لاحظوا أن الإرهاب تعاظم شأنه في العالم العربي والعالم أجمع عندما تراجع دور الدولة الوطنية في العالم العربي أمام تعاظم الدور القيادي في العالم العربي للأمراء والملوك العرب الذين يبنون سياسة بلدانهم على البديل الإسلاموي الوهابي أساسا!الغرب الذي يضربه الإرهاب اليوم كإعصار كاسح هو الذي تعاون مع الأمراء والملوك العرب للإطاحة بالدول الوطنية في العالم العربي، الغرب هو الذي أنهى الدور الريادي المصري للعالم العربي في الستينيات والسبعينيات بواسطة مساعدة إسرائيل على إنهاء الدولة الوطنية في مصر عبر الحروب الخمس التي تعرضت لها مصر.والغرب هو الذي تعاون مع دول خليجية على إنهاء العراق كدولة بحجة عداوة صدام لمصالح الغرب في الخليج... والغرب هو الذي تعاون الآن مع دول خليجية في إدخال ليبيا إلى الحالة التي هي فيها الآن، حيث عشش فيها إرهاب داعش، وقد كان هذا البلد في مأمن من هذه الظاهرة... وخليجيون هم من ساعد الغرب على خلق داعش في سوريا وخلق النصرة والجيش الحر للإطاحة بالنظام الفاسد في سوريا؟!هل أنظمة الخليج ليست فاسدة هي الأخرى وهي تدفع المنطقة بسياساتها إلى ما هي عليه الآن في سياق التحديث بالفوضى الخلاقة.!لا نفهم أبدا كيف يرفض الغرب أن يحكم العالم العربي إسلاميون خوفا من أن يفيض العالم العربي بإسلامه على أوروبا الآمنة ويحولها إلى دار حرب... ويقبل هذا الغرب أن يحكم العالم العربي أمراء متحجرون دينيا في الوهابية؟!كيف يتعاون الغرب مع خليجيين للإضرار بالدول الوطنية في المنطقة ولا يقبل داعش والنصرة والجيش الحر المسلح والقاعدة وما شابهها من التنظيمات التي هي من صنع هذه الإمارات التي يتعاون معها الغرب...؟!كيف يرفض الغرب حكاية تعبير الأقليات الإسلامية في أوروبا عن خصوصيتها وهو الذي يشجع الأقليات في الدول العربية في التعبير عن خصوصياتها؟!على الغرب أن يستخلص العبرة مما يحدث الآن وخاصة أوروبا... ففي الخمسين سنة الماضية كانت المعركة مع بقايا الاستعمار شرسة وعبر حروب تحرير عديدة، لكنها كانت وطنية وتسمو المعركة بنبلها فوق النعرات العرفية والدينية لأنها كانت معركة وطنية... لكن اليوم في ظل قيادة الأمراء للقاطرة العربية بمباركة وتشجيع من الغرب.! بل وبالتعاون معه ضد الدولة الوطنية أو القومية باتت النعرات والمذاهب الدينية تمزق أوصال الدول العربية وتضرب بشظاياها حتى الجيران والأصدقاء من الدول الأخرى. وعلى الغرب أن يستخلص الدرس اليوم والإقرار بأن “المونارشيات” الدينية لا تصلح لقيادة العالم العربي الحديث... ولعل ديكتاتورية الدولة الوطنية أفضل بكثير من دموية وديكتاتورية “المونارشيات” الدينية البائسة. حتى ولو غلفت بمساحيق المنجزات البترولية الهائلة التي حمت الفساد والاستبداد وشرعنته دينيا وسياسيا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات