38serv

+ -

 لقد جاء الإسلام لينادي بإنسانية واحدة تذوب فيها الفوارق الجنسية والجغرافيا لتلتقي في عقيدة واحدة نظام اجتماع واحد وكان هذا غريبًا على ضمير البشرية وتفكيرها وواقعها يوم ذاك. والأشراف يعدّون أنفسهم من طينة غير طينة العبيد.. ولكن ها هي البشرية تحاول أن تقفوا خُطى الإسلام فتتعثّر في الطّريق، لأنّها لا تهتدي بنور الإسلام الكامل ولكنّها تصل إلى شيء من ذلك المنهج ولو في الدّعاوى والأقوال، وإن كانت ما تزال أممًا في أوروبا وأمريكا وإفريقيا وآسيا تتمسّك بالعنصرية البغيظة الّتي حاربها الإسلام منذ بعثة الرّسول الكريم إلى العالمين.ولقد جاء الإسلام ليسوي بين جميع النّاس أمام القضاء والقانون في الوقت الّذي كانت البشرية تفرّق النّاس طبقات، وتجعل لكلّ طبقة قانونًا، بل تجعل إرادة السيد هي القانون في عهدي الرق والإقطاع.. فكان غريبًا على ضمير البشرية يوم ذاك أن ينادي ذلك المنهج السّابق المتقدم لمبدأ المساواة المطلقة أمام القضاء، ولكنّها هاهي ذي شيئًا فشيئًا تحاول أن تصل ولو نظريًا إلى شيء ممّا طبَّقه الإسلام عمليًا منذ ظهوره بأنواره.وغير هذا وذلك كثير يشهد بأنّ الرسالة المحمدية كانت رحمة للبشرية وأنّ سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم إنّما أرسل رحمة للعالمين من آمن به ومن لم يؤمن به على السّواء. فالبشرية كلّها قد تأثّرت بالمنهج الّذي جاء به طائعة أو كارهة شاعرة أو غير شاعرة، وما تزال ظلال هذه الرّحمة وارفة، لمَن يُريد أن يستظل بها ويستروح فيها نسائم السّماء الرّخية وفي هجير الأرض المحرق وبخاصة في هذه الأيّام. وإنّ البشرية اليوم، كما قال الإمام الشّهيد سيد قطب رحمه الله: لفي أشدّ الحاجة إلى حسّ هذه الرّحمة ونداها وهي قلقة حائرة شاردة في متاهات المادية وجحيم الحروب وجفاف الأرواح والقلوب.

مقال مؤرشف


هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.

تسجيل الدخول باقة الاشتراكات