سعداني يعتدي على صلاحيات الرئيس بوتفليقة ويتحدث بشيء جديد في موضوع الصحراء الغربية. ويحرج سعداني بتصريحاته الحكومة الجزائرية عندما فُهمت بأنها بداية تحوّل في سياسة الجزائر من موضوع الصحراء الغربية، وأن هذا التحوّل أعلنه سعداني المقرب من جماعة الرئيس، الذي أطاح “بالدياراس”، الذي يعتبره المغرب النواة الصلبة في موضوع التشدد الجزائري في قضية الصحراء الغربية... !المغرب تلقف تصريحات سعداني وبنى عليها حملة آمال إعلامية واسعة ذهبت إلى حد التبشير بتغير جذري للموقف الجزائري من الصحراء الغربية، قد يعادل أو يفوق الموقف الذي بشّر به المرحوم بوضياف العرش المغربي أثناء زيارته المغرب وحضور عرس ابنه هناك!سعداني فعلا وضع الحكومة الجزائرية والرئيس بوتفليقة تحديدا في حرج بتصريحاته التي هي شطحة ڤناوية بلا محارم! فما كان من الحكومة الجزائرية إلا التحرك لتصحيح إيقاع الرقص السعداوي على أنغام لڤناوي، من خلال تصريحات وزير الشباب والرياضة، الهادي ولد علي، والتي كانت شبه مكشوفة في الرد على الحملة المغربية التي أثارها سعداني بتصريحاته.. حتى برلمان الحفافات فقد انبرى رئيسه، وهو يمثل حزب سعداني في هذا البرلمان، انبرى للتنصل من أقوال سعداني، بما يوحي بأنه كلف بتصحيح ما أفسده سعداني باسم الأفالان. وبقي أن نسأل لماذا فعل سعداني هذا؟!أولا: ما صرح به سعداني هو قناعة سابقة عنده وليست جديدة، وكل ما جد في الموضوع هو أنه حوّل قناعته الشخصية إلى قناعة الحزب الحاكم، الأفالان، وبالتالي ألزم الحزب ورئيسه بالموضوع، أو هكذا يعتقد من يعتقد “خطأ” أن سعداني أذنه في فم الرئيس بوتفليقة. سبق لسعداني أن رفض استقبال برلمان الجمهورية الصحراوية عندما كان رئيسا لبرلمان الجزائر. بل واستقبل بدلا عنه وبموازاته سفير المغرب بالجزائر! إنه اليوم يلعب دور صفوت الشريف مع مبارك، وقد يكون مصيره نفس مصير صفوت الشريف رغم ذكائه الوراثي من السوافة !ثانيا: بعض طويلي اللسان قالوا: إن الموقف الأخير لسعداني هو محاولة للبحث عن ملجأ يأوي إليه عندما يغادر الأفالان، أي أنه يريد فتح مصنع للقرميد هو الآخر في القنيطرة، كما فعل بوضياف رقم واحد في الأفالان عندما أبعد منه! ولهذا أخرج قناعته إلى العلن وصرّح بما صرّح به !ثالثا: سعداني قد يكون هو الآخر ضحية... فقد نفخه (الشيّاتون) في الأفالان من رجال المال الفاسد من أمثال أحمد عز وغيره، فأصبح سعداني يرى في نفسه الخليفة لبوتفليقة! ولهذا قال ذات مرة: إن الأفالان سيكون له مرشحه الخاص... وهذا معناه أن سعداني تأكد بأن بوتفليقة لن يترشح لعهدة خامسة، ولذلك أغلق بتصريحه هذا الباب أمام السعيد بوتفليقة وأمام أويحيى وأمام سلال... ولم يبق إلا هو قابلا للترشح باسم الأفالان... على اعتبار أن الأفالان الآن ليس فيه من باستطاعته أن يرشحه سعداني؟!رجال المال الفاسد هؤلاء الذين يحيطون بسعداني هم من أقنعوه بالتعاطي مع المغرب عبر ورقة الصحراء الغربية، لأن المغرب علاقته قوية باللوبي اليهودي في فرنسا وفي أمريكا، خاصة وأن الرئيس القادم للجزائر، كل الملامح تدل على أنه ستنتخبه أمريكا وفرنسا قبل الشعب الجزائري، والمغرب يمكن أن يلعب هذا الدور المطلوب، مقابل التعهد بحل مشكل الصحراء لصالح المغرب ! ولهذا هلّل الإعلام المغربي بتصريحات سعداني. خارج هذا التصور لا يمكن أن نفهم لماذا يتحدث سعداني باسم الأفالان وهو ليس زعيمها، هو مجرد “سكريتور”، ورئيس الجبهة الفعلي هو بوتفليقة.. وبوتفليقة، حسب ما نعرفه ونعرف قناعاته، لا يمكن أن يكون راضيا أو حتى موافقا على ما قاله سعداني بخصوص الصحراء الغربية.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات