38serv
لو تعقد لنا مقارنة بين أحداث 11 سبتمبر وتفجيرات باريس من ناحية تأثيرها على الوجود الإسلامي وصبغه بالتطرف والإرهاب؟ عندما وقعت أحداث 11 سبتمبر 2011 في نيويورك، وراح ضحيتها مدنيون من كل الديانات، وقتها جاء من يقول لي: إن كل ما أنجزناه من أعمال لتثبيت مكانة العرب والمسلمين في أمريكا سنخسره، لأن صورتنا سيتم تدميرها وسيتم صبغنا بالتطرف والإرهاب، وسيتم التعاطي معنا في سياق هذه الاتهامات. منذ ذلك التاريخ والمسلمون في أمريكا والعرب على وجه الخصوص يدفعون الثمن، حيث تراجعت إنجازاتهم هناك، وأصبحوا في دائرة الاستهداف والملاحقة، بعد أن نجح الإعلام الصهيوني في إلباسهم ثوب الشيطان. اليوم تأتي أحداث باريس المأساوية لتعقيد مشهد الإسلام والمسلمين، والتحريض على الوجود الإسلامي هناك وتشويه صورته، وبدل أن تفتح أوروبا أبوابها للمهاجرين وتنتصر لقضايانا سوف تتحول لملاحقتنا، وسد أبواب الحركة والعمل في وجوهنا، ما وقع هو عمل إرهابي مـــــدان، ولا يمت لديننا بصلة مــــــن قريب أو بعيد.هناك من يقول للشعب الفرنسي هذه نتيجة سياسة حكومتكم الداعمة للفوضى والإرهاب، كيف ترى هذا الحديث في ظل سياسة فرنسا في المنطقة؟ نحن لا نعفي فرنسا من بعض سياساتها التي تستفز المسلمين وتستدعي غضبهم، لكننا نتحدث عن تفجيرات وأعمال دامية طالت أبرياء وأناسا آمنين. بغض النظر، الحكومة الفرنسية نحن لا نبرئها من أخطاء كثيرة، ولكن الدولة هي التي تتحمل هذه المسؤوليات والتاريخ هو الذي يحكم على فرنسا في سياستها تجاه قضايا الأمة العربية والإسلامية، لكن يجب أن لا يكون ذلك تبريرا لاستهداف المدنيين وقتل الأبرياء، نحن كمسلمين عندنا منظومة قيمية مختلفة عن الغرب، حتى وإن أساء الغرب إلينا كمسلمين، ما زال يدمر بلادنا وأساء إلينا ولازال يرتكب الكثير من الحماقات في بلادنا العربية، لكن ليس هذه أخلاقنا كمسلمين.أين فلسطين والاحتلال من هذه الأحداث؟ هذه الأحداث سيكون لها ما بعدها وستطبل لها إسرائيل وتستغلها في المزيد من التحريض على المقاومة والفلسطينيين، ونحن سندفع أثمانا غالية بالتأكيد في علاقتنا، فرنسا بشكل عام تقف مناصرة للقضية الفلسطينية، الفرنسيون متعاطفون بشكل كبير مع القضــية الفلسطينية ومع الشعب الفلسطيني، وأنا أعتقد أنه سيتسبب في تراجع الدعم.كيف ترى مستقبل العلاقة بين الجالية المسلمة والفرنسيين؟ بالتأكيد هذا سيخلق الكثير من التعقيدات وخاصة الفرنسيين من أصول عربية، مثلما حدث معنا في أمريكا، ولا زلنا نعاني حتى اليوم من قضية التمييز وتغييب الحقوق المدنية، بسبب هذه الشكوك تجاه العرب والمسلمين، بشكل عام، ولذلك أنا أتوقع أن هذه الأمور تحصل في فرنسا بعد أحداث باريس، والجاليات سوف تعاني بشكل أو بآخر، وإن كانت طبيعة وضع الجالية العربية المسلمة أكثر استقرارا في فرنسا منها في أمريكا، لكن أيضا سيعاني الكثيرون من قضية الإسلاموفوبيا (الخوف الوهمي من الإسلام) وظواهر التمييز العنصري وأحداث باريس ستثقل كاهل الجالية العربية المسلمة في فرنسا.في هذه الحالة كيف يجب أن تتصرف الجاليات العربية؟ دون شك يجب إدانة هذا العمل باعتباره عملا إرهابيا، وليس له علاقة لا بالدين ولا بالأخلاق، ونحن نتبرأ منه كجاليات عربية في فرنسا، وأن تعبر عن تعاطفها مع الضحايا، وتكون هذه الإدانة موجودة في صفحات الجرائد والإذاعة والتلفزيون، يجب أن يعلم الفرنسي أن من قام بهذا العمل هو الذي يتحمل مسؤوليته ويجب ألا يتم تحميل الجريمة للعرب والمسلمين الموجودين في فرنسا.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات