأمانة الكبرى، تنبثق سائر الأمانات: أمانة الشّهادة لهذا الدّين في النّفس أوّلاً بمجاهدة النّفس حتّى تكون ترجمة له في شعورها وسلوكها ويرى النّاس صورة الإيمان في هذه النّفس. فتكون هذه الشّهادة حينئذ دعوة النّاس إليه وبيان فضله ومزيّته بعدما تكمل هذه الفضيلة في نفس الدّاعية. ثمّ الشّهادة لهذا الدّين بمحاولة إقراره في الأرض منهجًا للجماعة المؤمنة، ومنهجًا للبشرية جميعًا.ومن هذه الأمانات الدّاخلة في ثنايا ما سبق أمانة التّعامل مع النّاس، وردّ أماناتهم إليهم: أمانة المعاملات والودائع المادية. وأمانة النّصيحة للرّاعي وللرّعية وأمانة القيام على الأطفال النّاشئة، وأمانة المحافظة على حُرمات الجماعة وأموالها وثغراتها.. فأمانة الإمام العدل، وأمانة الغني السّخاء والإنفاق، وأمانة العالم الجهاد بالقلم والفِكر والسّيف عند الحاجة. فإذا حصل العدل من الأمراء والسّخاء من الأغنياء والعفّة من الفقراء والشّجاعة من العلماء، فظهر الأرض خير لنا من بطنها وإلاّ فالحياة جحيم وفتن والأمّة في عذاب واضطراب.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات